«العنود العلي».. قصة طفلة تحارب السرطان بالفن

لوحاتها سخية وباذخة الجمال، كأنها تقول "أريد أن أخذ حقي من الحياة عنوة"، هكذا جاء المعرض الفني (ملهمة)، الذي أقامته جمعية (جسفت)، للطفلة الملهمة العنود العلي، ذات الـ13 ربيعًا؛ لتقف الصغيرة بجسارة الكبار، تحقن الحضور بمصل المقاومة وإكسير القوة.

مشاعر والدة العنود العلي

أكدت أمل الشريف، والدة العنود العلي، أن بداياتها كانت قبل عام، أثر تجربتها العلاجية بمستشفى الملك فيصل التخصصي؛ إذ قالت: "أحيانا تحس بالألم، تزعل وتضايق، وكنا نفكر في طريقة لإفراغ هذا الكم من المعاناة، كنا نجلس فترات طويلة في التنويم".

وترى الشريف، أن المستشفى كان له دور فعال في إخراج هذا المكنون الفني، وأوضحت أن طفلتها كانت محظوظة، بأن تلامس شغفها للرسم، برنامج الخدمة الاجتماعية بالمستشفى، في تحفيز المبدعين من الحالات المرضية، بغية تنفيذ رؤيتها في العلاج بالفن.

وأضافت: "أثناء جولات كوادر الخدمة الاجتماعية على أقسام الأطفال، وأسئلتهم المتكررة عن شغف وأماني الأطفال، قالت طفلتي إنها تحب الرسم، وتتمنى أن تمتلك أدوات الرسم، وتمضي في هذا الجانب، فما كان من هذه الجهة بالتعاون مع مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي الخيرية إلا وأن تلبي رغبات العنود، وتوفير كافة الأدوات؛ لتبدأ العنود في رسم لوحات في غاية الجمال".

العنود العلي

وصنعت العنود، مرسمًا في غاية الاندهاش من غرفتها الصغيرة؛ لتعكف الطفلة برسم ٥٠ لوحة فنية في نهم، كأنها تحارب السرطان بكل ما أوتيت من قوة، لتنتج أعمال نالت إعجاب الفنانين التشكيليين.

لم تقف المستشفى والمؤسسة عند هذا الحد، بل أقيم معرض فني بالتعاون والإشراف لجمعية جسفت للفنون، وفي ختام المعرض تقوم بشراء كل الأعمال الفنية، لتزيد من تحفيز الطفلة.

المسؤولية الاجتماعية

من جانبها أكدت الأستاذة شيخة المهيدب؛ مسؤولة الاتصال المؤسسي بمؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي الخيرية ”وريف الخيرية”، أنهم سعيدين بالتواجد لافتتاح المعرض الثاني للفنانة العنود العلي.

وتوضح المهيدب، أن العنود ذات موهبة فريدة من نوعها، وتشير إلى أن أول لقاء معها كانت إثر انطلاق مبادرة (أمنيتي)، إحدى مبادرات (وريف الخيرية)، والتي تعني بتحقيق أمنيات المرضى بجميع الفئات العمرية، فكانت أمنية الطفلة العنود، بأن تقيم معرضها الأول وتشارك الجميع إبداعها.

وتضيف المهيدب: "بالتعاون مع قسم الخدمة الاجتماعية في مركز الملك فهد لأورام الأطفال وبدعم فريق المؤسسة؛ أقيم معرضها الأول و بيعت جميع لوحاتها".

وأوضحت أن مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي الخيرية "وريف الخيرية"، تعتبر الذراع الخيري للمؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وتصب كل جهود هـا وأهدافها الاستراتيجية لتحقيق النفع المجتمعي بما يخدم المريض أولًا. وتهتم تحديدًا برفع المعاناة عن المرضى واستبصار موضع الأثر في رحلتهم العلاجية.

لمسة شفاء

وفي السياق، عكست مها الصويان؛ مديرة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، سعادتهم بالجمعية، في إقامة معرض (ملهمة)، بالتعاون مع المستشفى.

وتقول الصويان، إن المستشفى وجهت لهم دعوة لاقامة معرض العنود الأول بالمستشفى وإشرافه فنيا، مما كانت دهشة المختصين بضخامة المنتوج الفني وبراعته، رغم صغر عمرها؛ حيث ضم ٤٨ عملًا، تم اقتنائها من إدارة المستشفى وبعض كوادرها الطبية، حسب الطويان. العنود العلي

موضحة أن ذلك كان لها أثرًا فعالا، في حالتها الصحية، وإقبالها للحياة بكل عنفوان، في وقت يشهد فيه العالم توجه كبير للعلاج بالفن. وأضافت: "اليوم نشهد ٤٨ عملا فنيًا، نسأل الله أن تكون لمسة شفاء لها".

تكنيك فني عالي

من جانبه، يرى الفنان التشكيلي هاشم الجمعان، أن أعمال الطفلة العنود، تسبق عمرها، مشيرا إلى أن إنتاجها في هذه الفترة الوجيزة رغم مرضها، لا ينتجها فنان في كامل قواه الصحية.

ويرى الجمعان، أن مثل هذه المعارض تشكل تحفيز قوي للأطفال ومنصة للنجاح والعالمية، مايعكس تمكين الفن خادم الحرمين الشريفين.

معرض نوعي

من جهته، يرى عبد الحميد الصالح؛ مستشار الجمعية العربية السعودية للفنون التشكيلية، أن المعرض نوعي وفيه نقلة كبيرة، امتدادًا لتحفيز هذه الجمعية المنبثقة من هذا المجتمع التواق للنماء دائمًا.

العنود العلي

وقال: "وجود هذه الفنانة بكل ما تعنيه لنا من معالجة الألم والقلق، ومحاربة هذا المرض الخبيث". ويرى الصالح، ضرورة فتح الجمعية آفاقًا واهتمامًا للانطلاق لقطاع الصحة، وتعزيز العلاج بالفن، مثمنًا دور منظمات المجتمع المدني، في دعم الحراك الثقافي، ممثلا ذلك باتخاذ العنود من المستشفى منصة انطلاق لها.

لوحات باذخة الجمال

وفي السياق، ترى الأستاذة ميسون أبو بكر؛ الكاتبة الصحفية والناقدة الفنية، أن رغم عمرها الفني، لايتجاوز عاما واحدًا، إلا أن لوحاتها باذخة الجمال، مشيرة إلى أن عمرها الفني، يسبق سنها، وينتظرها مستقبلًا واعدًا.

العنود العلي

وأضافت ميسون: "رأيت ألوان النساء في لوحاتها، من الفرح إلى الحزن، ثم الغضب، ربما كغضب العنود من المرض الذي تحدته، هي ورفيقاتها من نساء العالم، من قسوة الألم".

اقرأ أيضًا: فيلم قوارير يشارك في مهرجان مالمو للسينما العربية ضمن برنامج ليال عربية