من نجران إلى جدة.. حرفة النسيج السعودي بين الماضي والحاضر

تعد حرفة النسيج في المملكة العربية السعودية، جزءًا أساسيًا من تراثها الثقافي الغني والذي يرجع إلى العديد من القرون، ومع ذلك، يسعى هذا التراث إلى مواكبة التحديث والتطور الذي تشهده صناعة المنسوجات في الوقت الحالي.

صناعة المنسوجات السعودية

صناعة المنسوجات في المملكة العربية السعودية، هي إحدى الصناعات الاستهلاكية والتحويلية الخفيفة، وتشمل: الغزل وصناعة السجاد والخيام والعباءات والبطانيات والبشاكير والملبوسات، وتعمل على تلبية طلب السوق المحلية المتزايد في هذا المجال.
وقد حددت اللوائح والأنظمة الوطنية في المملكة أنواع المنتجات النسيجية. وعرفتها بأنها: كل منتج تم تجميعه أو إنتاجه في صيغته الخام، أو شبه الخام، أو المصنعة، أو نصف المصنعة، وتتألف حصريًا من ألياف النسيج، بغض النظر عن عملية الخلط أو طريقة التجميع.

جودة المنتجات النسيجية لمنطقتي نجران وجدة

على سبيل المثال، اشتهرت منطقة نجران، بتميز منتجاتها النسيجية؛ حيث تفاخر أثرياء شبه الجزيرة العربية قديمًا بحصولهم على تلك المنسوجات وارتدائها في أعيادهم ومناسباتهم، ومنها “البرد” المعروفة بـ “الحبر النجرانية” التي كانت من أغلى الملابس ثمنًا في ذلك الوقت، وتماثل المشالح أو البشوت في الوقت الحاضر.
كما امتدت شهرة نجران، وتواصلت صناعاتها النسيجية التقليدية من مواد كثيرة، أبرزها: الصوف بأنواعه، وشعر الماعز، والوبر، والقطن والشاش، والكتان والحرير، مع تزيينها بعدد من النقوش. خصوصًا المنتجات المصنوعة من الصوف، ومن تلك النقوش: الصِبر، والحامي، والحاجب، والنترة الكبيرة والصغيرة، والفرخ، والبتحة.
وفي الآونة الأخيرة شهدت منطقة جدة التاريخية المعروفة بتراثها الثقافي والفني العريق نهضة ملحوظة وإعادة إحياء للصناعات التقليدية، ومن بينها فنون النسيج والحياكة اليدوية.

زيادة استثمارات المصانع بالمملكة

ووفق تقرير نشره موقع “سعوديبيديا”، زادت أعداد المصانع العاملة في قطاع المنسوجات بالمملكة. ليبلغ عدد منشآت صناعة المنسوجات والملبوسات والجلود عام 1430هـ، نحو 209 منشآت.
بحسب المؤشرات الاقتصادية، ارتفعت استثمارات المصانع عبر الأعوام. إذ بلغ عدد مصانع المنسوجات عام 2012م، نحو 94 مصنعًا، وارتفع العدد في 2013م، ليبلغ 98 مصنعًا، ثم بلغ 101 مصنع عام 2014م. وتراجع العدد عام 2015م، ليصل إلى 85 مصنعًا، قبل أن يرتفع في 2016م، إلى 93 مصنعًا.
حدث تطور مهم في إجراءات الاستثمار بصناعة النسيج، خلال يونيو 2016م، إذ سمحت الحكومة السعودية للمستثمرين الأجانب بتملك 100% من تجارة التجزئة والجملة؛ ما أسهم في دفع عجلة النمو بقطاع النسيج بالمملكة.

تنوع فنون النسيج السعودي

كما تتنوع فنون النسيج السعودية، من الحرف اليدوية البسيطة إلى الفاخرة التي تستخدم في صنع الملابس والأثاث والسجاد والتحف.
ويتميز النسيج السعودي باستخدام الألوان الزاهية والتصاميم الهندسية والزخارف الجميلة والتي تعكس تاريخ المملكة العريق.
ومن أهم فنون النسيج في المملكة العربية السعودية:
القماش العريض: وهو نوع من القماش المنسوج يستخدم في تصنيع الأثاث والستائر، ويتميز بتصاميمه الزاهية والمبتكرة.
الحرير السعودي الفاخر: الذي يستخدم في صنع الملابس الفاخرة، والذي يتميز بجودته العالية وألوانه الزاهية.

تحديات تواجه النسيج

حيث تواجه حرف النسيج بالمملكة تحديات كبيرة في الوقت الحالي. إذ يشكل الطريق السريع للتحديث والتطوير تهديدًا حقيقيًا للحرف التقليدية.
وللحفاظ على هذا التراث الثقافي الغني. تعمل الحكومة السعودية على دعم حرفي النسيج وتقديم الدعم المالي لهم. كما تشجع على تطوير التقنيات الحديثة في صناعة النسيج.
بينما يتاح لحرفي النسيج استخدام هذه التقنيات الحديثة في صنع تصاميم جديدة ومبتكرة. ودون التخلي عن الجودة والتقاليد التي تميز هذا التراث الثقافي الغني.

تعزيز الاقتصاد المحلي

علاوة على ذلك، من خلال تنمية ودعم حرف النسيج، يمكن أن يلعب هذا التراث دورًا مهمًا في تعزيز الاقتصاد المحلي للمملكة العربية السعودية؛ حيث يمكن لصناع النسيج أن يصبحوا موردين للأسواق المحلية والدولية، وهذا يساعد على تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل للمجتمع المحلي

توعية الشباب بأهمية الحرفة

ومن المهم توعية الشباب في المملكة بأهمية حرف النسيج وتشجيعهم على تعلمها وتطويرها. حتى يستطيعوا الحفاظ على هذا التراث الثقافي الغني ونقله إلى الأجيال القادمة.
وكما ذكر موقع “مستقل”، يمكن لحرف النسيج السعودية تخطي العقبات التي تواجهها لتواصل التألق والتطور، دون التخلي عن الجذور التاريخية التي ترجع إليها.
وبذلك، يمكن أن يستمر هذا التراث الثقافي الغني في إثراء حياة الناس بالمملكة وفي جميع أنحاء العالم.

 

الرابط المختصر :