معهد العالم العربي في فرنسا يكرم أسامة خليل

باريس.. خالد سعد زغلول بحضور سعادة سفير مصر بفرنسا ومندوبها الدائم لدى اليونسكو السيد علاء يوسف، وكوكبة من المثقفين الفرنسيين والعرب ولفيف من الممثلين والممثلات، والمطربات والشعراء والفلاسفة والصحفيين، وأبناء الفقيد، وبالتنسيق مع دار النشر الفرنسية (L'Harmattan)، قامت مكتبة معهد العالم العربي مساء أمس بتكريم أسامة خليل، أحد رموز الثقافية بالمجتمع العربي في فرنسا، والذي توفي في 27 أغسطس 2023، اجتمع أصدقاء أسامة خليل من كتاب وفلاسفة وفنانين وموسيقيين وشعراء وصحفيين اختنقت أصواتهم خلال احياء ذكراه.

اختلطت الذكريات مع الخطب وعرض فيلم وثائق قصير عنه مطعما بالعروض الموسيقية. تم غناء قصائده المصاحبة للموسيقى من قبل فنانين موهوبين، رجال ونساء، جميعهم مخلصون للراحل.

وألقى السفير المصري كلمة مؤثرة في حق أسامة تلتها شهادات من علي ابراهيم، أستاذ جامعي والكاتب دومينيك تيبو لومير، والصحفية جابي لطيف، بمونت كارلو التي ألقت كلمة لطسفة في حقه باللغتين الفرنسية والعربية كذلك تحدث الصحفي العراقي سعد المسعودي، من قناة العربية عن تجربته الطويلة مع أسامة خليل والصحفية الفرنسية جويل هازارد والكاتب جورج هاشم، والمخرج السينمائي المصري هشام عبد الخالق والأديبة منى زكي، والمؤرخ فاليري دي شاتيزن، فيما قرأت بعض اشعاره الممثلة الفلسطينية عبير حمد، وانشد الشعر عز الدين عداش، بعض اشعاره وكذلك فعل كل من الشاعرة نيكول باريير، والشاعر فيليب تانسلين، كما تحدثت الممثلة دلفين أندريه، عن تجربتها معه.

ثم أقيمت العروض الموسيقية التي غنت فيها فاطمة الشعري، والممثلة حنان بن سلمى، والفنانة هند الزواري، بعزف الموسيقارين إسكندر جيتاري، وسفيان نيجرا، وترجمت الأشعار المصرية نزيهة مفتاح، التي غنتها المطربة إيفان نافاي.

نظمت وأدارت هذه الأمسية الدافئة والصادقة ، رفيقة درب أسامة خليل المخلصة، المستشارة الفكرية والثقافية فاطمة جمية، التي قامت هي الأخرى بالترجمة بشكل رائع بلغتها المصقولة.

ولد أسامة خليل في القاهرة عام 1949، ووصل إلى فرنسا في سن العشرين لمتابعة دراسته في الفلسفة في جامعة السوربون، وكان مبتكرًا عبقريا وباحثا في علوم التاريخ والفلسفة ومقارنة الأديان.

كان هذا الفيلسوف واللغوي والشاعر والمتخصص في الشرق الأوسط، يكرس حياته للفنون والموسيقى والرسم والكتابة والبث في أصول اللغات، وقد أسس في عام 2002 وترأس لسنوات صالون أدبي في أروقة دار النشر اطلق عليه إسم فرعوني "جعران لارماتان" ( Le Scribe L'Harmattan) كانت بمثابة واحة فكرية وفنية، في قلب الحي اللاتيني، سرعان ما أصبحت ملتقى للفنانين والكتاب والشعراء والموسيقيين من مختلف أنحاء العالم، المكرسين لفن وثقافة القارات الخمس.

وتألقت هذه المؤسسة لسنوات بفضل أنشطتها المتعددة: ندوات ومؤتمرات فلسفية وأدبية ومعارض فنية، وغنى المغنون الأغاني التي كتبها أسامة والذي قام بتأليف الموسيقى، لقد كان عبقريًا حقًا، أشتهر بالفضول والشغف بالآخرين والنبضات الشعرية والرحلات الغنائية والتحليلات والحس النقدي الذي حرك فضاء دار النشر لارماتان لأكثر من عقدين من الزمن.

لقد كان أسامة خليل مترجمًا موهوبًا في اللغتين العربية والفرنسية، وكان يتقنه تمامًا، وكان أيضًا مؤلفًا غزير الإنتاج، وعالمًا مشهورًا وشغوفًا. ومن أولى ترجماته من العربية إلى الفرنسية لمجموعات شعرية: ناس بلدي للشاعر المصري صلاح عبد الصبور، ومقدمة لأدونيس، وللشاعر الموريتاني محمد بيدي.

بمناسبة صدور كتابه رسائل إليها (2008)، استطاع الناقد الأدبي الهادي جبنون أن يجد الكلمات المناسبة لاستحضاره: (أسامة خليل رسول آلهة مصر القديمة والأنبياء الذين رأوا مجدهم يزدهر ثم يختفي في هذه المنطقة. وتكمن خصوصيته في قدرته على مساءلة الكلمات وإعادتها إلى أصولها لتكشف أسرارها بلغة الشاعر مع تأكيده الذي لا يخلو من الشك).

كنت أود شخصيا أيضًا أن أشهد للراحل لأنني كنت صديقًا له لمدة 25 عامًا وأعرفه خير معرفة، كان يعتبرني ابنه، لقد شجعني كثيرًا خلال سنواتي الأولى في بدايتي بجريدة الأهرام، شجعني دُعاني كثيرا إلى فضائه الفكري الذي أصبح مركزًا ثقافيًا وصالونًا أدبيًا راقيا حيث ترعرعت فيه فكريًا.

كما كان لي شرف زمالته في مكتبه بمركز الدراسات الشرقية بباريس خلال أشهره الأخيرة، التي كان خلالها يسر لي بأسراره وكنت أبوح له بأسراري، حتى أنه فاجأني وأخبرني بأنه سيموت، كان يقولها دائما بابتسامة، لم يكن لديه مرض، لم أصدقه، تمنيت له حياة طويلة، فقال لي ذلك؛ إني أدعو الله أن يمنحني الوقت فقط لإنهاء كتابي، لقد مات بعد انتهائه مباشرة، لم أصدق ما حدث لكنه كان يعلم كالنبي أردت أن أقول كل هذا في الامسية وذكريات أخرى لكن دموعي فاقت كلماتي ومنعتني من الحديث.