محمود صباغ.. رائد السينما السعودية المستقلة

محمود صباغ.. رائد السينما السعودية المستقلة ونبض الواقع الاجتماعي
محمود صباغ.. رائد السينما السعودية المستقلة ونبض الواقع الاجتماعي

يعد المخرج والمنتج وكاتب السيناريو السعودي محمود صباغ، المولود في جدة عام 1983، أحد أبرز رواد السينما المستقلة في المملكة العربية السعودية منذ عام 2013. تمكن صباغ بأسلوبه الفني الواقعي من رسم خارطة طريق مميزة للسينما السعودية. معتمدًا في أفلامه على ثقافة وموروث اجتماعي محلي، حيث ينتقد بعض العادات ويدعو إلى نبذها، بينما يتفق مع بعضها الآخر.

البدايات وتأسيس “الحوش

بعد دراسته للسينما الوثائقية في جامعة كاليفورنيا بنيويورك، عاد صباغ إلى السعودية متجهًا لصناعة الأفلام الوثائقية المستقلة، ومن أعماله المبكرة فيلم “قصة حمزة شحاتة” وفيلم “كاش”. وشكّل عام 2015 نقطة تحول عندما أسس شركة “الحوش للإنتاج الفني في جدة، وهي أول شركة سعودية متخصصة في مجال إنتاج الأفلام المستقلة. مما عزز دوره كقوة دافعة للسينما خارج الأطر التقليدية.

محمود صباغ.. رائد السينما السعودية المستقلة ونبض الواقع الاجتماعي

بركة يقابل بركة.. فيلم الباكورة والانطلاقة العالمية

شهد عام 2016 إطلاق باكورة أعمال صباغ الروائية الطويلة، وهو فيلم “بركة يقابل بركة”. لم يكن هذا الفيلم مجرد عمل فني. بل كان إشارة للانطلاق نحو العالمية، إذ عرض في قسم المنتدى بمهرجان برلين السينمائي لعام 2016. ليصبح أول فيلم سعودي طويل يعرض على شاشته.

تدور قصة الفيلم حول “بركة” (هشام فقيه)، الموظف الهاوي للتمثيل، الذي يلتقي بفتاة تدعى “بركة” أيضاً (فاطمة البنوي) عبر إنستغرام. ويصوران معًا محاولتهما التحايل على القوانين الاجتماعية والقيود الرجعية المحيطة بهما، مسلطًا الضوء على سلطة الشرطة الدينية آنذاك. وقد ترشح الفيلم لجائزة أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية من جهة غير حكومية (جمعية الثقافة والفنون). ليصبح أول فيلم سعودي يترشح لهذه الجائزة، على الرغم من منعه من العرض في السعودية في البداية بقرار سياسي.

فيلم “عمرة والعرس الثاني” ومناصرة المرأة

كما واصل صباغ مسيرته بفيلمه الروائي الطويل الثاني، “عمرة والعرس الثاني”. الذي تم تصويره بالكامل في المملكة وعرض دوليًا في مهرجان لندن السينمائي ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي. في هذا العمل، يقف صباغ بوضوح مع قضايا المرأة، حيث يتناول قصة “عمرة”. وهي ربة منزل في منتصف الأربعينات، تتفكك حياتها عند اكتشافها نية زوجها الزواج من زوجة ثانية شابة. اعتمد صباغ في هذا الفيلم على إمكانات وفنيين محليين وعرب. ما يعكس رؤيته الفنية القائمة على الواقعية الاجتماعية.

مبادرات سينمائية أخرى

بينما لم يقتصر دور صباغ على الإخراج والإنتاج، بل امتد ليصبح مساهمًا فعالًا في البنية التحتية للسينما المستقلة. ففي عام 2019، وفي أعقاب قرار افتتاح دور العرض السينمائي في المملكة، ابتكر فكرة سينما “الحوش”، وهي سينما أرت هاوس (Art House) في الهواء الطلق بجدة، لتكون الأولى من نوعها في البلاد، ومن أوائل مبادرات السينما المستقلة.

كما أخرج صباغ لاحقًا سلسلة “في الحب والحياة” المكونة من ثمانية أفلام قصيرة عرضت على منصة نتفليكس، والتي تعكس منظور الحب في الدول العربية. ومن هذه السلسلة فيلم “حب في استوديو العمارية”، الذي وصفه صباغ بأنه يتناول مشاعر الرفض والإهمال العاطفي والرومانسية الممنوعة، مبتعدًا عن قصص الحب التقليدية، واعتبره تكريمًا لعصر جدة الذهبي في الفنون والموسيقى.

محمود صباغ.. رائد السينما السعودية المستقلة ونبض الواقع الاجتماعي

دور إداري في المشهد السينمائي

في عام 2020، تم اختيار محمود صباغ ليكون مديرًا تنفيذيًا لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الأولى، حيث كان له دور في اختيار المشاريع الفنية. لا سيما تلك التي كانت لمخرجات ومنتجات عربيات. وقد انتهت فترة تكليفه بالإدارة التنفيذية في يوليو من العام نفسه.

بمجموع أعماله ومبادراته، رسخ محمود صباغ مكانته كصوت سينمائي جريء وواقعي، شكل جزءًا أساسيًا من النهضة السينمائية السعودية الحديثة. حاملًا على عاتقه مهمة طرح قضايا المجتمع المحلي على الساحة الفنية العالمية.

الرابط المختصر :