ما بين رقصٍ جماعي وابتهالٍ منفرد.. "مولوية" عاطف أحمد تعكس التحام الأرضي بالسماوي

افتتح، مؤخرًا، معرض "مولوية" للفنان عاطف أحمد، وذلك في جاليري بيكاسو بالزمالك.

ويستمر المعرض في استقبال زواره يوميًا من التاسعة والنصف صباحًا وحتى التاسعة مساءًا عدا أيام الأحد، حتى 25 من الشهر الجاري.

وفي كل لوحة من لوحات هذا المعرض كُنت ترى الأرضي ملتحمًا بالسماوي عبر تعبيرات فنية تشكيلية لأهل العشق الصوفي، وقد أضناهم هوى المحبوب؛ فتخلصوا من الكثافة الأرضية طلبًا للطافة السماوية.

وفي المعرض، أيضًا، نوع من الخلود، خلود الفاني بعدما التحق بالباقي وصار مجاورًا له، ولكل حالات الوصل ــ الوصل مع المحبوب ـ مكان في معرض "عاطف أحمد"، من رقص جماعي، لابتهال منفرد، لعابد في محراب، لداع متبتل إلى معشوقه، وقد عبّر "الفنان" عن كل هذا ببراعة منقطعة النظير.

هنا، أيضًا في هذا المعرض، ذهول عن الوجود والشهود والسوى، غياب عن كل ما عدا المحبوب والمطلوب والذي هو الله.

وعن هذا المعرض يُعلّق الناقد التشكيلي صلاح بيصار؛ قائلًا: "اختار الفنان "المولوية" لصاحبها الصوفى جلال الدين الرومى، الذى أثار شغف الشرق والغرب بعالمه، هذا العالم الذى يفيض ببحور العشق ويهفو إلى الصفاء والحب وتواصل الإنسانية، هكذا أود أن أموت، يقول الرومي،.. في العشق الذي أكنه لك.. كقطع سحب.. تذوب فى ضوء الشمس".

وأضاف "بيصار" أنه إذا كانت الطريقة المولوية قد اشتهرت بما يعرف بالرقص الدائري، حيث يدور الراقصون حول المركز من أجل التخلص من رواسب المادة، فقد عكس "عاطف" ـ بمساحات من الشفافية ـ تلك الحالة من التألق الصوفي، فتخف كثافة الشخوص حين تتعانق الأرواح وتصل إلى ذروة الوجد، إنها صور للقلوب التي تخفق، والأرواح التي تذوب مع النور الإلهي.

ويستطرد الناقد التشكيلي قائلًا: "وتمتد أعمال الفنان في تنوع وثراء من الإيقاع الخالص"للمولوية"، بين الحركة والسكون بتداخلات طيفية من الأحمر الناري والأخضر الزرعي والأزرق البحري مع الأصفر البهيج.. وفى أحيان أخرى ينحاز إلى التعبير بالصورة من الأبيض والأسود تأكيدًا على عمق هذا العالم وامتداده فى الزمن، من الأفقي والحركة الدائرية بمنظور عين الطائر إلى الرأسي.. مازجًا بين الهندسي والعضوي بهذا الشريط الأرابيسكي الذي يتزاوج مع الشكل والمعنى".

ويوضح بيصار: "والفنان في بعض الأعمال يمزج بين شخوص المولوية والحروفية التشكيلية، مثلما نرى في الحروفية التى تمثلت في أعمال ماهر رائف ويوسف سيدة وغيرهم كل على طريقته، وكان رائف يزاوج بين الحروف والمساحات اللونية يخفيها فى ثنايا التأثيرات اللونية وأحيانا يؤكدها".