صبحة بغورة تكتب: بكاء الرضيع.. حاجة أساسية ذات منافع

تثير كثرة بكاء الرضيع توترًا لدى الوالدين وقد تنزعج الأم أكثر لأنها تقضي معه وقتا أطول، وتستبد الحيرة بالأمهات الصغيرات حديثي الولادة أول مرة لأنهن لا يدرين ماذا يريد بالضبط، أو لم يعرفن سبب بكاؤه.

ويحدث أن تكون الأم غير متأكدة مما يحتاجه طفلها، فيتعاظم قلقها وتظن أنه ليس بخير أو يعاني مرضا، وتؤكد الأوساط الطبية المتخصصة أنه من الطبيعي جدًا أن يبكي الطفل حديث الولادة بين ساعة وثلاث ساعات يوميا! حيث يعتبر بكاؤه الوسيلة الوحيدة المتاحة له للتعبير عن أن ما به لا يطيقه ولا يتحمله وأنه بحاجة شديدة لمن يخفف عنه ويزيل هذا الشعور.

بكاء الرضيع

في الواقع، الرضيع لا يعي حقيقة ما به ولا يدرك طبيعة ما ألم به، احتياجه في مثل سنه محدود، وما على الأم سوى أن تفسر بكاءه لفهم ما يعاني منه بالضبط ، فكثيرًا ما تنظر الأم حديثة الولادة إلى رضيعها حائرة من سبب بكائه الذي قد يبدو لها مفاجئ، وتحاول تهدئته بتمتمات خافتة ناعمة وملامسة خده بحنان أو بحمله والسير به في أرجاء المنزل، ولكن يحدث أن يتواصل بكاء الرضيع ويزداد حدة ويصبح من الصعب عليها التعرف على سبب البكاء، والحقيقة أن سبب بكائه يختلف من حين لآخر ومن بين أهم الأسباب نجد ما يلي:

* الجوع:

يعد من أكثر أسباب البكاء الشديد خاصة لدى المواليد الجدد، وقد تظن الأم أنها انتهت لتوها من إرضاعه وأنه بذلك قد شبع، لكن يمكن أن يكون العكس فقد يطلب الرضاعة بعدها بوقت قصير، فهو يحتاج للرضاعة حوالي عشر مرات في اليوم.

* الرغبة في النوم:

يبكي الرضيع عندما يرغب في الخلود إلى النوم ثم لا يتمكن، وستشعر الأم برغبته عندما يتثاءب ويفرك عينيه أو أذنيه، وما عليها سوى الاقتراب منه ثم حمله في حضنها جيدًا وتحريك كفها برفق على طول ظهره.

* تغيير الحفاظة:

لا يطيق الأطفال الحفاظات المبللة، كما أنهم يتألمون من ملامستها متسخة بجلودهم الرقيقة الحساسة، ويكون من البديهي ضرورة تغيير الحفاظات فورًا وتنظيفه وتجفيفه سريعا، وحينها سيكف عن البكاء.

* حاجته للتجشؤ:

يحتاج الرضيع إلى الهدوء مع الرضاعة، وما يثير ضيقه وضع الاستلقاء غير المريح، وقد يكون بكاؤه بسبب الغازات في معدته، وعلى الأم أن تحاول عدة مرات تجربة تغيير أوضاعه إلى أن يستقر، وإذا تحول بكاؤه إلى موجة عالية النبرة يكون حينها يشعر بألم.

* التعب:

أحيانا يبدأ الطفل بالبكاء عندما يكون متعبًا أو منزعجًا من شيء، ويستحب هزه برفق وإسماعه أصواتًا ناعمة وهادئة تريحه، كأغنية بصوت الأم لأنها ستهدئ أعصابه كثيرًا وتشعره بالأمان، وسرعان ما سيتوقف عن البكاء حتى يغلبه النعاس.

* حاجته لحنان الأم:

ليس هناك ما يدعو للدهشة إذا قلنا إن الرضيع في الأسابيع الأولى من الولادة بحاجة شديدة إلى حنان أمه كي يشعر وكأنه لا يزال في بطنها الذي تعود عليه! وبمعانقته واحتضانه وملامسة خد الأم لخد وليدها حتما سيهدأ كثيرًا.

الشعور بالبرد أو بالحر:

يبكي معظم المواليد الجدد عند شعورهم بالبرد، لأنهم اعتادوا على دفء الرحم طوال تسعة أشهر من الحمل، أما بكاؤه لأنه يشعر بالحر صيفا فلابد من التأكد من طبيعة لباسه بما يناسب حرارة الجو.

* التوتر من الضوضاء:

قد تؤدي كثرة المحيطين به إلى زيادة أجواء الصخب والضجيج حوله، ولا شك أن ذلك سيثير في نفسه شعورًا بالرفض تفهمه الأم من توتره الواضح بالركل المتواصل وقلقه المعبر عنه بداية ببكاء مكتوم، وعلى الأم أن تسارع بنقله إلى مكان آخر هادئ دون أن تبدي قلقًا أو اعتراضًا يمكن أن ينقل إليه.

* الشكوى من مرض:

يعكس البكاء الحاد للطفل الرضيع أنه يشكو من الحمى أو من طفح جلدي يؤلمه بسبب نوع من الحفاظات، ربما كان السبب الغازات، وهنا لا يجب التردد كثيرًا والاتصال سريعا بأقرب طبيب.

* التعود على الحمل:

يبكي أغلب الأطفال الذين حملتهم أمهاتهم أو أفراد العائلة كثيرًا، فهم عودوا الطفل على عادة يراها المختصون سيئة، والأطفال الأذكياء يستعملون البكاء كوسيلة لدفع أحدهم إلى حمله، والحل تركه يبكي حتى يتعب وحده أو إلهائه بلعبة مثيرة ويكف عن البكاء.

النظرة الطبية لبكاء الرضيع تعطي رأيًا يفيد جملة منافع ضرورية ومنها أن في أدمغة الاطفال رطوبة لو بقيت في أدمغتهم لأحدثت ضررًا كبيرًا، لذا يرون في البكاء طريقة للتخلص منه فتقوى أدمغتهم وتصح، كما أن البكاء يوسع القصبات الهوائية ومجاري التنفس ويفتح العروق ويقوي الأعصاب، فللبكاء منفعة للطفل الرضيع، وقد يتذكر البعض منا كيف كانت جداتنا ينصحن بترك الأطفال يبكون قليلًا من الوقت لأن ذلك سيفتح لهم مجاري التنفس.

ويمكن أن تكتشف كل أم سبب بكاء الطفل من نوعية بكائه:

بكاء الجوع: يكون قصيرًا، يمتاز بالارتفاع والانخفاض المتواتر. بكاء الغضب: يبدو فيه الطفل عنيفًا منزعجًا. بكاء الألم: متفاوت يكون بصوت مرتفع لمدة طويلة مع صراخ عالي النبرة ثم مهلة طويلة، وبعد ذلك عويل مستمر. بكاء التعب: يكون غالبا بصوت عال وبموجات غريبة غير مستقرة وعلى نمط واحدٍ.

ولتوقيف الطفل عن البكاء، تحاول الأم هزه بين يديها قليلًا وبرفق وهي جالسة، أو أثناء المشي البطيء، ويمكن أن تمدد الطفل على بطنه وتمسح بنعومة على كامل ظهره؛ فهذا يريحه من الغازات، ثم تحاول تحفيزه على التجشؤ لإخراج الغازات، ويمكن أن تمسح برفق على رأسه وجسده لتشعره أنها قريبة منه في حالة ما إذا لاحظت أن سبب بكائه هو شعوره بالخوف.

ولتهدئته أكثر، يفضل أن تغني له بصوتها أو أن تقرأ عليه بعض السور القصار من القرآن الكريم لأنها ستشعره بالطمأنينة والراحة، ويحبذ أن تطعم الأم طفلها بعد مرور ساعتين على آخر وجبة حتى لو لم يطلب الطعام، مع مراعاة تبديل حليب الأطفال بنوع آخر؛ إذ يحدث أن لا يستطيع الطفل هضم بعض الأنواع من الحليب.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

 

اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: نظرة في أولويات الحياة الزوجية