صبحة بغورة تكتب: أنوثة حواء في عيون آدم

قضت إرادة الله تعالى، أن يفطر المرأة على أحاسيس الأنوثة المرهفة التي تبدأ ملامحها منذ فترة الطفولة، ثم تشع الفتاة شكلًا بعلامات الأنوثة ببروز تفاصيل جسمها وتغير تصرفاته وميولها.

ويختلف مفهوم الأنوثة باختلاف الثقافة السائدة في المجتمعات، ولكنها تكاد تنحصر ما بين شكل سحر الجمال الفاتن الأخّاذ، وبين جوهر جاذبية عواطف الأنوثة الطاغية.

ومنذ أن عبرت الطفلة الصغيرة عن جانب الرقة والحنان المعتمر بداخلها تجاه دميتها وقامت بأدوار الأخت الكبرى مدفوعة برغبتها في إحاطة من حولها بالرعاية، ثم أصبحت أكثر لطفا ونعومة مع اكتمالها كامرأة جسدًا وروحًا.

فوجدها والديها ابنة حنونة وصدرًا رحبًا، ثم ملاذًا آمنًا لزوجها، يتمتع أبناؤها بحضورها رمزًا للعطاء والاحتواء، تكون قد جمعت بين كونها امرأة عطوفة، حانية، وبين جاذبية الأنوثة فيها، فكل أنثى هي امرأة بالضرورة لكن ليس كل امرأة أنثى حقيقية في عين الرجل.

الرجل هو من ترغب المرأة في لفت نظره وشد انتباهه إليها، وتسعد كثير بانجذابه نحوها لاسيما إذا خصها هي دون الأخريات بهذا الانجذاب.

وهذا معناه أنه إلى جانب شكلها وصفاتها التي تمتلكها كل امرأة في العالم يكون قد نال إعجابه.

أيضًا، إجادتها طريقة التعامل الناعم والتصرف اللين كامرأة واتقان ممارسة أنوثتها في الحديث والحركة.

يتفق معظم الرجال على أن المعيار الذي يفضلونه لاعتبار المرأة أنثى حقيقية كاملة، هو ضعفها أمام زوجها، فهو يكره نديتها له ويضيق بصوتها العالي أمامه وخشونة الطبع والحديث معه.

وفي المقابل، يحب كثيرًا حياءها، ويحترم أدبها ويلين طبعه أمام رقتها ودلالها عليه وحتى براءة طفولتها، ويعجب أكثر بقوتها أمام الغرباء الآخرين.

فعواطف المرأة تسعد الرجل وتشعره بسر الأنوثة الذي أودعه الله تعالى فيها، فيقع في حبها ولا يمل من عشرتها، ويرتاح ويسكن في حضرتها، بل يشتاق إليها ويفتقدها إذا غابت حتى ولو كانت ملامحها عادية، فالعواطف جمال والأنوثة عواطف تولد مع المرأة تشد إليها الرجال.

المرأة جميلة الروح هي التي تمنح الرجل الاهتمام التام والرعاية الكاملة وتوليه العناية الفائقة، إنها المرأة التي تعبر أساريرها عن قمة رضاها وتفرحها كلمات الثناء من زوجها وتسعدها أقل الأشياء لأنه في نظرها هي دليل اهتمامه بها، وفي نظر الرجل يراها قمة الأنوثة.

فليس هناك ما أشد على الرجل من المشاعر الجامدة والبلادة في الحديث والثقل، فالفرق بين الثقل والدلال كالفرق بين البشاعة والجمال.

المرأة الحصيفة الذكية تدرك جيدًا هذا الفرق، فتمارس على زوجها الدلال لأنها تكره الثقل الممقوت الذي يصيب الرجل بالملل.

ويحب الرجل المرأة المرحة، البشوشة، المسرورة بوجوده معها وبقربه منها، والمرأة الواعية هي التي تدرك أن الرقة تجلب الرقة، والابتسامة تقابلها الابتسامة؛ فتشيع المرح في بيتها والانتعاش في قلب زوجها.

الأنوثة سر قوي وعميق يكمن في درجة حب المرأة لذاتها ومدى إيمانها بشخصيتها وعمق رضاها عن نفسها، فمنه تستمد المرأة إشراقها وجمالها فتنضج في دخيلتها مشاعر الأنوثة الآسرة التي يعكسها سلوكها.

وتحتاج الطاقة الأنثوية إلى ممارسة ما يجلب الشعور بالاستمتاع بالراحة الجسدية وبالحالة المعنوية الجيدة، وهي التي تحققها ممارسة الرياضة وعمل التدليك والرقص الإيقاعي.

ومن أبرز صفات الأنوثة الروحية، التحلي بخلق الحياء الذي يبعث على فعل كل ما هو حميد وترك كل سلوك قبيح.

والحياء سياج يصون كرامة المرأة ويحفظ سلوكها بعيدًا عن الفواحش وأقوالها عن البذاءة، وبهذا ترتفع به عن الصغائر ذلك لأنه عندما يذهب الحياء فإن المقاييس جميعها يصيبها الخلل، ويصدر عن المرأة ما لا يتناسب مع أنوثتها أو يتوافق مع تميزها، وما لا يظهرها على طبيعتها.

الأنوثة هي مجموعة محددة من السمات تعبر من خلالها المرأة عن جانبها الأنثوي عندما تتحرك مع تدفق حيوية الحياة في ذاتها وتحتضن طاقتها الإبداعية، وتنسجم مع حالتها الداخلية مرحًا ورقصًا ولعبًا وفرحًا.

حيث يمكن لها أن تجسد مهاراتها وإبداعها بعدة طرق، كالتعبير الفني أو الكتابة أو الرقص أو الرسم، أو تخيل ما تريد إنشاءه من أفكار جديدة أو أي شيء، فإنها بذلك تعبر عن حيويتها وتدفق مشاعر الأنوثة، ومن ذلك، صقل التعبير العاطفي لدى المرأة لفهم حقيقة المشاعر، ولتتعلم أن تكون أكثر انسجامًا مع نفسها.

ويمكنها القيام بذلك، من خلال الاستماع إلى ما تشعر به، وأن تتجاوب معه لتعزيز الذكاء العاطفي بداخلها، وسيكون ذلك أساس تعاملها الطيب والرقيق مع الآخرين لأنها أنثى.

لكنها حين تكون متمتعة بشخصيتها الواثقة والعقل الراجح والفكر الصائب، حينها ستتعرف على حقيقة حالات مشاعرها وستبدأ تلقائيًا في الشعور بمزيد من الكمال.

أيضًا، يكمن سر الأنوثة الطاغية للمرأة، في عمق إدراكها لأهمية القبلة في إظهار مدى حبها لزوجها، وفي مهارتها لجعلها تمهيدًا جميلا يثير الرغبة بين الزوجين على حدٍ سواء للتقارب الحميمي، فتكون بذلك جسرًا دائمًا للمحبة تشعرهما بالتجدد العاطفي وبالرضا المعنوي والجسدي.

تتطلع كل زوجة إلى أن تكتسب لقب الزوجة المثالية الناجحة في أعين زوجها لتكبر محبته لها فيتباهى بها، وتعي كل زوجة حصيفة أن لهذه الصفة شروط منها طاعة الزوج كخطوة في طريقها للجنة، وإكرام أهله ومعاملتهم بإحسان لتجلب رضا زوجها عنها.

والزوجة المثالية في عين الرجل هي المرأة المتخلقة المتدينة، الودود الولود، المثقفة والمتفهمة، التي لا تدع الغضب يسيطر عليها، والتي لا تلوم زوجها على فقره، إنها الزوجة التي بقدر ما تحب زوجها وهو بكامل صحته تعشقه وهو على فراش المرض.

كثيرًا ما نسمع عن نساء يرغبن في اتباع حمية غذائية يأملن أن تساعد على إنقاص وزنهن، فكل امرأة ترغب في إظهار جسمها رشيقا لتبرز أجمل محاسنها وأنوثتها، وهذا أمر طبيعي، ولكن قليلا ما نجد نساء بدينات فخورات بسمنتهن.

وتعترف إحدى الفتيات في مقتبل العمر، أنه رغم وزنها الذي يقارب 90 كلغ في سن 28 ربيعا، ورغم قصر قامتها؛ فهي سعيدة ولا تعاني من أي مشكلة نفسية ولا يسيطر عليها أي شعور بالنقص.

ورغم مضايقات الشباب في الشارع بطريقة مؤلمة فهي لا تفكر في التخلص من وزنها الزائد.

وتؤكد أن الجمال الحقيقي هو جمال الروح ولا يهم الشكل كثيرًا، وأن سر أنوثتها يكمن في وزنها، وهي فخورة بذلك.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: التشاؤم في الحياة الزوجية