بسبب الإهمال الطبي في الوطن العربي.. أنتِ في خطرٍ مادمت حامل

الأمم المتحدة: 1500 حالة وفاة يوميًا.. والمناطق النائية الأكثر معاناة

الدول العربية تسعى للتقليل من معدلات وفيات الأمومة.. والرعاية الصحية والإعانات أبرز الوسائل

تعد الخدمات الصحية التي يحصل عليها المواطن رجلًا كان أو أمرأه في أي بلد في العالم، من ضمن أهم المعايير التي يقاس عليها تقدم هذه الدول، وذلك لكون الخدمات الطبية من ضمن أهم الضروريات في حياة الإنسان، وفي ظل كون المرأة نصف المجتمع وتشكل جزء كبير من النمو ، خاصة أن تقدم الرجل لا يتحقق بمنعزل عن المرأة، وبات توجيه مزيد من الاهتمام بصحة المرأة في المجتمعات العربية ضرورة لا غنى عنها.

ويأتي ضرورة توجيه الاهتمام بصحة المرأة وخاصة الأم في إطار تقارير الأمم المتحدة الصادرة مؤخرًا والتي أثبت ارتفاع معدل وفيات الأمومة في أفريقيا وبعض الدول العربية، حيث لا يمر يومًا واحدًا دون أن يشهد وفاة 1500 امرأة بسبب المضاعفات المرتبطة بالحمل أو الولادة.

وتتناول مجلة "الجوهرة" في تحقيق موسع أراء الخبراء والأطباء في الأسباب الكامنة وراء وفاة الأمهات، وكيفية توجيه الجهود العربية والدولية للحد من وفيات الأمهات وتقديم الرعاية الكاملة لهم.

في البداية تقول الحقوقية رباب عبده؛ نائب رئيس أحد الجمعيات المعنية بحقوق الإنسان، إن المجتمعات العربية لا تُولي اهتمامًا كبيرًا بصحة الأمهات سواء خلال مراحل الحمل أو الولادة، وذلك عكس ما تنص عليه أغلب الدساتير في دول العالم بضرورة الحفاظ على صحة الإنسان.

وأضافت عبده أن عمليات الولادة في بعض المناطق النائية والأرياف وما تقوم عليه من عدم إتباع الأسس العلمية والتعقيم، تُعد من أحد أهم الممارسات الضارة بصحة المرأة وتصنف بأنها موروثات ثقافية تشكل خطر حقيقي يصيب أي دولة لا تتصدى له.

ونادت عبده بضرورة إيجاد حلول جذرية ودائمة من أجل توفير إرشادات وأدوات من أجل إتاحة المزيد من الخدمات الصحية العالية الجودة للحوامل، وخاصة أن هناك الكثير من الموروثات في المجتمعات العربية التي تضر بالمرأة في كافة مراحلها العمرية.

أسباب وفيات الأمومة

وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية، تم تقدير الأسباب المباشرة لوفيات الأمومة، منها: النزيف الوخيم (النزيف الذي يحدث بعد الوضع بالدرجة الأولى)، وأنواع العدوى (ولاسيما الإنتان) والاضطرابات التي تؤدي إلى فرط ضغط الدم أثناء فترة الحمل (الارتعاج عادة) وتعسّر الوضع، كما تتسبّب المضاعفات التي تحدث بعد الإجهاض غير المأمون في وقوع 13% من مجموع وفيات الأمومة.

ومن الأسباب غير المباشرة (20%) التي تقف وراء وفيات الأمومة الأمراض التي تزيد من صعوبة الحمل أو التي يزيد الحمل من خطورتها، مثل: الملاريا وفقر الدم والأيدز والعدوى بفيروسه والأمراض القلبية الوعائية.

وتستحوذ البلدان النامية على نحو 99% من مجموع وفيات الأمومة التي تحدث في كل ربوع العالم، ويحدث أكثر من نصف تلك الوفيات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويحدث ثلثها في جنوب آسيا.

وقال عبد الرازق الكرد؛ رئيس لجنة وفيات الأمومة ولجنة البروتوكول بوزارة الصحة بغزة، إنه تم تحديث البروتوكول الخاص بالولادة من أجل العمل على تحسين جودة خدمات الولادة في المستشفيات بما يساهم في التقليل من نسبة وفيات الأمومة.

وأضاف الكرد، أنه تم وضع إرشادات للتعامل مع المريضة منذ استقبالها في قسم الطوارئ حتى ولادتها وتنظيم عملية خروجها، إضافة إلى كيفية إنعاش المولود والتعامل معه، والتعامل مع الأمراض الطبية المرافقة للحمل، كالسكر والأمراض القلبية والتجلط والضغط.

وكشف عبد الرازق، عن انخفاض نسبة وفيات الأمومة في عام 2017 إلى 10.3%، بعدما كانت 24.5% في العام 2015.

حلول

ويقول الدكتور محمد مجدي؛ إنه يجب مراعاة جميع الحلول الطبية لتجنب وفيات الأمومة الناتجة معظمها عن الإهمال الطبي أو غياب الرعاية الكاملة، ويختلف الإجراء على حسب نوعية المشكلة، فعلى سبيل المثال يمكن علاج مقدّمات الارتعاج، وهي من الاضطرابات الشائعة التي تُسبّب فرط ضغط الدم أثناء فترة الحمل والتي يمكن رصدها بإعطاء أدوية مثل "لفات المغنيزيوم".

ونصح مجدي لتجنب حالات تعسر الوضع والتي غالبًا ما تحدث عندما يكون رأس الجنين أكبر بكثير مقارنة بحوض الأم أو عندما يكون في وضعية غير عادية داخل بطن الأم، بأن يتم التصوير بالسونار من أجل الخضوع لعملية قيصرية في حالة وجود هذه المشكلة.

من جانبه، يري الدكتور ماجد أرنست رياض؛ استشاري أول وخبير وأخصائي المخ والأعصاب والطب النفسي، أن صحة المرأة الحامل ترتبط بشكل كبير بحالة الإرهاق النفسي أو الجسدي التي تتعرض لها خلال فترة حملها.

وأكد رياض أن الاهتمام بالحالة النفسية وتحسين الحالة المزاجية للمرأة سيساهم في التقليل من مشاكل الحمل والولادة، وسيساهم في التقليل من التأثيرات الصحية السلبية التي قد تلحق بالمرأة في هذه المرحلة.

وفسرت منظمة الصحة العالمية أسباب عدم استفادة النساء من خدمات الرعاية التي يحتاجونها قبل الولادة وخلالها وبعدها إلى افتقار بعض المناطق النائية إلى عاملين صحيين أو قد تكون خدمات الرعاية عند توافر أولئك العاملين رديئة المستوى، وقد تفتقر النساء في حالات أخرى إلى فرص الوصول إلى المرافق الصحية نظرًا لعدم وجود وسائل النقل أو عدم قدرتهن على تحمّل تكاليف النقل أو تكاليف الخدمات الصحية.

ويقول عادل عامر؛ العضو بالمجلس الدولي لحقوق الانسان والتنمية،إنه يجب على الدول العربية أن تزيد ميزانية الصحة من أجل وضع بند للاهتمام بصحة الحوامل والأمهات عند الوضع، خاصة أن كثير من حالات الوفاة تكون بسبب المركز الاجتماعي المتدني للمرأة وعدم قدرتها على الحصول على ما تحتاج إليه من خدمات الرعاية خلال فترة الحمل.

واقترح عامر أن يتم وضع إعانات شهرية للحوامل ومنحها خصومات على الأدوية من أجل حصولها على ما يلزمها من أدوية.

وطبقت هذه الآليات في بعض الدول مثل مصر التي وقعت بروتوكول تعاون مشتركًا مع برنامج الأغذية العالمى للأمم المتحدة (WFP)، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) من أجل صرف مبلغ 400 جنيه شهريًا (قسيمة مشتريات) لكل امرأة حامل أو مُرضِع من أقرب مول تجاري كبير، بالإضافة إلى خصومات تصل إلى 50% على العلاج.

إحصائيات

وفي تقديرات لمنظمة الصحة العالمية، فقد انخفض معدل وفيات الأمهات بنسبة تصل لـ 44٪على مدى السنوات الـ 25 الماضية؛ ليبلغ حالات الوفيات 216 حالة لكل 100 ألف مولود، فيما قدرت حالات وفيات الأمهات في عام 2015 بسبب الولادة 303 ألف حالة.

وتمثل الأقاليم النائية نسبة 99 % من حالات وفيات الأمهات على مستوى العالم، وتستأثر أفريقيا بنسبة 66% منها .

وتدخل بعض الدول العربية ضمن قائمة أعلى الدول في وفيات الأمومة، منها: "جنوب السودان، وموريتانيا، وجزر القمر، وجيبوتي"، وعلى الرغم من دخول بعض الدول العربية قائمة أعلى الدول في معدل وفيات الأمومة، إلا أن النسبة تراجعت في المنطقة العربية من 238 وفاة لكل 100,000 مولود حيّ في عام 2000 إلى 156 وفاة لكل 100,000 مولود حيّ في عام 2015، وبالمقارنة مع متوسط عالمي سجّل 216 وفاة لكل 100,000 مولود حيّ في عام 2015.