المستشارة أمل بنت حمد الجمل: رؤية 2030 كونت ثقافة جديدة أتاحت مناصب مهمة للمرأة

-رؤية ٢٠٣٠ كونت ثقافة جديدة أتاحت مناصب مهمة للمرأة. -زيادة الوعي العام بتمكين المرأة ينشئ مجتمعًا أكثر ازدهارًا.  -‏" القراءة تصنع إنسانًا واعيًا. ‏والكتابة تصنع إنسانًا دقيقًا.

الإبداع منهج ومعنى ومسالك ومدارك، وعندما يكون عشقًا يكون أكثر شمولية وأناقة وحضورًا، وفي هذا الحوار مع الأستاذة أمل بنت حمد الجمل، نقرأ ابداعًا يزداد عشقًا وسموًا مزدوجًا، حيث تتطلع إلى ماذا ستعمل المرأة في عصر التمكين التي هي جزء منه، وشراكة تحول ناعمة آفاقها مموسقة حيث تؤكد أن ‏القراءة تصنع إنسانًا واعيًا، والكتابة تصنع إنسانًا دقيقًا." وهذه إجاباتها لكم :

- كيف كانت بدايتك ؟ كانت بدايتي في مرحلة اهتمامي الشديد بالمعرفة ونقلها والتأثير بها؛ إذ وجدت مجالاتٍ وآفاقًا مختلفة رغم تنوع أسلوب قراءتي السابق من مكتبة والدي الثرية، أو مشترياتي ذات التوجه في علم النفس، إلا أنني كنت أجد بالمواقع الإلكترونية أيضًا قراءاتٍ وآفاقًا جديدة. ومن خلال تويتر، عام ٢٠١٢ م، تعرَّفت على مسمَّى جديد يشبع شغفي بالتأثير والتغيير، في إعلان لآخر مقعد ببرنامج تدريبي للكوتشنج مع د.هاني باحويرث؛ وهو بداية رحلتي رسميًا في مجال الكوتشنج للتغيير؛ ما صقل ممارساتي السابقة المهنية والاجتماعية، سواء للإرشاد والتوجيه، أو المساندة للتغيير. وبحدس إيجابي، تأملت الإعلان والعالم الذي خلفه، ومن تلك اللحظة توالت العوالم المعرفية والتطبيقية لدي، فعملت لعدة سنين بين كوني مدربة (كوتش) بعمل حر، أو متعاونة مع تقديم برامج تدريبية وتطويرية، وحوارات مفتوحة مع عدة جهات. وفي عام ٢٠١٦ وبعد عدة تأهيلات مهنية ، قررت رفع سقف الاحترافية بأن أكون وكيلة تغيير بالكوتشنج والاستشارات من معهد إنسياد العالمي لإدارة الأعمال مع برنامج الماجستير بها، ممثلةً- بفخر- المرأة السعودية من التعليم عام ٢٠١٩؛ لأنضم بهذا الإنجاز إلى مجموعة خريجي إنسياد بالسعودية بكل الجهات الأخرى.

- من هو معلمك الأول؟ وكيف كان دوره؟ والداي العزيزان وثقافة أسرتي وقيمها؛ وذلك بكل ما تحمله كلمة امتنان في مسرح مشاعري من خبرات وقصص مختلفة فريدة؛ إذ كان لوالدَي منهجهما المميز وخصوصيتهما التربوية وتمكينهما الفريد لجميع أفراد الأسرة إلى عالم المهنة.

وكانت كيفية الاندماج بنجاح في الثقافات الأخرى، من التحديات المهنية والاجتماعية، فأسرتي هي قدوتي في تمكين المرأة بالفهم والتقبل، والمساندة، ضمن ما واجهت من تغيرات وتنقلات، وتفاصيل صغيرة علمتني أمورًا كثيرة. التغيير جزء من هويتي - اتجاهك لمجالك الحالي، هل هو توجه وظيفي، أم شغف وهواية؟ التغيير جزء من هويتي، فكانت نشأتي على تقبل التغييرات والتعايش معها، تحديًا ممتعًا؛ إذ أستحضر الآن نصائح والدَي وقصصهما الجميلة بالعمل والحياة عامة ، بابتسامة رضا؛ ما كوَّن لدي تلك الهواية والرغبة في عيش الأفضل. لقد جعلت انتقالات العمل والسكن والدراسة وتحديات ذلك التغيير، مفهومًا لدي منذ البداية، فالتحسينات المستمرة، وتحفيز الطموح، والارتقاء بالذات، نمط مُلاحظ بالعالم الذي أنتمي إليه؛ لذا أصبح لدي شغفٌ بالبحث عن أفضل التغييرات للعيش الأفضل، فوجدت شغفي فيما أعمل، ثم تطور ليصبح مسارًا مهنيًا احترافيًا. مبادرات التغيير - أين تجدين نفسك حاليًا؟ أجد نفسي داخل مبادرات التغيير مع جميع الأجيال والفئات التي تُكَوّن وطني الحبيب، أمسك بيدي كل من يريد أن يصبح أفضل، أساند التغيير وأدعمه لمواجهة التحديات، وأسعد عند اجتيازها، محلقة برضا بعد كل جلسة تطوير مهنية، أو برنامج تدريبي، أو حوار مفتوح شجاع للتغيير الايجابي المثمر. تمكين المرأة - تعيش المملكة عصر تمكين المرأة، فماذا تم في هذا الإطار؟ وما هو المتوقع؟ كتبت عن ذلك باستفاضة في بحثي الذي قدمته بكل سعادة في إنسياد ٢٠١٨ م عن المرأة السعودية وديناميكية قوتها الذاتية في دعم تواجدها ببيئات العمل والمراكز المهنية التي لم يسبق لها التواجد فيها؛ وهو ما لخصته في مقال "العباءة الدرع" الذي نشرته في مجلتكم الموقرة" الجوهرة" رامزة للقوة الداخلية التي تجدها المرأة بضروفها المختلفة بالدرع الحامي و بالعباءة بالرمز الرسمي المتعارف به لها وترتديه في كل الظروف. ومع رؤية ٢٠٣٠ والقوانين الاقتصادية التي تمكن المرأة، تكونت ثقافة جديدة مجتمعية ومهنية، جعلت بعض المناصب والمراكز المهمة أكثر إتاحة، علمًا بأن وجود المقاومة المجتمعية طبيعي بأي تغيير، سواء من الرجل أو المرأة لهذا النوع من التمكين، و يتطلب وقتًا كأي تغيير يمر بمراحل معينة، قبل أن يلقى القبول والنجاح.

ومتى أصبح الوعي العام والمجتمعي بثقافة أكثر تقبلًا لتمكين المرأة مع رسم الحدود الغير منطوقة المناسبة لثقافته المحلية، سنجد هذا العصر أكثر ازدهارًا. تحديات الارتقاء المهني - على مستوى قيادات وزارة التعليم، هل أخذت المرأة مكانها الطبيعي؟ تمكين المرأة في وزارة التعليم، مشابه بشكل كبير لتمكين الرجل وليس كباقي الأماكن؛ كونها منظمة مفصولة الخدمات بين الجنسين؛ حيث نجد المناصب القيادية للسيدات حافلة بالكفاءات من مستويات متعددة. إنَّ تحديات التمكين ذاته هو العائق، ويصعب على البعض من ذوي الطموح والرغبة بالتمكين، الوصول للمناصب لأسباب عدة، تكمن-من خلال خبرتي- في قيادة برنامج تطوير القيادات التعليمية (النمو والارتقاء) ودعم د.ابتهال السحيباني مديرة إدارة التدريب وشراكة مجتمعية مع مركز Coreach ، الذي كان عبارة عن تدخل للقيادات التعليمية بمدينة الرياض ٢٠١٧ من أجل التطوير المهني، استطعت من خلالها فهم تحديات الارتقاء المهني لهن والتحديات التي تخلق السقف الزجاجي والحاجز للنجاح الذي يحول دون وصولهن. واستنتجت أن مهارات الذكاء العاطفي الناجحة هي ما يساند في الصعود عبر مصعد زجاجي؛ لاجتياز ذلك السقف، وتحقيق الطموح المأمول، وتفعيل الدعم الأسري أو المهني لاقتناص الفرص، بينما تكمن العوائق التي تظهر للمرأة داخل المجتمع المهني، في الفجوة القائمة بين مهارات الذكاء العاطفي، ونقص الدعم الأسري والمهني.

- المشاعر فروع في شجرة الذات، أغصانها الكلمات، وأوراقها الحروف، فأين مكان مشاعر المجتمع بداخلك؟ في كل ابتسامة أراها، ومع كل دمعة عين، وداخل ساعات الاستماع، وبين الأسئلة، أجد شعورًا، سواء عند الإنجاز أو الفشل.

أعيش مجموعة مشاعر مع كل فرد، سواء من ألاحظه أمامي أو أسمع قصته أو أعيش التدريب معه؛ إذ أسمح له أن يتحرر مما داخله من غضب وخوف وقلق، وأساند مشاعر الحب والسعادة والاطمئنان لديه؛ لتتجدد وتنمو، فمشاعر المجتمع تهمني، وعالمهم هو عالمي. - الذات هي الدائرة الكهرومغناطيسية الأساسية في منظومة الأحاسيس والمشاعر الإنسانية التي تستقبل الذبذبات وتحولها إلى سلوك إنساني واعٍ، فكيف ترين ذلك في منظومة " القيم" ضمن عملك؟ القيم التي أعيشها في عملي الخاص أو الحكومي - كمستشارة ووكيلة للتغيير- مستمدة من قيم الدين الإسلامي التي وجدتها من تربيتي و نشأتي.

وربما تطورت مفاهيمها لدي؛ من خلال النضج و الخبرة المهنية في عالم الكوتشنج والتدريب، كان أقربها لقلبي: قيم التسامح والمحبة والانسجام، بينما أقربها إلى عقلي: العدالة والنزاهة والأمانة، أما قيم المسؤولية والثقة والمصداقية، فتحرك مسار عملي. وترتقي قيمي مع ارتقاء مهمتي التي أحمل رسالتها بكل اعتزاز، والتي تهتم بتمكين المجتمع المهني رجالًا ونساءً؛ للوصول إلى أعلى مستويات النمو الاقتصادي لوطني، الذي قدم لي كثيرًا من القيم والتمكين؛ حتى وصلت لما أنا عليه الآن.

- تشير مقالاتك إلى أنَّ لديك حدسًا تأمليًا بأنَّ تنمية قراءة المستقبل تغير من طريقة وضع الناس لتصوراتهم وممارساتهم؛ ما يفتح فرصًا جديدة للاستفادة من المستجدات الحالية، فما تعليقك؟ في السيرة النبوية الشريفة، كانت قصة الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء أكبر إلهام؛ إذ تدفع الإنسان إلى التأمل والثقة في حدسه التأملي، فالإنسان الصادق يجد حدسه صادقًا؛ وهو ما نما لدي أيضًا ؛ من خلال التدريب المكثف الذي مارسته خلال دراستي بفرنسا، وتأملي لذاتي، وكيف أستخدم ذاتي كأداة ملاحظة ومراقبة جيدة لما أرى، وان كان غير مشاهد و محسوس ، فإنه يصرخ بأنه موجود، وكيف أجعل من ذاتي أداة فعالة للتغيير من خلال التقارير وأوراق العمل، وكيف أوظف تلك الملاحظات لتدخلات تطويرية لاحقًا تخدم رسالتي المهنية. القيادة بالقيم

كنت سعيدة بوجودي بفريق العمل الذي يقدم هذا العمل الملهم: القيادة بالقيم؛ إذ سنحت لي الفرصة للانضمام للنسخة الأولى من برنامج القيادة بالقيم والذي دعمت ا. ديمة ال الشيخ فيه الكفاءات النسائية السعودية بالتعاون معهم، ثم انضممت للنسخة الثانية بكل اعتزاز بدعوتهم للمشاركة بخبراتي لخدمة أبناء وطني. وتتنوع مصادر المعرفة بهذا البرنامج، وتتناسب مع جيل هذا الوقت والمعروف بجيل Z الذي يحمل هويته المميزة وتطلعاته التقنية؛ فهو ينمو معرفيًا ومهاريًا بشكل واعٍ نستطيع أن نراه، أو لا واعٍ ندركه نحن كفريق عمل، بأدوات مختلفة من ورش عمل، وجلسات حوار كوتشنج فردية وجماعية، ومراقبة لبيئات العمل والقادة، وتعايش كامل مع التحديات، التي قد يجدها البعض صعبة حسب خبراته في الحياة، أو يراها ملهمة لينقلها لمجتمعه.

استجابة المجتمع - تتمتعين بخبرة في تصميم عمليات المعرفة لنشر أنظمة توقعية محدودة في سياقات معينة، فكيف ترين مستوى استجابة المجتمع؟ أولًا أنوي بعطائي للمجتمع، النجاح المستمر، حسب ما أدركه كوكيلة تغيير من احتياج معرفي ومهاري وتدريبي للأفراد والمجموعات، وصعودا متوازنًا على سلم الوعي الخاص بهم؛ إذ قد يكون تغيير الفكر المُعيق للنجاح مربكًا لهم؛ لذلك أرى الاستجابة مناسبة ومتناغمة مع ما أقدمه لجميع الشرائح العمرية والمناطق الجغرافية. مخرجات التعليم - ما الذي تسعين له مستقبلًا؟ بدعم من زوجي و تحفيز أطفالي، سأستمر في تقديم خبرتي المعرفية والمهنية؛ للارتقاء بمستوى مخرجات التعليم؛ إذ أقوم منذ عام ٢٠١٢ وحتى الآن بتقديم برامج التمكين للمعلمات والإداريات والطالبات في التعليم العام، وبمشاريع متعددة خارجيًا، وشراكات مهنية مع جهات مختلفة حكومية أو شبه حكومية اوخاصة للتنمية المهنية، سواء للقيادات او الأفراد أو المجموعات، كما سأتابع أهتمامي بتأهيل المرشدات ليكن الصف الثاني للتمكين المهني بالتعليم العام والجامعي، مؤمنةً بقيمة وأهمية دمج الكوتشنج بالتدريب في التطوير المهني والإنساني.

مرحبة كعادتي بأي تعاون يساهم في تعزيز النجاح و التطور المهني بما يتوافق مع ثقافتي المجتمعية و توجهي المهني و رسالتي بالحياة كمواطنة صالحة.