المساجد التاريخية.. تراث عمراني يعكس العمق التاريخي في مناطق المملكة

لازال مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يواصل جهده من أجل استكمال أعمال الإعمار وإعادة البناء للمساجد التاريخية في إطار المرحلة الثانية من المشروع.

ويُعد المشروع واحدًا من كبرى المشروعات التي تم إطلاقها في 2018؛ من قبل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. الذي أكد اهتمامه البالغ بتلك المساجد التاريخية التي تُعد بمثابة كنوزًا لن تعوض على أراضي المملكة العربية السعودية.

ولا شك في أن هذا المشروع سيكون له دور كبير في تنشيط السياحة. حيث تحتضن المملكة عددًا لا حصر له من المساجد التاريخية التي تتمتع بمكانة عظيمة وشهدت أحداثًا مؤثرة في التاريخ الإسلامي.

وتعد هذه المساجد من أبرز وأهم معالم التراث الحضاري العمراني، والتي تتمتع بطابع عمراني فريد من نوعه، وتعكس العمق التاريخي في مناطق المملكة.

وجاء إطلاق هذا المشروع التاريخي من أجل المساهمة في إبراز البعد الثقافي للمملكة الذي تركز عليه رؤية السعودية 2030، من خلال الحفاظ على الخصائص العمرانية الأصلية والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.

ويشمل المشروع إعادة تأهيل وترميم 130 مسجدًا تاريخيًا في مختلف مناطق المملكة، وبالفعل تم الانتهاء بنجاح من المرحلة الأولى. حيث شهدت تأهيل 30 مسجدًا بتكلفة إجمالية تجاوزت 50 مليون ريال، من قبل شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية؛ لضمان المحافظة على الهوية العمرانية الأصيلة لكل مسجد منذ تأسيسه.

المرحلة الثانية - أبرز المساجد

بدأت المرحلة الثانية جهودها في يوليو 2022، ولازالت مستمرة؛ حيث انتهت من ترميم عدد من المساجد، وأعادت إليهم الحياة من جديد. وتشمل المرحلة الثانية ترميم 6 مساجد في منطقة الرياض، و5 مساجد في منطقة مكة المكرمة، و4 مساجد في منطقة المدينة المنورة. و3 مساجد في منطقة عسير، ومسجدين في المنطقة الشرقية، ومثلهما في كل من الجوف وجازان. ومسجد واحد في كل من الحدود الشمالية، تبوك، الباحة، نجران، حائل، والقصيم.

مسجد البيعة

وفيما يخص أبرز المساجد التاريخية في المرحلة الثانية من المشروع، يعد مسجد البيعة أحد أهم المساجد التي تدخل في المرحلة الثانية. وهو المسجد الذي قام الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ببناؤه بالقرب من جمرة العقبة بمشعر منى. ويبعد المسجد نحو 500 متر تقريبًا من جمرة العقبة الكبرى.

ومسجد البيعة عبارة عن مصلى لا سقف له، ويوجد به محرابًا وملحقًا معه فناء يطل على مشعر منى من الناحية الشمالية، في السفح الجنوبي لجبل ثبير، المطل على شعب المعروفة باسم شعب الأنصار أو شعب البيعة.

ويحتضن المسجد التاريخي حجران، كتب على أحدهما عبارة "أمر عبدالله ـ أمير المؤمنين أكرمه الله- ببنيان هذا المسجد" في إشارة إلى الخليفة العباسي. كذلك يوجد به روقان من الجهتين بطول 23 ذراعًا وعرض 14 ذراعًا ونصف الذراع، كل منهما مسقوف بثلاث قبب على أربعة عقود وبابين. وطول المسجد من محرابه إلى آخر الرحبة 38 ذراعا تقريبا.

مسجدي جواثا وأم زرينيق في المنطقة الشرقية

كما تستهدف المرحلة الثانية كل من مسجد جواثا وأم زرينيق في المنطقة الشرقية.

مسجد جواثا أحد أقدم المساجد التاريخية في العالم الإسلامي، وتم بناءه في عام 7 هجريًا. فهو المسجد الأول الذي أقيمت فيه صلاة الجمعة بعد المسجد النبوي بالمدينة المنورة، وهو من بناء بني عبد القيس.

وتبلغ مساحة مسجد جواثا قبل وبعد الترميم 205.5 م²، كما تبقى طاقته الاستيعابية عند 170 مصليًا قبل وبعد التطوير.

أما مسجد أم زرينيق فهو أحد المساجد التاريخية التي تقع في حي العويمرية في مدينة الهفوف، وقد بُني المسجد قبل أكثر من 100 عام. ويوجد المسجد التاريخي بجوار مقبرة أم زرينيق، ومن المقرر أن تزداد مساحته بعد الترميم من 30 م²، إلى 213.96 م². فيما تتسع طاقته الاستيعابية لـ 94 مصلي بعد أن تعطلت الصلاة فيه خلال الفترة السابقة.

مسجد الأطاولة في الباحة

كذلك بدأ العمل على مسجد الأطاولة، والذي يقع في وسط بلدة الأطاولة التراثية بمنطقة الباحة، بجوار الطريق العام الرابط بين مدينة الباحة ومدينة الطائف. ويبعد مسجد الأطاولة في الباحة نحو 30 كم شمال مدينة الباحة، وهو من أقدم المساجد في المنطقة. ومن المتعارف عليه أن الأطاولة كانت واحدة من أهم المراكز التجارية والسياسية قديمًا.

ويقام في البلدة سوق ربوع قريش الذي يعود تاريخه إلى مئات السنين. كما تحتوي البلدة على العديد من المباني التراثية المهمة مثل حصن العثمان، وحصن دماس، وحصن المشيخة.

مسجد الأطاولة من المساجد التي تم تأسيسها من الأحجار غير المنتظمة، وجاء سقفه من جذوع شجر العرعر. وتبلغ مساحته الكلية نحو 300 م2 ويتسع لنحو 130 مصليًا.

يتكون مسجد الأطاولة من بيت للصلاة ويرتكز سقفه على أعمدة خشبية دائرية الشكل، وصحن مكشوف "صوح"، وخزان للمياه. كذلك يحتوي على درج خارجي لسطح بيت الصلاة يصعد به المؤذن إلى السطح ليؤذن للصلاة. وللمسجد مدخلان أحدهما بالواجهة الشرقية والآخر بالواجهة الشمالية للمسجد.

مسجد الظفير في الباحة

شملت المرحلة الثانية تطوير مسجد الظفير في الباحة، والذي يتواجد جنوب شرق مدينة الباحة في قرية الظفير التي تعد من أقدم قرى المنطقة. وبُنيت جدران مسجد الظفير من الحجر والبُلك، فيما تم تأسيس أسقفه من الخرسانة. وتبلغ مساحته الكلية نحو 237 م2 ويتسع لنحو 88 مصليًا. ويتكون المسجد من بيت للصلاة، ويرتكز سقفه على عمودين دائريين، وفناء خارجي مسقوف، ودورات مياه وأماكن للوضوء. ومئذنة يبلغ ارتفاعها نحو م 21.15 م من سطح الأرض.

مسجد قرية الملد في الباحة

ينضم مسجد قرية الملد إلى مساجد المرحلة الثانية في منطقة الباحة، ويعود تأسيسه إلى عام 1364هـ، فهو من أقدم المباني التراثية بالمحافظة. وبشكل عام تُعد قرية الملد من القرى التاريخية في الباحة والتي تعد من أقدم القرى بالمنطقة، فكانت قلعة من قلاع المنطقة. وقد بنيت على تلال مطلة على وادي الملد، وتتميز بوجود حصنين متجاورين يشكلان شكلاً معماريًا مميزًا. ويقع مسجد الملد جنوب مدينة الباحة بنحو 3 كم على الطريق المؤدي إلى محافظة بلجرشي. والذي تم بنائه على طراز السراة، من الأحجار غير المنتظمة. كذلك يأتي سقفه من جذوع شجر العرعر وحزم الطباق والعرفج، وتبلغ مساحته الكلية نحو 90 م2 ويتسع لنحو 34 مصليًا.

مسجد الفويهي من الجوف

في الجوف، يعمل المشروع على إعادة إعمار مسجد الفويهي الذي يوجد في مدينة سكاكا؛ حيث يسعى المشروع لإعادة المسجد إلى صورته الأصلية التي تكونت عند بنائه عام 1380هـ. وفيما يخص أهمية المسجد، فيعود ذلك إلى كونه أحد أقدم المباني التراثية بمدينة سكاكا. ويعرف باسم مسجد شامان نسبة إلى صاحب المسجد الذي قام بإنشائه شامان خلف الفويهي. وكان المسجد قد تعرض للضرر؛ نتيجة حادثة سير عام 1430هـ، وأعيد صيانته والمحافظة على وضعه القديم. ويستخدم لإقامة الصلوات الخمس منذ إنشائه حتى اليوم. ومن المقرر أن تزيد مساحة المسجد في إطار مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية من 72.33 م2، إلى 93.98 م2. وستبقى طاقته الاستيعابية عند 28 مصلي، وذلك على طراز المنطقة التراثي، باستخدام تقنيات البناء بالطين وتوظيف المواد الطبيعية. حيث يعد الطراز المعماري للمنطقة فريدًا في فن العمارة ويتميز بقدرته على التعامل مع البيئة المحلية والمناخ الصحراوي الحار.

اقرأ أيضًا: أسرار وادي نجران.. الأكبر في المملكة ويمتد 180 كيلومترًا للشرق