المرض الذي حير الأطباء: فتيات "التوحٌد" يُصارعن الانطوائية للشعور بالأمان

كتبت – لمياء حسن

يهدف اليوم العالمي للتوحٌد المصادف للثاني من أبريل كل عام، إلى التعريف بالمرض، والتحذير من خطورته، وقد يراه البعض ثمرة علاج مستقبلية؛ لكن مع ازدياد معدلات التوحٌد في العالم، لم يحظَ كبار السن المصابون بالمرض، باهتمام بالغ من قِبل الباحثين؛ نظرًا لتأخٌر تشخيص إصابتهم.

وهناك العديد من المحاور الرئيسة التي تظهر على فتيات التوحٌد، كما أكدت أميرة رضوان؛ أخصائية التخاطب، وتنمية المهارات، في تصريحاتها الخاصة لـ "الجوهرة"، موضحة بأن أنواع المرض المختلفة يُمكن الكشف عنها بواسطة تلك المحاور؛ للوقوف على أسباب الإصابة.

وقالت أميرة رضوان إن مرض التوحٌد لا يظهر بشكل مفاجئ لدى الفتيات بعد التقدٌم في العمر، فهو ينتشر بصفة أكبر بين الأطفال، إلا أن أعراضه عند الكبار لا تختلف كثيرًا، لافتة إلى إمكانية الإصابة بالقصور اللغوي، وازدياد الحركة بطريقة روتينية لا إرادية.

كما حذرت رضوان من إمكانية سماع المصابات لأصوات كثيرة، قد تزيد من الانطوائية لديهم، وتبعدهم عن الانخراط في الأنشطة الاجتماعية، مؤكدة أن الصداقات، وتكوين علاقات عاطفية، أو الاستماع إلى الآخرين بصفة عامة، يعتبر تحديًا كبيرًا في حياة فتيات التوحٌد، وتعد أفضل وسيلة لتخطي تلك المشكلة، هي السعي الدائم لدمجهن في المجتمع، وإشراكهن في الأنشطة التي تتطلّب إظهار شخصيتهن.

من جهتها، أوضحت الدكتورة علياء وهدان؛ أخصائية أمراض التوحٌد، في تصريحاتها الخاصة لـ "الجوهرة"، أن أعراض الإصابة بمرض التوحٌد لدى الكبار، وخاصة الفتيات في العمر ما بين العشرين والأربعين عامًا، ترتبط بالاضطرابات النفسية التي لم تلق بحثًا كافيًا؛ وذلك لصعوبة اكتشاف المرض بخلاف الأطفال.

وأفادت الدكتورة علياء بأنه يجب على المجتمع أن يعترف بخطورة التوحٌد؛ فاضطراب الطيف التوحٌدي، يعتبر اضطرابًا في النمو العصبي، وبات نسبة انتشاره هائلة على مستوى العالم، مضيفة أن مسببات مرض التوحٌد مازالت غير معروفة، إلا أن نسبة كبيرة ممن يعانون المرض لديهم مهارات، ومواهب مميّزة، لاتسامهم بنسبة ذكاءٍ عالية، تُصنفهم ضمن درجة "العباقرة" – في بعض الأحيان -؛ لذا يجب الحفاظ على تلك النسبة وتطويرها دائمًا، عن طريق المسابقات، ودعمها بالمعلومات، رغم الطفرات الجينية التي تتشابه مع أعراض الصرع التي تصيب معظمهم؛ حيث يسبب انكماش التفرعات، وتشعبات الخلايا العصبية التي تسمح لخلايا الدماغ بنقل الرسائل الحيوية، في التحكٌم بنشاط الدماغ، والتقليل من نقاط الاتصال، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث نوبات الصرع.

وعن المعوقات التي تواجه فتيات التوحٌد، قالت وهدان إنهن يجدن صعوبة بالغة في الاتصال الشخصي؛ حيث نجد الفتاة لا تجيد التواصل، وتُظهر صعوبة في تفسير تعابير الوجه، وقراءة لغة الجسد، فضلًا عن صعوبة الحفاظ على الاتصال بالعين.

وأضافت أخصائية مرض التوحٌد أن الفتيات يتمتعن بحساسية مفرطة في بعض الأحيان، إلا أن الأمر يزداد بشكل مضاعف عندما تدخل في دائرة التوٌحد؛ فهو يدفعها للإفراط الشديد في الحساسية، أو العكس تمامًا؛ لذا يجب تدريبهن على التحدٌث مع بعض الأشخاص الغاضبين، للسيطرة على تلك المشكلة.

"ربما يكون الروتين اليومي، والرتابة، هما الملجأ المثالي، لفتاة التوحٌد حتى تجد الراحة والطمأنينة، ومنطقة الأمان الخاصة بها في هذا العالم الحافل بالضوضاء وعدم الاستقرار بالنسبة إليها؛ إذ تجدها تحبذ عدم التغيير في حياتها، لدرجة تناول الطعام ذاته، او ارتداء الملابس نفسها يوميًا، وترفض السفر، أو أي قرار غامض، فهي تبدأ رحلتها في المعاناة مع القلق واضطرابات النوم، وقد يصل الأمر إلى حد الوساوس، إذا ما طرأ أمرًا غريبًا على حياتها"؛ هكذا وصفت الدكتورة علياء حياة فتيات التوحٌد الخاصة.

ويكمن علاج توحٌد الفتيات في علاج السلوك المعرفي؛ للربط بين المشاعر، والأفكار، والسلوكيات، وتعزيز إدارة القلق، كما يساهم في التعرٌف على الآخرين بشكل أفضل، أما النطق؛ فيجب على الفتيات تعلٌم المهارات اللفظية التي تساعدهن على التواصل، وتحسين إيقاع كلامهن.

وشددت وهدان على أهمية العلاج الوظيفي؛ لتوفير مناخ ملائم للرعاية الصحية التي ترتكز على تعليمهن المهارات الأساسية في الحياة اليومية، وتنمية قدراتهن للشعور بالاستقلالية.

واختتمت الدكتورة علياء تصريحاتها، مؤكدة أن فتيات التوحٌد يمكن أن يتم إدراجهن في الواقع شيئًا فشيئًا؛ حتى ينعمن بحياة طبيعية، تعتمد على تعليم السلوكيات الإيجابية، واستخدام فكرهن، ومهاراتهن، لتطوير علاقاتهن مع المجتمع، علمًا بأن الفتيات يطوّرن شعورًا بالحنان، والحب، تجاه من يملك القدرة على التواصل جيدًا معهن.