التلفزيون سلاح ذو حدين.. كيف نحمي الأطفال من مخاطره؟

تتعدد فوائد التكنولوجيا والوسائط للأطفال لأنها تجعل التعلم ممتعًا وتجربة تفاعلية بالنسبة لهم. لكن للحفاظ على توازن صحي من الضروري أن يفكر الآباء في الآثار الجيدة والسيئة للتلفزيون في الأطفال.

وعلى الرغم من أن أجهزة التلفزيون جزء لا يتجزأ من حياتنا، فقد يرغب الآباء في معرفة مقدار الوقت الذي يجب أن يُسمح فيه للأطفال بالتلفزيون ونوع البرامج التلفزيونية المناسبة للفئة العمرية لأطفالهم.

التأثيرات الإيجابية للتلفزيون في الأطفال

 

التلفزيون ليس سيئًا بشكل عام؛ حيث يمكن لطفلك تعلم أشياء مفيدة. وتشير الأبحاث إلى أن مشاهدة التلفزيون يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في الأطفال، كما يمكن أن تساعدهم في تغيير سلوكهم ومواقفهم.

وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن يكون للتلفزيون من خلالها تأثير إيجابي في الأطفال:

محتوى تعليمي يتم تخصيص عدد قليل من القنوات التلفزيونية لإنشاء محتوى تعليمي وتثقيفي للجمهور، خاصة الأطفال. على سبيل المثال لا الحصر: "عالم سمسم" هو أحد هذه البرامج التي تستهدف الأطفال في سن ما قبل المدرسة.

وهناك عدد قليل من القنوات التي تبث محتوى تعليميًا فقط يغطي مواضيع، مثل: الفن والحرف والعلوم والتاريخ والجغرافيا والرياضيات. ويعد التلفزيون كذلك وسيلة رائعة تعرض لغات مختلفة حول العالم للأطفال.

وفي حالة إذا سمحت لأطفالك بمشاهدة القنوات الإخبارية، مع القليل من التوجيه، سوف يساعدهم هذا في مواكبة الأحداث الجارية وأسماء الأشخاص المهمين في العالم.

الترفيه

الأصوات والصور الملونة على الشاشة تجذب الأطفال وتحافظ أيضًا على انتباههم. ومن الأفلام إلى عروض الرسوم المتحركة، هناك العديد من البرامج للحفاظ على تفاعل الأطفال. ومع ذلك تأكد من أن المحتوى مناسب لأطفالك بناءً على أعمارهم ومستوى فهمهم.

الرياضة شجع أطفالك على مشاهدة الرياضات المختلفة، مثل: التنس وكرة القدم وكرة السلة؛ من خلال المشاهدة المشتركة معهم.

كما يمكنك إخبارهم عن طريقة اللعب والقواعد والحقائق الأخرى المثيرة للاهتمام حول هذه الرياضة. وفي حالة إذا أبدوا اهتمامًا بأي رياضة شجعهم على ممارستها.

التعرض لثقافات مختلفة

يمكن أن يساعد التلفزيون طفلك في التعرف على البلدان المختلفة وتعليمهم ثقافات مختلفة في العالم. ومن خلال الاختيار الصحيح للبرامج قد يتعرف طفلك على العديد من الأشخاص حول العالم وتقاليدهم وأنماط حياتهم وثقافتهم.

قد يكون التلفزيون مصدر إلهام

البرامج التلفزيونية التي تستهدف الأطفال والمراهقين ليست تعليمية فقط ولكنها ملهمة أيضًا؛ إذ تشجع الأطفال على تجربة أشياء جديدة.

على سبيل المثال: يمكن لبرنامج تلفزيوني عن المرح الإبداعي أن يلهم الطفل لتجربة شيء جديد بالطين أو الدهانات أو الورق. وبالمثل يمكن لفيلم وثائقي عن مشاهير العلماء والفنانين وغيرهم من الشخصيات العامة أن يلهمهم أيضًا لتحقيق شيء كبير في الحياة.

وتوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بالحد من وقت الشاشة وأنواع الوسائط التي يشاهدها الأطفال من سن السادسة فما فوق.

أما بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وخمس سنوات فيجب أن يقتصر وقت الشاشة على ساعة واحدة في اليوم ويشمل فقط برامج عالية الجودة.

الآثار السلبية للتلفزيون في الأطفال

يؤثر التلفزيون سلبًا في الأطفال أيضًا، ولسوء الحظ يبدو أن الآثار السلبية تفوق التأثيرات الإيجابية عندما لا تنتبه لها. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن يكون للتلفزيون من خلالها تأثير سيئ في أطفالك:

يحد من النشاط البدني

يقلل الإدمان على البرامج التلفزيونية من مقدار النشاط البدني عند الأطفال، ففي بعض الأحيان يرفضون فعل أي شيء آخر غير مشاهدة التلفزيون طوال اليوم.

كما يمكن زيادة معدل المشاهدة أن تؤدي إلى مشاكل في الرؤية. وتشير الأبحاث أيضًا إلى وجود علاقة مباشرة بين وقت مشاهدة التلفاز والسمنة عند الأطفال.

يؤثر في التواصل الاجتماعي

الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون كثيرًا ليس لديهم وقت للعب أو التواصل الاجتماعي؛ لذلك يمكن أن يؤثر التفاعل الأقل أو المنعدم مع الأقران في تنميتهم الاجتماعية ومعرفتهم وفهمهم للتفاعلات الاجتماعية والسلوك.

يؤثر في نمو الدماغ وسلوكه

قد تكون البرامج التلفزيونية تعليمية لكن المشاهدة المفرطة قد تؤثر في نمو دماغ طفلك، وفقًا للدراسات. ويعد أول عامين من حياة طفلك مهمين جدًا لنمو الدماغ.

ووجد الباحثون أن مشاهدة التلفزيون لفترات طويلة قد تقلل من القدرات المعرفية المتعلقة بالذاكرة قصيرة المدى، والقراءة المبكرة، ومهارات الرياضيات، وتطوير اللغة.

وتشير دراسة أخرى أجرتها جامعة "جون هوبكنز" إلى أن الأطفال الصغار الذين يشاهدون التلفزيون لأكثر من ساعتين في اليوم يمكن أن يعانون من مشاكل سلوكية.

التعرض لمحتوى غير مناسب

قد لا تتمكن دائمًا من التحكم فيما يشاهده طفلك على التلفزيون؛ لذا قد يؤدي التعرض المبكر لمحتوى غير لائق -يتضمن الكحول والمخدرات والعنف- إلى إثارة أسئلة لدى الأطفال.

إن العنف الذي يتم تصويره في ضوء "إيجابي" في أفلام الأبطال الخارقين وما شابه ذلك يمنحهم فكرة أنه من "المقبول" أن تكون عنيفًا؛ لذلك قد يبدأ الأطفال الذين يشاهدون البرامج التلفزيونية القائمة على الأبطال الخارقين في الاعتقاد بأن العنف ليس سيئًا.

وقد يزيد ذلك المحتوى من السلوك العنيف والعدواني لدى بعض الأطفال؛ ما قد يضر بنموهم الاجتماعي. ويظهر في بعض الأطفال هذا السلوك على الفور، بينما قد يظهر عند البعض خلال السنوات اللاحقة.

يعطي نظرة مشوهة للعالم

قد يؤدي التلفزيون إلى "متلازمة العالم اللئيم" عند الأطفال والمراهقين؛ حيث قد يعطي مقدار العنف والأسلحة المستخدمة في التلفزيون انطباعًا بأن العالم مكان غير آمن بالنسبة لهم.

التشجيع على فكرة الاستهلاك يعرض التليفزيون عدد من الإعلانات التي يشاهدها الأطفال مجموعة متنوعة من العلامات التجارية والمنتجات التي قد لا يحتاجون إليها. لكن هذه الإعلانات التجارية تشجع الأطفال على تناول الأطعمة والمشروبات غير الصحية.

وقد يبدأون في الاعتقاد بأن الوجبات السريعة والآيس كريم والمشروبات الغازية جيدة، بينما يصبح الآباء ضحايا النزعة الاستهلاكية؛ حيث يصر الأطفال على شراء شيء ما يشاهدونه على التلفزيون.

التلفزيون سلاح ذو حدين.. كيف نحمي الأطفال من مخاطره؟

كيف يمكن السيطرة على الآثار الإيجابية والسلبية للتليفزيون؟

يجب على الآباء والأمهات اتخاذ موقف عندما يتعلق الأمر بالتلفزيون؛ لذا إن كنت ترغب في حماية أطفالك من الآثار الضارة للتلفزيون فإليك ما يمكنك فعله:

ـ اختر البرامج التلفزيونية المناسبة الخطوة الأولى هي معرفة العروض المناسبة للأطفال. سيتعين عليك إجراء بعض الأبحاث لفهم المحتوى والرسالة التي يرسلها العرض إلى الجمهور.

لا تختر عرضًا لمجرد أنه مخصص للأطفال، لكن ضع في اعتبارك العوامل التالية قبل أن تقرر ما يجب أن تشاهده للأطفال: يجب أن يكون محتوى العرض مناسبًا لعمر طفلك.

اختر العروض بمدة أقصر؛ كلما طالت مدة المشاهدة زادت فرص إدمانهم.

تحقق من نغمة وسرعة العرض؛ لأنك لا تريد أن يشاهد أطفالك عرضًا مفعمًا بالحيوية قبل الذهاب إلى الفراش.

لا تسمح لهم بمشاهدة الإعلانات. الأطفال ساذجون ويمكن للإعلانات التجارية أن تكون متلاعبة؛ لأن هدفهم الأساسي هو بيع المنتجات عن طريق إقناع جمهورهم المؤثر.

شجعهم على مشاهدة البرامج التعليمية من خلال مشاهدتها بنفسك.

ـ تحديد وقت محدد للتلفزيون

يتزايد عدد الساعات التي يقضيها الأطفال في مشاهدة الوسائط الرقمية بمعدل ينذر بالخطر. وبينما قد لا تكون قادرًا على التحكم في مقدار التلفزيون الذي يشاهده أطفالك في الخارج يمكنك بالتأكيد تقييده في المنزل.

إليك الطريقة: لا يوجد تليفزيون أثناء تناول الطعام: لا تسمح لأطفالك بمشاهدة التليفزيون أثناء تناولهم الطعام.

تأكد من تناول العشاء معًا كأسرة، إن أمكن، على مائدة العشاء مع عدم وجود تلفزيون في الخلفية.

ـ إزالة التلفزيون من غرفة النوم

يعد التلفزيون في غرف النوم فكرة سيئة، خاصة بالنسبة للأطفال؛ حيث يمكن أن يؤثر التعرض الطويل للشاشات في عادات نومهم.

ـ التلفزيون ليس جليسة أطفال

من الشائع أن يستخدم الآباء والأمهات التليفزيون كجليسة أطفال عندما يريدون فعل شيء ما دون أن يزعجهم أطفالهم. عندما تكون مشغولًا لا تتمكن من مراقبة ما يشاهده الأطفال وقد يعرضهم ذلك لمحتوى غير لائق.

الخلاصة

دعونا نواجه حقيقة أن التلفزيون لن يذهب إلى أي مكان في أي وقت قريب؛ لذا فإن عدم شراء جهاز تلفزيون للحفاظ على سلامة أطفالك لا يضمن عدم تعرضه له؛ حيث يمكنهم مشاهدة التلفزيون في المدرسة أو في منزل أحد الأصدقاء أو بأي مكان آخر.

لكن هذا لا يعني أنه لا يمكنك التحكم في تأثير التلفزيون في أطفالك. بصفتك أحد الوالدين حدد مقدار التلفزيون الذي يراه طفلك، وإذا كان أطفالك كبارًا بما يكفي لفهم ذلك فاشرح لهم سبب تقييد وقت الشاشة وكيف يمكن أن يؤثر ذلك فيهم؛ هذا قد يقلل من المقاومة.

ويعد التلفزيون جزءًا حيويًا من حياتنا في الوقت الحاضر، ومع ذلك عندما يبدأ الأطفال في الانغماس في مشاهدته لأوقات طويلة يتساءل معظم الآباء عن التأثيرات الجيدة والسيئة للتلفزيون فيهم.

وبينما يعتبر التلفزيون مصدرًا للترفيه ووسيلة رائعة للمشاركة في محتوى علمي وتعليمي، إلا أنه في بعض الأحيان قد يؤثر سلبًا في رفاهية الطفل.

وبالتالي من المهم بالنسبة لك كوالد وضع بعض القواعد، مثل تحديد وقت شاشة ثابت، واختيار النوع المناسب من العروض للأطفال، وتشجيع النشاط البدني. وتذكر أن التلفزيون يمكن أن يكون مفيدًا لطفلك عند استخدامه بحذر وإشراف الوالدين المناسب.

اقرا أيضًا: صبحة بغورة تكتب: موقع المعلم في المنظومة التربوية والمجتمع