«هولدن كولفيلد».. الفتى الذي ضل طريقه إلى البيت

إذا كان أزعجك الزيف والاصطناع المستشريان في دنيا الناس الآن، وإذا ألفيت نفسك غاضبًا، مستدبرًا العالم مستقبلًا العزلة، فلا تخش شيئًا، لست وحدك، هناك آخرون غيرك لاذوا إلى ذات الخيار.

بل إن ما حدث معك هو عين هو ما حدث مع «هولدن كولفيلد» بطل رواية «الحارس في حقل الشوفان»، وهو فتى صغير، لم يزل في الثانية عشر من عمره، طُرد من مدارس شتى لسلوكه الصريح، تذكر: "لا أحد يحب الصادقين".

يتم طرد الفتى «هولدن» من المدرسة، ويقرر، هو من جهته، أن يتسكع ابتداءً من يوم الأحد حتى يصل إلى بيته يوم الأربعاء؛ كي يتمكن والداه من تلقيّ جواب طرده من المدرسة فتكون ثورتهما قد هدأت إلى أن يأتي هو.

وخلال هذه المدة الوجيزة، تدور الرواية، وعلى الرغم من قصر محيطها الزمني إلا أن «سالنجر» أسهب كثيرًا في التفاصيل، لسببين: الأول أن الغاضب يتحدث كثيرًا، وقد كان واضحًا أن سيل غضب «هولدن» قد بلغ الزُبى، والأمر الآخر هو أن هذا الإسهاب أرانا المؤلف من خلاله مقدار الزيف في كل شيء في هذه الحياة.

الفتى «هولدن» رافض لكل شيء، والغضب رفض من حيث الأصل، بل ويقرر أنه لن يدخل أية مدرسة من المدارس بعد الآن؛ كي لا يقابل مزيفين في حياته أبدًا، ويقرر، عوضًا عن ذلك، أن يكون «حارسًا في حقل الشوفان».

لكن خاتمة الرواية مفاجئة تمامًا؛ إذ لا يحدث شيء سوى أن يعود الفتى إلى بيته، ويقرر الذهاب إلى مدرسة جديدة مطلع الخريف القادم.

وربما تكون في هذه إشارة إلى «سطوة الكل الاجتماعي» وهيمنته؛ فليس من حق الولد أن يترك الدراسة، وأن ينقب عن ذاته في حقول الشوفان.

لوحة حياة الفنان

في حياة الكاتب الأمريكي جيروم ديفيد سالينجر العديد من العظات التي تجعله خليقًا بكل هذه الضجة المثارة حول موته وحياته؛ فهو فنان يشك في موهبته، كما أنه آثر الاعتزال الحرفي للعالم وناهض الظهور ما وسعه الجهد، حتى إنه وصل إلى المحاكم ذات مرة لكي يمنع المهتمين بكتابة سيرته الذاتية، كما أنه رفض إعادة نشر أعماله أكثر من مرة.

لكن الأهم من هذا كله أنه تماهى تمامًا مع بطل روايته الوحيدة «الحارس في حقل الشوفان» هولدن كولفيلد؛ فالفتى «هولدن» _مثل سالينجر بالضبط_ رافض لكل شيء، ويقرر أنه لن يدخل أي مدرسة من المدارس بعد الآن؛ كي لا يقابل مزيفين في حياته أبدًا، ويقرر، عوضًا عن ذلك، أن يكون «حارسًا في حقل الشوفان».

لكن خاتمة الرواية مفاجئة تمامًا؛ إذ يعود الفتى إلى بيته ويقرر الذهاب إلى مدرسة جديدة مطلع الخريف القادم.

وعلى ما يبدو، فإن جيروم ديفيد سالينجر وطّد عزمه على عدم الوصول إلى ذات النهاية التي وصل إليها «هولدن كولفيلد» وآثر العناد ولاذ بالعزلة حتى النفس الأخير من حياته.

وعُرض في عام 2017 فيلم ثائر في حقل الشوفان (Rable In The Rye)، وهو فيلم سيرة ذاتية عن حياة الكاتب، أخرجه المخرج الأمريكي داني سترونغ؛ وأدى دور “سالينجر” الممثل نيكولاس هولت.

اقرأ أيضًا: «إثراء» يعلن استمرار التسجيل في مسابقة «اقرأ»