الإعلامية السورية روان ترك: سعدت باهتمام المملكة بتمكين المرأة ومشاركتها بسوق العمل

حوار: مجدي صادق

سعدت باهتمام المملكة بتمكين المرأة اقتصاديًا ومشاركتها بسوق العمل.. هكذا بدأت الإعلامية والمذيعة السورية روان ترك حوارها لـ "الجوهرة".

وأكدت أن دخول المرأة المجال الإعلامي أضاف لها الكثير، بقيام كثير من النساء بتغيير مسار الإعلام العربى، مشيرةً إلى أن ظواهر الثورة الصناعية الرابعة الإيجابية ولدت ثورات اجتماعية فى دول العالم.

ولم تنس روان ترك وهى تتذكر مفاجأتها كإعلامية عند ظهور المذيعة الافتراضية "كيم" الكورية وهي تقرأ نشرة الأخبار مع مذيعة حقيقية لتتساءل: هل "ثورة الذكاء الاصطناعي" نعمة أم نقمة على الإعلام في العالم؟!.. وإلى نص الحوار:

كيف ترين الآن المشهد الإعلامي العربي؟

لم تتغير إلى اليوم وظيفة الإعلام والصحافة بالنقد والتقويم وكشف الحقائق وصناعة الوعي رغم كل التغيرات التي طرأت على عالمنا العربي خاصة بعد ثورات الربيع العربي، لكن لا يمكن أن نتجاهل الجهات المشرفة على هذا الإعلام قبل سنوات وسلطة الإعلام الحكومي في توجيه الرأي العام على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية وكل ما يتعلق بالقضايا المجتمعية والانغلاق المفروض على الشعوب في حين انتقلنا اليوم إلى انفتاح هائل وارتفاع بسقف الحريات مع ظهور الإعلام البديل والإعلام الحر الذي خرج من سياق تبجيل السلطان وتنحي مصطلحات فرضت على واقعنا وإلغاء لغة التسويف التي لطالما وضعت الشعب العربي موقع اللا متفائل.

اليوم انتقل الإعلام الاحترافي إلى مخاطبة العقل والمنطق والتنمية المعاصرة ووسع آفاق الجمهور العربي بقضايا لم تكن حاضرة في الإعلام الأحادي، كما لعب الإعلام اليوم دورًا في تشكيل الرأي العام والتقريب بين المجتمعات وتبادل الخبرات والمعارف بكل أنماط الحياة.

أما فيما يتعلق بانتشار ظاهرة المؤثرين والمشهورين وغياب الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فذلك سيف ذو حدين ولا يمكن أن أقول إنه من إيجابيات الإعلام الحر إذا أمكن تفنيده ضمن قوائم الإعلام، لكن على الرغم من كل هذا أشعر بالأسف فى كل عام عند رؤية البلدان العربية تتصدر أواخر بلدان العالم بمستوى حرية الصحافة.

هل اختلفت لغة الخطاب الإعلامى كثيرًا فى زمن الرقمنة والذكاء الاصطناعي؟

عند سؤال أي إعلامي اليوم عن الذكاء الاصطناعي يتبادر إلى ذهنه كما حصل معي عند ظهور المذيعة الافتراضية "كيم" الكورية الجنوبية قبل عامين وهي تقرأ نشرة إخبارية مع مذيعة حقيقية، وكيف تبادلتا بتبادل الأحاديث فشعرت بالقلق حينها حول هذه المهنة التي ستصطفي العنصر البشري، بالتأكيد الذكاء الاصطناعي لن يقتصر على هذا فحسب، بل ربما حصدنا نتائجه أكثر بعد أزمة كورونا.

أرى أن هناك ثورة ستتنافس عليها كبرى الشركات والمؤسسات الإعلامية نتمنى أن نكون جزءًا منها لتطوير آلية العمل الصحفي.

دخول المرأة مجال الإعلام هل أضاف الكثير له؟ وكيف تقيمين عملها في هذا المجال؟

بلا شك أضاف الكثير على الرغم من أن الساحة الإعلامية لم تكن حكرًا على الرجال فقط كما يعتقد البعض. فلا يمكن أن ننسى هند نوفل الصحفية اللبنانية التي أسست أول مجلة عربية تعنى بقضايا المرأة والدفاع عنها.

وهناك نساء غيرن مسار الإعلام وواجهن تحديات إلى أن خلقت قصصهم ومواقفهم فرصًا لأجيال قادمة. ليس بالسهل عمل المرأة ودخولها المعترك الإعلامي والصحفي بشكل عام لكنها على مدار سنوات أثبتت جدارتها في هذا القطاع خاصة في المجالات الأكثر خطورة كالتغطيات الإخبارية ونقلها للحقائق بساحات القتال، وتوليها المناصب الإدارية بالمؤسسات الإعلامية.

نجاح المرأة الهائل في هذا القطاع أمر واقع لا يمكن أن نغفل عنه، فليس هناك أجدر من المرأة اليوم بالحديث عن حقوقها وحقوق عائلتها وعرضها بكل جرأة على الملأ.

كيف كانت تجربتكِ فى البداية، وهل واجهتِ صعوبات؟

أذكر عندما قلت لأول مرة بأنني سأصبح صحفية كنت في الرابعة عشرة من عمري وكان والدي رحمه الله هو من ساعدني للوصول إلى ما أنا عليه اليوم. كان حلمي بصراحة وكنت أعلم أنها مهنة المتاعب والتحديات وأنا أعشق التحدي والمغامرة في الحياة.

لا يمكن وصف تلك المرحلة بالصعبة، وفي المقابل لا يمكن للمرء أن يحقق هذا النجاح بالتراخي وبلا أي متاعب.

بدأت العمل في عامي الأول من الدراسة واتخذت قراري بتجربة كل شيء في القطاع الإعلامي حتى تعلمت تمامًا ما المناسب لي. لا أعلم إن كانت تلك التجربة تصلح للجميع لكنها وضعتني على المسار الصحيح وسعيدة بها.

باعتبارك إعلامية سورية مارستِ الإعلام المسموع والمرئى والمقروء، ما الأقرب إلى طموحك؟ ولماذا؟

ربما هذا السؤال يُفَصِل أكثر جوابي السابق، العمل في المجالات الثلاثة كان مرتبطًا ببعضه البعض أو مكملًا له. فالخبرة التي اكتسبتها من المكتوب أثقلتني غنى بإعدادي لمادتي ومواضيعي في المسموع، والعمل في الراديو أعطاني الثقة في الوقوف أمام الكاميرا. ففي هذه المرحلة تعديت التفكير بنبرة صوتي ونَفسي وكيفية إلقائي، فأصبح الموضوع يتعلق فقط بالتعامل أمام الإضاءة وبوجود عدسات كبيرة والجلوس داخل استديوهات وأنا أعلم أن آلاف العيون في هذه اللحظة تنظر إلي.

وكان للمسموع حيز كبير في قلبي وبرأيي هو الأصعب فليس من السهل أن تستقطب كمًا كبيرًا من الجمهور وتشد انتباههم لساعات إذا لم تكن قريبًا إلى قلوبهم بصوتك وحديثك وطرحك للمواضيع التي تحظى باهتمامهم، أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال فطموحي لم أصل إليه بعد.

كثير من الظواهر الاجتماعية خرجت من رحم الثورة الصناعية الرابعة مثل التنمر والتحرش، فهل المسؤول عنها مواقع التواصل الاجتماعى؟ وهل نجح الإعلام العربى فى مواجهتها؟

لا يمكن أن ننسب هذه الظواهر كليًا إلى التوسع في استخدام مواقع التواصل وسيطرتها على حياة شبابنا العربي ولكنها ساهمت لحد كبير في انتشارها وتزايدها إلى أن بات يطلق على قسم منها بالتنمر الإلكتروني والتحرش الإلكتروني، وهذا من سلبيات دخول التكنولوجيا لواقعنا.

لكن من ظواهر الثورة الصناعية الرابعة الإيجابية أنها ولدت ثورات اجتماعية في دول العالم، وطالبت بتغيير أطر قانونية وثقافية واجتماعية إلى أن بات اليوم عدد كبير من الدول يسن قوانين تجرم مفتعلي التنمر والتحرش، لكن لم تقض عليها بالمجمل وقام بالدور المساعد والمساند الإعلام بتطرقه الجريء لتلك القضايا وجعله منبرًا للانتهاكات الحاصلة عدا الدور التأهيلي من قبل عدد كبير من منظمات المجتمع المدني وخاصة المعنية بالطفل والمرأة للحد من هذه الظواهر ومكافحتها، وعرض بعض الحالات على مواقع التواصل ساهم في فضح الجاني وكف يده والصورة الأبرز كانت في كسر الصورة النمطية للمرأة التي تتعرض للتحرش الإلكتروني بتعدي حدود البيئة المجتمعية التي ظهرت منها وطرح تجربتها على الملأ.

الإعلامية السورية روان ترك: سعدت باهتمام المملكة بتمكين المرأة

ارتفاع معدلات الطلاق في مجتمعاتنا.. كيف تطرحين تلك المشكلة عبر برامجك؟

للأسف تزايد نسبة الطلاق لم يكن حكرًا على المجتمع السوري فحسب، بل هو ظاهرة نتاج الأزمات التي تمر بها البلاد خاصة بعد انهيار القطاع الاقتصادي في غالبية الدول، لحقها بعض الكوارث والأوبئة منها جائحة كورونا التي كانت سببًا في تزايد النسبة.

ضمن مؤسستنا وفي برنامجي نعنى دائمًا بالشق الاجتماعي وليس بنقل الصورة فحسب بل بمحاولة علاجها، فيوميًا نخاطب شريحة الشباب والبنات المقبلين على الزواج وتعريفهم بتلك المؤسسة ومقومات نجاحها بدءًا من عواقب الزواج المبكر إلى الزواج عن بعد، ومناقشة أسباب عزوف الشباب عن الزواج والخوف من المسؤوليات والإنجاب في ظل بيئة وأرضية غير مستقرة تمامًا ومحاولة إيجاد الحلول للوصول بتلك المؤسسة إلى بر الأمان خاصة مع وجود أطفال، والتنوير بعواقب الانفصال.

على كل الأطراف مناقشة الموضوع ضمن أطر صحيحة ومع اختصاصيين. والدور الأصعب برأيي أن تكون مرشدًا لتأسيس أسرة ضمن ظروف ومجتمع عانى ما عاناه اليوم.

المرأة السعودية حصلت على الكثير من الحقوق مع رؤية 2030، فكيف ترين الصورة الآن؟ وماذا تتمنين لها؟

سعدت أن ملف المرأة مع رؤية المملكة 2030 حظي باهتمام كبير خاصة بموضوع تمكين المرأة وزيادة مشاركتها بسوق العمل لتكون شريكًا فعالًا بكل المجالات إلى أن باتت تنافس الرجل اليوم في المناصب الإدارية والدبلوماسية.

وحصول المرأة السعودية اليوم على تلك الميزات هو حق حرمت منه لسنوات عديدة وحصولها اليوم على حريتها وتخفيف بعض جوانب الوصاية من قبل الرجل عليها ستأتي حتمًا بوتيرة متسارعة وسيعزز ثقتها بنفسها وثقة من حولها بها، وكان هذا جليًا بزيادة تمثيلها في مجلس الشورى.

أتمنى لها كما أتمنى لكل إمرأه في عالمنا العربي أن تكون سيدة هذا المجتمع وقادة من قياداته. فهي القوة التي بإمكانها تغيير بنية مجتمع بأكمله والنهوض به.

وماذا عن المرأة السورية في ظل الظروف التي عاشتها وتعيشها؟

المرأة السورية في ظل تلك الظروف أثبتت قوتها وجدارتها على تخطي كل المصاعب التي مرت بها من الفقدان والحرمان والتهجير. لتكن اليوم بالصفوف الأولى تتلقى التهاني بنجاحاتها في الخارج على كل الأصعدة.

استطاعت المرأة السورية أن تتغير وتتأقلم مع كل الظروف والبيئات بتعلم اللغات وتربية أبناء ناجحين إلى افتتاح مشاريع كانت فيها المعيل والأب لعائلتها، رأيناها بالمقدمة في الجامعات والمدارس. كما تولت مناصب رفيعة حتى بالأعمال التي كانت حكرًا على رجال الأعمال؛ إذ تحدت الجميع واعتبرته نوعًا من النصر لقدرتها على ممارسته وكانت قدوة يحتذى بها أمام أطفالها. ليس بالسهل كل ما قامت به فهناك كسر داخلي تشعر به اليوم كل إمراه سورية هجرت أهلها وبيتها التي أفنت جسدها ببنائه ووضعت روحها في ترتيبه وزرع نبتته وتصفيف ستائره. أفخر أنني جزء من هذا المجتمع.

اقرأ أيضًا: مصممة الأحجار الكريمة سنية الفقي: السوق السعودي بيئة جاذبة.. والمملكة محطتي التالية