يعد عسر الكتابة اضطرابًا عصبيًا مستقلًا يؤثر بشكل مباشر على المهارات الحركية الدقيقة اللازمة للكتابة، أو على العمليات الدماغية المسؤولة عن أداء هذه المهمة. وبما أن الكتابة الواضحة والدقيقة تمثل حجر الزاوية في المراحل الدراسية المبكرة، فإن تأثير عسر الكتابة على المسيرة التعليمية للطفل قد يكون كبيرًا.
على الرغم من أن التوحد (اضطراب طيف التوحد – ASD) يصنف كاضطراب منفصل عن صعوبات التعلم مثل عسر الكتابة. إلا أنه ليس من المستغرب أن يعاني الشخص من كليهما، نظرًا للتداخل في الصعوبات المتعلقة باللغة.

أنواع عسر الكتابة وتجلياتها المختلفة
وفقًا لـ “webmd”يتخذ عسر الكتابة عدة أشكال، وقد يعاني المصاب من أكثر من نوع في آن واحد، وتشمل هذه الأنواع:
- عسر الكتابة المرتبط بعسر القراءة (القرائي أو اللغوي): ينجم عن خلل في الربط بين الجزء الدماغي المسؤول عن تذكر شكل الكلمات المسموعة والجزء المسؤول عن تذكر الكلمات المكتوبة.
- عسر الكتابة الحركي (المحيطي): يرتبط بالصعوبة في المهارات الحركية الدقيقة. يؤثر على الإمساك بالقلم وتشكيل الحروف والكلمات. ولكن غالبًا ما يستطيع المصاب التهجئة شفهيًا بشكل جيد.
- عسر الكتابة المكاني: يتعلق بكيفية فهم الشخص للمساحات اللازمة للكتابة. بما في ذلك المسافات بين الحروف والكلمات، وقد يؤدي إلى صعوبة في الرسم. يمكن للمصاب أيضًا التهجئة بصوت عالٍ.
- عسر الكتابة الصوتي: يجد فيه المصاب صعوبة في ربط نطق الكلمات بتهجئتها. وقد يؤثر على معالجة أصوات اللغة. يواجه صعوبة أكبر مع الكلمات الجديدة وغير المألوفة.
- عسر الكتابة المعجمي: يؤثر على قدرة الشخص على تهجئة الكلمات غير المنتظمة أو المعقدة القواعد. لا يتأثر خط اليد نفسه، ولكن تتأثر دقة كتابة الكلمات.

الأعراض والتشخيص
عادة ما يظهر عسر الكتابة في خط يد الأطفال، الذي يتسم بأنه غير واضح أو غير منتظم. أو غير متناسق في الميل والأشكال واستخدام الأحرف الكبيرة والصغيرة. كما يميل الأطفال إلى الكتابة ببطء والمسح المتكرر.
من الأعراض الأخرى الواضحة:
- قبضة ضيقة للقلم قد تسبب ألمًا في اليد.
- سوء الإملاء أو كتابة كلمات وحروف مفقودة.
- صعوبة في التخطيط المكاني وتوزيع النص على الورقة أو الالتزام بالهوامش.
- وضعية غير عادية لليد أو الجسم أو الورقة أثناء الكتابة.
مراحل التشخيص:
تبدأ عملية التشخيص بضرورة أن يستبعد طبيب الأطفال أي أسباب طبية أخرى لصعوبات الكتابة. بعد ذلك، يتولى طبيب نفسي مرخص أو أخصائي تعليم متخصص في اضطرابات التعلم مهمة التشخيص، وذلك من خلال إجراء اختبارات أكاديمية وكتابية تقيس قدرة الطفل على صياغة الأفكار ومهاراته الحركية الدقيقة.
يقيم الأخصائي عدة جوانب، مثل: وضعية اليد والجسم، قبضة القلم، عملية الكتابة، وجودة العمل المنجز. ومن الاختبارات الشائعة المستخدمة: اختبار بيري-بوكتينيكا التنموي للتكامل البصري الحركي، واختبار ويكسلر للإنجاز الفردي.
التكيف والمساعدة
لا يوجد علاج لعسر الكتابة، كما لا يتخلص الأطفال منه مع التقدم في السن، ولكنه اضطراب يمكن التكيف معه والتعامل معه بنجاح. يختلف العلاج باختلاف المصاب والحالات الصحية المصاحبة، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، حيث قد تساعد أدوية ADHD في بعض الحالات المشتركة.
كيف يمكن للوالدين المساعدة؟
من المهم تجربة أساليب مختلفة لإيجاد ما يناسب الطفل. يمكن البدء بالآتي:
- توفير أدوات مساعدة: مثل الورق ذو الخطوط العريضة، أو ورق الرسم البياني، واستخدام مقابض مريحة للقلم.
- التحول إلى التكنولوجيا: تعليم الطفل مهارات الكتابة على الكمبيوتر (الطباعة) في سن مبكرة.
- الدعم العاطفي: عدم انتقاد العمل غير المتقن، وتقديم الثناء والتشجيع الإيجابي على جهود الطفل.
- تعليم آليات التخفيف من التوتر: مثل ممارسة تمارين سريعة لليد قبل البدء بالكتابة، أو استخدام كرة الضغط (Stress ball).
المساعدات والتعديلات المدرسية:
يجب التحدث مع معلم الطفل لضمان حصوله على الخدمات التعليمية الخاصة. مثل البرنامج التعليمي الفردي (IEP) أو خطة 504، والتي توثق احتياجاته. يمكن طلب تسهيلات مثل:
- تقصير مهام الكتابة أو استبدالها.
- استخدام الكمبيوتر للواجبات المكتوبة.
- توفير نسخ من ملاحظات الفصل.
- استخدام مسجل صوتي أو جهاز إملاء.
- استبدال الامتحانات الكتابية بالامتحانات الشفوية.
كما يعد التشخيص المبكر والتدخلات السريعة أمران حاسمان لمساعدة الأطفال على تعلم طرق التكيف الفعالة مع عسر الكتابة ليتمكنوا من التعامل مع البيئة المحيطة بنجاح.

















