مهرجان الحريد 2019 يُنعش سوق الأسماك في جازان

تقرير أحمد الزيلعي

تعد الثروة السمكية هي إحدى الثروات المائية الحية بالمملكة ومن المصادر الطبيعية المتجددة، التي لها القدرة على تجديد نفسها عامًا بعد عام من خلال عمليات التكاثر الطبيعية.

 

 

130 مليون طن إنتاج العالم سنويا من الأسماك

تعتبر الثروة السمكية من أهم المصادر الطبيعية التي استغلها الإنسان منذ القدم عن طريق الصيد، حيث يبلغ الإنتاج العالمي من الأسماك حوالي 130 مليون طن في كل عام، وتُقدّر حصة  الدول النامية من إنتاج الأسماك بحوالي 48%، ويحصل الإنسان على 14 % من البروتين الحيواني من الأسماك؛لأن الأسماك تعتبر مصدر هام للبروتين، ومن ثم يمكن أن يتحقق الأمن الغذائي، وفى الوقت نفسه تعتبر مصدر هام للدخل بالنسبة للفرد وللاقتصاد الوطني ويقدر الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية 91442 الف طن تقريبا في العام ، ونذكر بعض الأسماك الاقتصادية الهامة في البحر الاحمر والخليج العربي:

الثروة السمكية في منطقة جازان

تتميز منطقة جازان بوفرة العوامل البيئية الملائمة لنمو وازدهار الثروة السمكية على امتداد مياهها الإقليمية وسواحلها على البحر الأحمر المقدرة بأكثر من 250 كيلو مترًا  تمتد من الشقيق شمالاً وحتى الموسم جنوبًا؛ ما أدى إلى توافر أنواع الأسماك التجارية طوال العام .

وتمثل الثروة السمكية بالمنطقة مصدر دخل لنحو 6000 صياد يمتهنون صيد الأسماك بصفة يومية عبر مختلف وسائل الصيد التقليدية والقوارب البحرية والتي يزيد عددها عن نحو 2600 قارب صيد متطورة وتقليدية تعمل عبر مواقع الإنزال ومراسي الصيادين المتناثرة على طول سواحل المنطقة في كل من مناطق "الحافة والمضايا والسهي والموسم والمقعد والسميرات وبيش والشقيق والقوز والخور وجنابة وتبتا وسواحل قماح وجبال الاصباح والصدين وخور السقيد وأبوالطوق والماشي"؛ ما ساعد على توافر كميات كبيرة من الثروة السمكية بمنطقة جازان وجود مساحات من أشجار الشورى ” التي تعرف  بالمنجروف ” والجزر الرملية التي تمثل عوامل بيئية ملائمة لتكاثر وحضانة وتغذية مختلف أنواع الأسماك، وتوافر العديد من الأودية ومجاري المياه التي تحمل مياه الأمطار الغنية بالأملاح المعدنية من الجبال والمرتفعات الشرقية بالمنطقة، وتصبها في مياه البحر، ما يزيد من إنتاجية الماء من الطحالب والهوام النباتية التي تشكل القاعدة الأساسية للهرم الغذائي في البيئة المائية، فضلاً عن اتساع الرصيف القاري بمنطقة جازان حيث يتراوح عرضه بين 35 و 70 كيلو مترًا ويعتبر من أغنى المناطق البحرية من حيث المصائد السمكية إلى جانب احتضان المنطقة لأهم مناطق صيد الربيان في البحر الأحمر التي تمثل بيئة مناسبة لتكاثر مختلف أنواع الربيان.

تشكل التجمعات الكبيرة من الشعاب المرجانية التي تنتشر على امتداد ساحل المنطقة ومياهها الإقليمية أنظمة بيئية هامة توفر المأوى والغذاء والحماية للعديد من الأسماك بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الجزر التي تعمل كبيئة مناسبة للأحياء البحرية للتكاثر والحضانة وحمايتها من تأثير الظروف البيئية الخارجية وخلو مياه البحر بمنطقة جازان من مصادر التلوث النفطي والكيميائي مما ساعد الكائنات البحرية على التكاثر والنمو وزيادة الثروة السمكية بالمنطقة.

سوق السمك بجازان

يشكل  سوق السمك المركزي بمدينة جيزان معلماً شعبياً واقتصادياً هاماً لبيع مختلف أنواع الأسماك التي تشتهر بها المنطقة حيث يشهد حركة تجارية طوال العام بما في ذلك شهر رمضان المبارك، ويمثل المركز الرئيسي لتجارة الأسماك سواء على مستوى منطقة جازان وحتى المناطق المجاورة .

مهرجان الحريد 2019

كشفت إحصائية جديدة أجراها مركز المعلومات والأبحاث السياحية "ماس" في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن "مهرجان الحريد 2019" الذي أقيم الشهر الماضي في جزيرة فرسان في منطقة جازان، استقبل أكثر من 24 ألف زائر من مختلف الفئات والأعمار.

وتأتي هذه الإحصائية ضمن أعمال مركز ماس في جمع وتحليل بيانات إحصائية عن المهرجانات التي تنظم في مختلف مناطق المملكة.

مهرجان الحريد بجزيرة فرسان

يعد "مهرجان الحريد هذا الموسم  2019"، الذي أقيم خلال الفترة من 20 حتى 22 شعبان ، آخر مهرجان عملت الهيئة على تقديم بيانات إحصائية مفصلة عن أعداد زواره، وخاصة السياح والغرض من زيارتهم المهرجان، ومصادر المعلومات عن المهرجان، وبيانات متنوعة تشمل تقييم السياح للمهرجان، واقتراحاتهم لتطويره. وبينت الإحصائية أن عدد زوار "مهرجان الحريد 2019" بلغ 24,313 زائرًا، قدموا من 15 وجهة من مختلف مناطق المملكة الإدارية ومن خارجها، مع أكثرية واضحة لمن قدموا من منطقة جازان بنسبة 47 في المائة. وأوضحت الدراسة أن 91 في المائة من السياح كان هدفهم الرئيسي من حضور المهرجان، وبلغت نسبة من حضروا لغرض الترفيه والسياحة أو العمل 4 في المائة، بينما جاء 2 في المائة لغرض زيارة الأهل والأصدقاء. وبلغ المتوسط العام للإنفاق اليومي للفرد 327 ريالاً، ويمثل الإنفاق على النقل والمواصلات 24 في المائة من متوسط الإنفاق اليومي، وبلغت نسبة الإنفاق على الإقامة 22 في المائة، بينما بلغت نسبة الإنفاق على الأكل والشرب 16 في المائة، والتسوق 15 في المائة، وحصل المهرجان على تقييم إيجابي من أغلب أفراد عينة الدراسة

الصيد في جازان

رحلة يومية تبدأ قبل الشروق وقد لا تنتهي بالغروب يجمع الصياد خلالها  شباك صيده، على أمل يتجدد كل صباح يبدأ رحلته بتجديفات الفارس البحار الماهر، بهذه الكلمات يصف  "إبراهيم العقيلي"  أحد كبار الصيادين في جازان ويبلغ من العمر 65 سنه قصته مع البحر، ورحلة سعيه اليومية من أجل الرزق، ويضيف  «أنا نزلت البحر وعمري 12سنة، ومنذ ذلك الحين أعشق البحر والصيد، فقد زاولت هذه المهنة مع والدي، وكنت أرافقه في رحلات الصيد دائمًا حيث علمني الكثير عن البحر والغوص والصيد.

ويتذكر" العقيلي"  المصاعب التي كانت تواجه والده يوميًا مع البحر ويقول «هناك العديد من الصعوبات والمخاطر التي تواجه الصيادين ومنها التقلبات الجوية والبحرية، منها تقلبات الجو والرياح ومنها البحرية مثل هجوم سمك القرش في بعض الأوقات وتمزيق شباكنا، مرورًا بلدغ بعض الحيوانات البحرية الغريبة ومنها ما يعرف بحيوان السفن وانتهاء بالمخاطر الأكبر كغرق القوارب والزوارق والمراكب والهواري القديمة».

رحلات الصيد قد تستغرق أسبوعًا في بعض الأحوال، بهذه الكلمات يتحدث العم "عبدالله حكمي" أحد كبار حرفة الصيد في منطقة جيزان، حيث كان يقضي أسبوعًا كاملاً متنقلاً ًبين الجزر البحرية رغم عدم توفر الخدمات، لكنها ظروف الحياة» كما يقول تجبره على ذلك خاصة أن البحر هو مصدر رزقه ورزق ابنائه.

ولا ينسى أن يعبر عن ألمه بسبب دخول العمالة الأجنبية حرفة الصيد خاصة أن بعضهم يملك مراكب وآليات صيد متطورة لا يملكها أبناء المنطقة.

المخدجة وشعي أشهر طرق الصيد في جازان

تتنوع في جازان طرق الصيد بين الصيادين فهناك طريقة تسمى «شعي» وهذه الطريقة تستخدم لصيد السمك «العربي» أيضًا هناك طريقة «المخدجه» وهي طريقة تستخدم فيها شباك طولها 9 أمتار وعرضها 5 أمتار وبها أثقال يصل عددها إلى 90 حبة يحملها الصياد على كتفه ويرميها على السمك عند ظهوره.

وهناك طريقة «المعروض» وتتلخص في عمل أعمدة في البحر في عمق معين ثم القيام بشد الشبكة في وضع قائم وعندما يجرف موج البحر السمك إلى الشبكة يشتبك السمك في الشبكة، وأيضًا طريقة «الجلب» وهي عبارة عن فلوكة وسنارة وهذه الطريقة تصيد أنواعًا متعددة من الأسماك مثل الظيرك وغيره، أما الطريقة الأخيرة للصيد وهي عندما يكون البحر متحففًا وهادئاً يمشي الصيادون بجوار البحر وعند سماع صوت الأسماك يرمي الشباك في البحر ويضربها بالعصي وعندما تهرب بقية الأسماك تعلق بالشبكة وهذه الطريقة تصيد كل الأسماك، لكن الصيادين كلهم يتفقون أن البحر لا يدخله إلا الشجعان نظرًا لحجم الأخطار والمشاكل وهو ما يشير إليه كبير الصيادين بقوله «البحر لا يدخله إلا الرجل الشجاع الذي يريد ان يتعلم، ففيه أخطار ومصاعب لا يصبر عليها إلا الرجل الصحيح قوي العزيمة».

ويستطرد «لكن البحر صديق الصيادين كريم معهم بفضل الله ولهذا السبب لن أترك البحر مهما كانت الظروف فهو مصدر رزقي الوحيد وولدي تعلم مني الكثير وهذه المهنة تعتبر وراثية لن تنقرض إن شاء الله».