ماذا بعد ترند “الأشواجاندا” ومكملاتها؟

«الغذاء والدواء» توضح فوائد عشبة الأشواجاندا وأعراضها الجانبية 

“الأشواجاندا” شجيرة دائمة الخضرة، تزرع في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية وآسيا وأفريقيا وأوروبا، تُعرف باسم “أشواجاندا”؛ لأن جذورها يُقال إنها تشبه رائحة الحصان المبلل “أشوا” للحصان و”جاندا” للرائحة.

وتُعرف “الأشواجاندا” أيضًا باسم “الجنسنج” الهندي، وتستخدم في الطب التقليدي واليوناني. وفي الهند كمُكيّف adaptogenic، ويعني أن “النبات يزيد من قدرة الشخص على المقاومة أو التكيف تجاه الضغوط البيولوجية أو العصبية”، كما أن “سومنيفيرا” – جذور “الأشواجاندا” -، مشتقة من الكلمة اللاتينية التي تعني مُحدث النوم؛ ما يشير إلى خاصية أخرى لهذا النبات بأنه يحفز النوم.

وتظهر لـ “الأشواجاندا” حاليًا، خصائص تثبت قدرة جذوره على الحد من التوتر والقلق والاضطرابات العصبية.

غنية بالمواد الفعالة

تتميز بأنها غنية بالمواد الفعالة، على رأسها اللاكتونات الستيرويدية والقلويدات. ويُعتقد أن اللاكتونات الستيرويدية، مسؤولة عن العديد من التأثيرات للأشواجاندا، ولكن تشير بعض الدراسات إلى أن فاعلية مكونات أخرى غيراللاكتونات، قد تشارك في تأثير النبات الطبية.

فوائد واستخدامات طبية

وإذا انتقلنا لأكثر الاستخدامات المذكورة عنها، فهي تشبه لحد بعيد استخدامات “الجنسنج” الشهيرة؛ إذ يزيد الطاقة، ويحسن الصحة العامة، ويقلل الالتهابات والألم والقلق، ويحسن الذاكرة، ويزيد المناعة، ومكافح لأعراض الشيخوخة.

سر انتشارها

ومع ظهور دراسات تثبت قدرته على تنظيم مستويات الكورتيزول؛ تشير نتائج تجارب سريرية عديدة إلى أن مستخلصات هذه النبتة قد تساعد في الحد من التوتر والقلق، كما نشرت دراسات مرجعية، أُجريت عام 2021، للتحقق من استخدام “الأشواجاندا” لعلاج التوتر والقلق.

ومنذ ظهور هذه الدراسات، انفجرت الأسواق على مستوى العالم بمنتجات ومكملات “الأشواجاندا” في أشكال متنوعة، سواء في شكل كبسولات، أو مشروب، أو تركيبات عند العطارين؛ حتى صارت “ترند” المكملات الغذائية، في الآونة الأخيرة.

الجرعة الآمنة لـ “الأشواجاندا”

 

ونأتي لأهم سؤالين مع انتشار هذه المكملات المركزة، هل هناك جرعة آمنة محددة في الكتب المرجعية والفارماكوبيا؟

في واقع الأمر، يوجد تضارب في الدراسات حول الجرعة العلاجية الآمنة في المكملات تحديدًا؛ إذ لا نستطيع أن نحدد جرعة واحدة؛ وذلك لأن الدراسات استخدمت مستحضرات مختلفة من “الأشواجاندا” بعمليات استخلاص وتوحيد قياسي مختلفة، وجرعات متنوعة؛ لذا من الصعب تحديد مستخلصات معينة أو كميات موصى بها.

لابد إذًا من معرفة تركيز المواد الفعالة في كل خلاصة بدقة؛ لحساب الجرعة السامة والجرعة العلاجية؛ وهذا ما يفسر تضارب التركيزات في المكملات المختلفة.

استشارة الطبيب

وبناءً عليه، لابد من استشارة الطبيب، قبل استخدام هذه النبتة، والتأكد من تسجيل ومصدرها؛ ما يضمن خضوعه لبعض القياسات والرقابة قبل طرحه في الأسواق.

مخاطر المكملات

والسؤال الثاني: هل توجد مخاطر لمكملات “الأشواجاندا“؛ خصوصًا بعد انتشار استخدامه كمهدئ؟

في العديد من التجارب السريرية، تعمل “الأشواجاندا” جيدًا من قبل المشاركين، لمدة تصل إلى نحو أسبوعين إلى 3 أشهر من الاستخدام، حسب الجرعة اليومية.

وكانت الآثار الجانبية الشائعة خفيفة؛ مثل: اضطراب المعدة، والإسهال، والغثيان، والنعاس.

ومع ذلك، فإن الأدلة على سلامة استخدام “الأشواجاندا” على المدى البعيد ما زالت غير كافية.

ضررها على الكبد

توجد تقارير تتناول بعض الآثار الجانبية الأكثر خطورة لاستخدام “الأشواجاندا”؛ مثل آثاره السلبية على وظائف الكبد، فقد سجل خللًا في وظائف الكبد لرجل ياباني، سببت له زيادة في مستوى البيليروبين بالدم، بعد استخدام “الأشواجاندا” مع مجموعة من أدوية مضادات القلق. ومنذ ذلك الحين، تم ربط استخدام “الأشواجاندا” بإصابة الكبد الحادة.

وفي تقارير أخرى مشابهة تناولوا مكملات تحتوي على 450 إلى 1350 ملجم من “الأشواجاندا” يوميًا على مدى أسبوع إلى 4 أشهر؛ فظهرت علامات إصابة الكبد؛ مثل: اليرقان، والحكة، والغثيان، والخمول، وعدم راحة البطن، وفرط بيليروبين الدم.

وفي هذه الحالات وغيرها، تحسنت حالة الأفراد بعد توقفهم عن تناول المكمل، كما اضطر البعض إلى تلقي بعض الأدوية للعلاج.

ومع ذلك، لم يتم التحقق بوضوح من آلية مشكلات “الأشواجاندا”، وتأثيراته السلبية على وظائف الكبد، وهل السبب الجرعات العالية أو تلوث المنتجات المستخدمة بملوثات أخرى؟ خاصة أن بعض المنتجات كانت عبارة عن منتجات مركبة تحتوي على “الأشواجاندا” ومكونات أخرى.

التأثير على الغدة الدرقية 

تشير بعض البحوث على الفئران والبشر، إلى أن تلك النبتة قد تؤثر على وظيفة الغدة الدرقية؛ إذ تسببت في زيادات صغيرة بمستويات الثيروكسين (T4) في الدم،  بعد تناول مكملات بتركيز 500 ملجم/ يوم، من مستخلص “الأشواجاندا” القياسي، لمدة 8 أسابيع.

وفي تجربة سريرية صغيرة على 50 متطوعًا، يعانون من قصور الغدة الدرقية، خفضت مستوى هرمون تحفيز الغدة الدرقية (TSH) في البلازما، وزادت مستويات (T3) و(T4)، مقارنة بالدواء الوهمي، بعد تناول جرعة 300 ملجرام، مرتين يوميًا، لمدة 8 أسابيع.

التفاعلات مع الأدوية

تشير الدراسات السابق ذكرها، إلى أن تلك النبتة قد تتفاعل مع أدوية هرمونات الغدة الدرقية، وغيرها، بما في ذلك أدوية مرض السكري، وخافضات ضغط الدم، ومثبطات المناعة، والسيولة، والمهدئات؛ لذا يجب توخي الحذر من تناول “الأشواجاندا” بأي شكل مع هذه الأدوية.

ممنوعة على الحوامل والمرضعات

لا توجد دراسات مستفيضة حتى الآن، تثبت أمان “الأشواجاندا” مع الحوامل والمرضعات؛ لذا ينصح بعدم استخدام الحوامل لها؛ إذ قد تتسبب في الإجهاض التلقائي، كما قد تُفرز في لبن المرضعات، وتُحدث مشكلات للرضع.

 تأثيرها على أمراض البروستاتا

قد يزيد استخدام “الأشواجاندا” أيضًا من مستويات هرمون الذكورة “التستوستيرون”؛ لذلك يمنع استخدامها للمصابين بالتهابات واحتقان البروستاتا، وسرطان البروستاتا الحساس للهرمونات.

العمليات الجراحية والأمراض المناعية

نظرًا لقدرة “الأشواجاندا” على زيادة سيولة الدم، فلابد من إيقاف تناولها بأسابيع قبل إجراء أي عملية جراحية. ونظرًا لتأثيراتها على الجهاز المناعي، قد تؤثر بالسلب على الأمراض المناعية.

الخلاصة

إن استخدام “الأشواجاندا” ومنتجاتها، يجب أن يكون بحذر شديد وتحت إشراف طبي، مع مراعاة عدم تناول جرعات كبيرة أو استخدامها لمدد طويلة، دون داعٍ.

ومن هنا ندق ناقوس الخطر مع انتشار استخدامها عشوائيًا بإفراط، خصوصًا أن أمان استعماله على المدى الطويل للتوتر أو القلق أو النوم، غير معروفة، ولم تحددها بعد، دراسات سريرية كاملة.

كذلك، قد يكون للأشواجاندا، آثار سلبية محتملة على الكبد والغدة الدرقية، وغير آمنة للمصابين بسرطان البروستاتا أو الحوامل أو المرضعات، كما أنها ممنوعة على أصحاب الأمراض المناعية، علاوة على تفاعلها مع بعض الأدوية.

يجب أن نعي أنه لا وجود لما يُسمَّى بالدواء المعجزة الذي يعالج الخمسين مرضًا، كما يُروج كل فترة لبعض الأدوية العشبية؛ فأي دواء حتى لو عشبي، له جرعات علاجية وأخرى سامة، واحتياطات وموانع استعمال ومدة علاجية يحددها الطبيب.

وكل هذا مقترن فقط بالدلائل العلمية ونتائج الدراسات البحثية والمنتجات المسجلة فقط من مصادر معروفة وموثوق فيها تحتوي على تركيزات في حدود آمنة مع الأخذ في الحسبان كل ما سبق.

 

 

الرابط المختصر :