لطالما كانت العلاقة بين ضغط الدم وصحة الدماغ محط اهتمام الباحثين، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى أن ارتفاع ضغط الدم، خاصة لكبار السن، يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر وأنواع أخرى من الخرف. وعلى النقيض من ذلك، لوحظ ارتفاع معدل انتشار الخرف لدى الأفراد الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم، مما يثير تساؤلات حول طبيعة هذه العلاقة المعقدة.
وفقًا للجمعية الطبية الامريكية للاعصاب ، هدفت دراسة كونغسهولمن، وهي دراسة طولية استمرت ست سنوات وشملت مجموعة مجتمعية كبيرة من كبار السن الخاليين من الخرف (تتراوح أعمارهم بين 75 و 101 عامًا). إلى التحقق من الارتباط المستقبلي بين مستويات ضغط الدم الأساسية وحدوث مرض الزهايمر والخرف. وقد استخدم الباحثون معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية. الطبعة الثالثة المنقحة (DSM-III-R). لتشخيص حالات الخرف المستجدة، وطبقوا نماذج كوكس للمخاطر النسبية لتحليل البيانات. مع الأخذ في الاعتبار العديد من العوامل المربكة المحتملة.
خلال فترة المتابعة التي امتدت لست سنوات. تم تشخيص 339 مشاركًا بالخرف. منهم 256 حالة إصابة بمرض الزهايمر. وقد كشفت النتائج عن وجود ارتباطات مثيرة للاهتمام بين مستويات ضغط الدم المختلفة وخطر الإصابة بالخرف.
مؤشر على زيادة بإصابات الخرف
فبالنسبة للضغط الانقباضي. تبين أن الارتفاع الشديد في الضغط (>180 ملم زئبق) يرتبط بزيادة ملحوظة في خطر الإصابة بالخرف، بينما كان الخطر النسبي للإصابة بمرض الزهايمر ذا دلالة إحصائية هامشية. وعلى العكس من ذلك. لم يرتبط الانخفاض الانقباضي (≤140 ملم زئبق) بزيادة خطر الإصابة بالخرف بعد تعديل العوامل المربكة.
أما بالنسبة لضغط الدم الانبساطي، فلم يظهر ارتفاعه (>90 ملم زئبق) أي ارتباط بحدوث الخرف. لكن اللافت للانتباه هو أن الانخفاض الشديد في ضغط الدم الانبساطي (≤65 ملم زئبق) ارتبط بشكل كبير بزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر والخرف. حتى بعد الأخذ في الاعتبار العوامل المربكة المختلفة. وقد برز هذا الارتباط بشكل خاص لدى الأفراد الذين كانوا يتناولون أدوية خافضة لضغط الدم عند بداية الدراسة.
هل علاجات ضغط الدم تقلل معدل الإصابة بالزهايمر
علاوة على ذلك، أشارت الدراسة إلى أن العلاج الخافض عند بداية الدراسة كان مرتبطًا بانخفاض معدل الإصابة بمرض الزهايمر والخرف بشكل عام. وعند تحليل العلاقة بين مستوى ضغط الدم ومعدل الإصابة بالخرف بناءً على استخدام الأدوية الخافضة للضغط . تبين أن زيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر والخرف المرتبط بانخفاض ضغط الدم الانبساطي كانت ذات دلالة إحصائية فقط لدى الأشخاص الذين استخدموا هذه الأدوية.
وقد سعى الباحثون إلى تقييم التأثير المحتمل للأداء الإدراكي الأساسي على هذه العلاقة. وذلك بتكرار التحليلات على الحالات التي تم تشخيصها في فحص المتابعة الثاني فقط وعلى المجموعة الفرعية من المشاركين الذين لديهم درجة أعلى في اختبار الحالة العقلية المصغر (MMSE). وقد أسفرت هذه التحليلات الإضافية عن نتائج مماثلة لتلك التي تم الحصول عليها في المجموعة الكاملة، مما يعزز من قوة هذه النتائج.
نتائج الدراسة
في ضوء هذه النتائج، خلص الباحثون إلى أن كلاً من الانخفاض والارتفاع الانبساطي يرتبطان بزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر والخرف لدى هذه الفئة من كبار السن. وقد يكون تصلب الشرايين. وهي عملية تتسم بفقدان مرونة الأوعية الدموية، تفسيرًا محتملاً لهذه الارتباطات الملحوظة. بالإضافة إلى ذلك، قد يزيد انخفاض ضغط الدم الانبساطي من خطر الإصابة بالخرف عن طريق التأثير على تدفق الدم إلى الدماغ.
تؤكد هذه الدراسة على العلاقة المعقدة بين ضغط الدم وصحة الدماغ لدى كبار السن. وتشير إلى أن الحفاظ على مستويات ضغط الدم ضمن النطاق الصحي قد يكون أمرًا بالغ الأهمية للوقاية من الخرف. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم الآليات الدقيقة التي تربط بينهما ، وتحديد الاستراتيجيات المثلى لإدارة ضغط الدم لتقليل خطر الإصابة بهذه الحالات المدمرة.