حوار| مصممة الأزياء السعودية نوره آل الشيخ: الموضة أداة قوية لمد جسر الثقافات حول العالم

ــ السنوات العشر الأولى حاسمة لأي مصمم من أجل البقاء ــ النجاح بالنسبة لي هو الاستمرارية ــ أنصح الشباب بأخذ الوقت الكافي للعثور على ما يجعلهم متميزين

هي شابة سعودية متحمسة للأزياء والرسم والألوان والمنسوجات منذ صغرها، حصلت على شهادتها الأولى في إدارة الأعمال من جامعة الملك سعود عام 2007، لكنها قررت أن تحقق حلمها وهو أن تصبح مصممة أزياء.

التحقت في عام 2008 بمعهد الرياض للفنون والمهارات (ASI)، الذي قدم أول برنامج أزياء من نوعه في المملكة العربية السعودية، وكان المعهد بمثابة بداية لإضفاء الطابع المهني على مجال الموضة في المملكة؛ من خلال إنشاء مسار للنساء لمتابعة مهنة تصميم الأزياء عن طريق دورات منظمة تغطي البناء، التسويق، التجزئة، الخياطة، الرسم، وتاريخ الموضة.. إنها المصممة السعودية نوره آل الشيخ.

التقت مجلة "الجوهرة" مع نوره آل الشيخ؛ لمعرفة المزيد عن حياتها وشغفها بالموضة.

حدثينا عن فترة دراستك في ASI

خلال فترة وجودي هناك ركزت على فهم كيف تصبح مصممًا جاهزًا للارتداء مع مجموعات تقدم خزانات ملابس كاملة من الفساتين إلى الفواصل.

لسوء الحظ، كان هناك نقص في فرص التدريب؛ لوجود عدد قليل جدًا من العلامات التجارية أو شركات الأزياء في المملكة، خاصة أنه خلال الوقت الذي تخرجت فيه كانت صناعة الأزياء في الشرق الأوسط لا تزال في مهدها، ولم تكن هناك الكثير من الفرص مثل اليوم.

بعد فترة وجيزة من التخرج في عام 2009، دُعيت لتقديم مجموعتي الأولى من العبايات الشتوية لـ F / W'09–10 في Saks Fifth Avenue بالرياض (التي أُغلقت منذ ذلك الحين)، كان ذلك جزءًا من مسابقة تصميم برعاية سواروفسكي؛ حيث طُلب منا دمج البلورات في تصميماتنا.

حينها، لم أضع علامتي الخاصة بعد، ولكن مثل معظم المصممين الشباب الذين بدأوا، كانت لديّ أحلام ببناء علامة تجارية كبيرة للأزياء ولكن بدون خطة واضحة حول كيفية تحقيق أهدافي؛ لأنه لم تكن هناك أمثلة لعلامات الأزياء السعودية.

وكانت الفترة من 2009 إلى 2011 فترة تعلم كبيرة بالنسبة لي؛ حيث عملت على سلسلة من المجموعات الصغيرة في محاولة للعثور على صوتي كمصممة، وشمل ذلك ملابس السهرة المزخرفة وكذلك الملابس الرياضية. وفي عام 2012 شعرت بأن الوقت حان لإعادة إطلاق خط نوره آل الشيخ مع تركيز واضح على التصميم.

عندما نضجت مع كل موسم وتعلمت من كل مجموعة، أدركت أن شغفي بهذا المجال لم يكن لأنه مشهورًا، ولكنه كان يتلخص في حبي للمنسوجات والتصميم.

[gallery type="slideshow" size="full" columns="2" ids="82137,82136"]

أفكر اليوم كثيرًا في كيفية تمكين النساء من حولي ومنحهن الثقة من خلال ملابسي، وقضيت الكثير من الوقت في بناء الفريق المدهش الذي أمتلكه حاليًا؛ لأن حقيقة كونك مصممًا في السعودية هي أنه ليس لدينا نفس الموارد المتاحة لنا كأقراننا في لندن أو نيويورك.

جمعت فريقًا من الخياطات وصانعي الأنماط ليكونوا قادرين على إنتاج مجموعاتي في المنزل، وكان عليّ أن أتعلم الحجم المناسب والتشطيب المناسب للملابس للتأكد من أنها تلبي المعايير الدولية.

وكان عليّ أيضًا أن أكون حريصة فيما يتعلق بالمكان الذي استثمرت فيه الموارد، مع التركيز على إنتاج كتب احترافية ورعاية العلاقات مع تجار التجزئة على سبيل المثال، بدلًا من المشاركة في عروض الأزياء باهظة الثمن التي كانت كلها ضجة ولكنها نادرًا ما تسفر عن نتائج.

في الوقت نفسه، أشعر بأنني جزء من حركة لإنشاء أساس لصناعة أزياء ذات مصداقية في المملكة العربية السعودية والخليج.

والعديد منا الذين يعملون في المنطقة اليوم هم جزء من الموجة الأولى من المصممين الذين حصلوا على تدريب وشهادات رسمية، ونجاحنا يمكن أن يساعد في تمهيد الطريق لمتخصصي الصناعة المستقبليين؛ من خلال توفير فرص للتدريب في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال والتي لم تكن متاحة لنا، ولا يستغرق هذا النوع من التطوير وقتًا فحسب، بل يتطلب أيضًا دعمًا من كل من الحكومة والمجتمع العام وقطاع الأعمال.

كيف سيؤثر فيروس كورونا في صناعة الأزياء؟

أصبح من الواضح أن هذه جائحة عالمية لم نشهدها من قبل، لكن أظهرت مدى ترابطنا فيما يتعلق بسلاسل التوريد والاقتصاد وحتى صحتنا.

إنها أزمة صحية عالمية تسببت في أزمة اقتصادية وستتأثر جميع القطاعات، بما في ذلك الموضة.

لا أحد منا يستطيع التنبؤ بالمستقبل، لكن أنا واثقة في أنه سيتعين علينا جميعًا تغيير الطريقة التي نعمل بها للتكيف مع واقع جديد، أعتقد أكثر من أي وقت مضى.

وأن مصممي الأزياء والمبدعين وحتى الفنانين سيلعبون دورًا حاسمًا في التوصل إلى حلول مبتكرة للتحديات التي سنواجهها في الأشهر وربما السنوات المقبلة.

واستمرت بعض هذه المناقشات في العامين الماضيين، مثل التشكيك في الحاجة إلى عروض الأزياء المكلفة، والتلوث الناتج عن إنتاج الملابس والوتيرة المتسارعة لدورة الموضة التي تتطلب من المصممين إنتاج مجموعات متعددة في السنة لمجرد البقاء على صلة.

وكعلامة تجارية صغيرة، يجب أن أفكر جيدًا في المكان الذي أضع فيه مواردي، ولهذا السبب نادرًا ما شاركت في عروض الأزياء، وبدلًا من ذلك استثمرت في الأقمشة عالية الجودة وتحسين الإنتاج، وإنشاء كتب النظرة التي تلبي المعايير الدولية، وقررت أيضًا في وقت مبكر أن أركز على مجموعات منتصف الموسم مثل Pre-Fall وResort، والتي توفر نافذة أطول للبيع.

أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها معظم المصممين العرب في المنطقة هو تغيير التصورات وإقناع الآخرين بأنهم جيدون مثل العلامات التجارية الدولية الأخرى، وكذلك إقناع تجار التجزئة المحليين باغتنام الفرصة.

وإذا لم نتمكن من العثور على الدعم داخل مجتمعاتنا فسيصبح من الصعب تحقيق النجاح كعلامة دولية، ويجب أن يكون هناك شعور بالفخر عندما نقول إن شيئًا ما صُنع في الشرق الأوسط، وبدأنا ببطء الوصول إلى هناك، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين أداؤه.

إنه تحدٍ يواجهه معظم المصممين في المنطقة، خاصة مع محدودية الموارد من حيث صانعي الأنماط الجيدة، والوصول إلى الأقمشة عالية الجودة، وبما أن الكثير يتم استيراده إلى المنطقة، فقد يكون ذلك باهظ التكلفة، ونتيجة لذلك قررتُ أن أبني علامتي التجارية ببطء لأنني أُحسن من جودة المنتج، وأبحث عن فرص لتسويق المجموعة للعملاء.

النجاح بالنسبة لي هو الاستمرارية، وسيتعين علينا أيضًا العمل معًا في صناعة الأزياء لتغيير القواعد نحو الأفضل.

[gallery type="slideshow" size="full" columns="2" ids="82133,82134"]

ما هي خطتكِ في تقليل خسائركِ خلال هذه الفترة؟ ما هو مؤكد هو أنه ستكون هناك خسائر عبر جميع العلامات التجارية، بغض النظر عن حجمها، وأولئك الذين سيبقون سيكونون أذكياء بما فيه الكفاية للتكيف مع الوضع المتغير.

كعلامة تجارية، حافظنا دائمًا على عملية مشددة تراقب تكاليفنا؛ حيث يتم النظر بعناية في كل قرار نتخذه بشأن ما ننفق عليه، وقررت بناء العلامة التجارية تدريجيًا واستثمار الأموال فقط عندما يكون هناك مجال للنمو.

على سبيل المثال، أجلنا الذهاب إلى باريس خلال أسبوع السوق لبيع المجموعة؛ لأننا علمنا أنها ستكون محاولة مكلفة لعلامة تجارية صغيرة تتنافس مع أسماء أكبر، لذا ركزنا بدلًا من ذلك على بناء ورعاية أعمالنا المحلية والإقليمية، ما ساعدنا في النجاة من الانكماش الاقتصادي.

نحتاج أيضًا إلى أن نكون واقعيين بشأن شكل العلامة التجارية الناجحة والوقت المستغرق للوصول إليها.

غالبًا ما ننسى أن معظم المصممين الكبار استغرقوا عقودًا لبناء علاماتهم التجارية، وأن السنوات العشر الأولى حاسمة لأي مصمم من أجل البقاء.

هل تنشيط التجارة الإلكترونية هو اتجاهك الجديد؟

كان النموذج المباشر للمستهلك هو المستقبل لبعض الوقت، ورأينا العديد من المصممين يتجهون في هذا الاتجاه.

في جدة، لدينا صالة عرض خاصة بنا؛ حيث ننظم الأحداث ويمكن للعملاء القدوم وتسوق المجموعة مباشرة، ولدينا أيضًا الكثير من العملاء الذين يتسوقون معنا من خلال instagram.

الخطوة التالية بالنسبة لنا هي بناء منصة للتجارة الإلكترونية، لكننا نحاول فعل ذلك تدريجيًا؛ لأنها مسعى مكلف ونريد أن نتأكد من أن لدينا الأموال الكافية لتنفيذها بشكل صحيح، ومشهد البيع بالتجزئة تغير تمامًا ولم يعد بإمكان المصممين الاعتماد على تجار التجزئة لحمل خطوطهم؛ لذلك علينا إيجاد طرق أخرى للوصول إلى المستهلكين مباشرة.

هل تعتقدين أن المعارض الافتراضية ستستمر حتى بعد هذه الأزمة؟ أعتقد في المستقبل سنرى نماذج هجينة تظهر وستتضمن طرقًا جسدية وظاهرية لعرض الملابس، فعرض الأزياء وأسبوع الموضة بشكل عام يحتاج إلى التطور، والشيء الرائع في الفضاء الافتراضي هو أنه يوفر إمكانيات لا حصر لها للإبداع.

ولكننا نحتاج أيضًا إلى صنع فرص لتجار التجزئة والمحررين الدوليين حتى نتمكن من رؤية مجموعة المصمم عن قرب في الواقع.

ولا ينبغي وضع قيمة المصمم على ما إذا كانوا يقدمون عرض أزياء أم لا، ولكن جودة واتجاه عملهم.

وكان وباء "كورونا" بمثابة تنبيه للعالم من منظور بيئي أيضًا، وليس من المنطقي أن تسافر كثيرًا لمجرد عرض الملابس، وآمل أن نتمكن من دمج بعض أسابيع الموضة هذه في المستقبل.

[gallery type="slideshow" size="full" columns="2" ids="82129,82128"]

كيف ترين رد فعل المملكة على هذه الأزمة؟ أعتقد أنه وقت مقلق للجميع بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه في العالم؛ لأننا ندرك أن هذا الفيروس لا يميز أو يبقى داخل الحدود.

أي سعودي سوف يخبرك بأن التباعد الاجتماعي ليس من السهل علينا ثقافيًا أيضًا؛ لأننا اجتماعيون للغاية، خاصة خلال شهر رمضان، والذي يتعلق بقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.

وعلينا أن نتعلم الحفاظ على بعدنا من أجل حماية من نحبهم، وعلى الرغم من أن الكثيرين منا يشعرون كما لو أن حياتنا تم تعليقها، فإننا نعلم أيضًا أنه لا يمكننا المضي قدمًا ما لم نستمر في اتخاذ تدابير لوقف انتشار الفيروس.

هل نجحت المملكة في حماية أصحاب الأعمال من وجهة نظرك؟ مثل العديد من البلدان الأخرى حول العالم، أدركت المملكة بسرعة الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق بسبب الوباء وعملت سريًعا على تقديم المساعدة المالية للشركات، بما في ذلك تغطية 60% من الرواتب في القطاعات الخاصة.

كيف تغيرت صناعة الأزياء منذ 2010 حتى اليوم في السعودية؟

تغيرت الصناعة بشكل كبير خلال العقد الماضي؛ حيث أصبح من المقبول الآن أن تصبح مصمم أزياء كمسار مهني صالح.

ورأينا الكثير من الخريجين السعوديين من مدارس مثل بارسونز وسنترال سانت مارتينز و FIT الذين استمروا في التدريب مع المصممين الدوليين.

ورأينا أيضًا الكثير من برامج الموضة في جميع أنحاء المملكة، بالإضافة إلى الأحداث التي جلبت شخصيات أزياء بارزة.

أحد الأمثلة على ذلك تجربة الموضة Vogue Italia، التي جرت في جدة وكانت واحدة من أولى الأحداث الكبرى التي تم الإعلان عنها وجذبت عددًا من شخصيات الموضة، مثل ألبرتا فيريتي وفريدة خليفة وسيلفيا فينتوري فندي وديلفينا ديليتريز؛ وكنت محظوظة بما يكفي للحضور وحصلت على مقابلة نعومي كامبل ورئيسة تحرير "فوغ إيطاليا" الراحلة فرانكا سوزاني.

كمصممين سعوديين، كان هذا الحدث مهمًا لأنه كان فرصة لصانعي القرار وشخصيات مهمة في الصناعة لتجربة الثقافة السعودية ومشهد التصميم مباشرة.

ويلعب السفر دورًا كبيرًا في تغذية عمليتي الإبداعية، وأود أن أفسر ما قد أراه في شوارع لندن أو نيويورك أو لوس أنجلوس من خلال وجهة نظري السعودية، ويدرك العديد من زملائي أيضًا أننا في لحظة من الزمن يكون فيها الغرب فضوليًا بشأن المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط، والأمر متروك لنا للاستفادة من هذا الأمر لتغيير التصورات، حتى لو كان من خلال وسيلة الموضة، يمكننا البدء في تطبيع صورتنا لبقية العالم وإظهار أن لدينا نقاط مشتركة بالإضافة إلى أشياء تجعلنا فريدين ومتنوعين.

ما هي نصيحتك لمصممي الأزياء والمواهب الشابة التي تحاول إيجاد طريقة للتعبير عن أفكارهم؟

نصيحتي لهم هي أخذ الوقت الكافي للعثور على ما يجعلهم فريدين ثم استخدام الأدوات المتاحة لهم، مثل وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل مع جماهير أكبر.

في نهاية المطاف، ما يميزك عن الآخرين هو جودة عملك ورؤيتك، ومن المهم أن تركز على ما أنت شغوف به، لا على أن تكون مشهورًا؛ لأننا جميعًا نحتاج إلى وقت لتطوير وبناء علاماتنا التجارية، ستكون هناك تحديات على طول الطريق ولكن لا ينبغي للمرء أن يستسلم.

كيف يرى العالم العباءة السعودية بما أنك أول مصممة حاولت نشر هذه الثقافة للعالم؟

في البداية عندما عرضت لأول مرة في لوس أنجلوس، فوجئ الناس بكمية اللون والتنوع في المجموعة؛ لأن الاعتقاد السائد كان أن جميع النساء السعوديات يرتدين عباية سوداء واحدة، وأعتقد لفترة طويلة أن العالم نظر إلينا على أننا هؤلاء الشخصيات السوداء المحجوبة لأن هذه هي الصورة التي تظهر باستمرار في وسائل الإعلام.. يتعلق الأمر حقًا بتشجيع الناس على النظر إلى ما هو أبعد من الواضح وعدم الحكم على كتاب من غلافه.

والنساء السعوديات قويات ومتعلمات ولديهن أهداف وتطلعات، وفي نهاية المطاف، تُعتبر العباية أيضًا شكلًا من أشكال التعبير الثقافي يشبه الساري الهندي أو الكيمونو الياباني، وبصفتي مصممة، أحب تحديثها إلى ثوب عصري يمكن ارتداؤه في سياق آخر.

ما هي العناصر الرئيسية في تصميماتك التي تجعلها مميزة؟ اليوم، عندما يسألني الناس عن أحلامي وتطلعاتي، أخبرهم بأن صنع ملابس عصرية ذات تصميم جميل يمكن أن يجذب النساء في جميع أنحاء العالم.

في الوقت نفسه، ما زلت أريد أن أضع تراثي السعودي في القطع التي أصممها ولكن بطريقة خفية للغاية، وينعكس هذا في نسب الفستان أو مجموعة ألوان محددة، فالموضة هي أداة قوية بشكل لا يصدق لمد جسر الثقافات، وكوني مصممة سعودية أعطاني الفرصة للتواصل مع النساء من جميع أنحاء العالم.

إن ذلك يعكس إلى حد كبير كيف أصبحنا عالميًا اليوم ويمكننا أن نكون جزءًا من مجتمع إبداعي أكبر.

اقرأ أيضًا..هدى الحليسي عضو مجلس الشورى: لابد من الاستفادة من اختيار الرياض عاصمة للمرأة العربية