حوار| مصممة الأزياء أروى العماري: رؤية السعودية 2030 أحدثت نهضة ثقافية غير مسبوقة

حوار: مشاعل المعيذر

أحبت الفنون منذ صغرها، وعشقت الرسم والتصوير، حتى أصبحت تمتلك براند سعودي عالمي، وفازت مؤخرًا بإحدى جوائز مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية» التي نظمتها وزارة الثقافة السعودية؛ التي تُسهم بدورها في دفع التنمية الثقافية، من خلال تقدير المثقفين والمثقفات، وتكريم منجزاتهم الثقافية المميزة.

وفي حوارها مع "الجوهرة" كشفت مصممة الأزياء أروى العماري؛ الفائزة بالمركز الثالث ضمن مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية» في قطاع الأزياء، عن تفاصيل الجائزة، والدعم اللامحدود الذي تقدمه وزارة الثقافة السعودية للقطاع الثقافي في المملكة، وكيف دعمت رؤية 2030 القطاع.. وكان هذا الحوار..

حديثنا عن مسيرتك في عالم الأزياء وكيف كانت بداية أروى العماري؟

أُحب الفنون منذ الصغر وأحب الرسم والنحت والتصوير، وكان الأهل خلال مرحلة الطفولة يهتمون دائمًا بحصولي على كورسات في هذا المجال، رغم أنه حين ذاك لم تتبلور وتظهر موهبتي وحبي للاأزياء.

تجذبني الفنون دائما، السفر، المسارح والمتاحف، كلها أمور كانت لدي الميول لها منذ الصغر. كانت دراستي العليا مرتبطة بالاقتصاد ودرست البزنس، ولدي ميول الى حد ما بالنسبة لريادة الأعمال؛ لكن كان مازال بداخلي شغف للفنون.

وفي أحد المرات، بدأت أن أصمم لنفسي؛ إذ رأيت أن الأزياء من أرقى الفنون التي فيها جانب ثقافي وتجمع بين الفن والثقافة وريادة الأعمال، ومن هنا دخلت هذا العالم.

والحمدلله نجحت في هذا المجال، وحصلت على جائزتين في التصميم، جائزة جائزة (قراتسيا الإيطالية) وبعدها بفترة حصلت على جائزة (فاشن ستار ارابيا) وكانت مسابقة فيها 12 مصمم عربي والحمدلله حصلت على المركز الأول.

بالإضافة إلى حصولي على لقب سفيرة المجلس العربي للأزياء وذلك من قبل مجلس الأزياء العربي، كما أطلقت قناة bbc العالمية على شخصي أنني أحد أكثر العقول إبداعًا في العالم، وأني أضع الأناقة السعودية على خارطة العالم.

والحمدلله، هناك تقدير كبير لأعمالي، ولكن فوزي هذه المرة بإحدى جوائز مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية» التي نظمتها وزارة الثقافة السعودية لها قيمة أكبر من أي جائزة قبلها لأنها من وطني.

كيف مثلت البدايات نقطة فارقة في مسيرة آروي العماري في مجال الأزياء؟

تم تقدير أعمالي من البدايات وحتى أنها قورنت مع مصممين عالميين، مثل جون جاليانو المعروف بدمج الفن مع الأزياء ومعروف أنه من أكثر المصممين إبداعًا في كل تاريخ التصميم وقورنت أعمالي بأعماله.

دائمًا، إذا أقدمت على تصميم جديد، أعمل عليه بعمق لا بطريقة سطحية؛ إذ يجب أن يتخلل أي عمل فكرة ما أو رواية بها قصة، وعندما أعمل كولكشن أراعي أن يكون فيه عمق سواء ثقافي أو فني أو معرفي.

ماهي المدرسة الفنية المميزة الأقرب إليكِ في تصميمات الأزياء؟

في الحقيقة، لا توجد مدرسة معينة اتبعها، أعكس ما أشعر به فقط، فالمصمم عادة يجذبه شيء ويثيره؛ حيث إنه يحاول ترجمته إلى قطعة فنية، فالإلهام يأتي من أشياء كثيرة، كالسفر، أو حضور عرض مسرحي أو مقطوعة موسيقية تم سماعها، وثقافة بلد معين زارها.. فكل هذه الأمور تكون ملهمة للمصمم وتساعده على إنتاج قطعة فنية بروح مختلفة.

أعتمد دائمًا في تصميماتي، على ما يلهمني وهي أشياء كثيرة، لكن هذه الأشياء الأساسية هي التي تجعل الإنسان يستوحي منها ويخرج مابداخله ويترجمه بشكل فني.

ما هي العوامل التي جعلتك تحبين مهنة الأزياء؟

أحب الأزياء لأني أرى فيها عمق كبير؛ فهي مرآة لحياتنا اليومية تعكس ثقافة الشعوب وتعكس حكايا الناس، والإنسان يعكس طريقة تفكيره وخلفيته أو من وين الشخص قادم ومن أي بيئة عايش فيها.

عندما ننظر إلى الملابس التراثية في السعودية، نستطيع أن نرى كثير من تاريخنا وكيف كانت حياة من سبقونا، ولماذا لبسوا هكذا وكيف كانت طبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

أرى أن الأزياء فيها عمق كبير وهي من أهم الركائز الثقافية لاي مجتمع، إضافة إلى أنها موجودة بحياتنا يوميا، فالانسان كل يوم يختار لبسه حسب المكان الذي سيذهب إليه، وحسب كيف يود التعبير عن نفسه.

كيف انتشرت أعمالك، وماهو السر وراء ذلك؟

في الحقيقة، ما كان عندي هدف إن الأزياء تنتشر بهذا الشكل، لكن الحقيقة أن الإنسان عندما يعمل شيء بشغف واتقان وحب؛ يسهل عليه الوصول للآخرين، وعندما قمت بتصميم القطع الخاصة بي بعمق؛ وصلت للناس وحبوها وبدأوا بالحديث عنها ووصلت للميديا وانتشرت، ولا أتحدث عن الميديا في السعودية أو في منطقة الخليج فقط، بل أتحدث عالميًا سواء في باريس نيويورك موسكو ميلان.

تأتيني كثير من الاتصالات والتواصل ودعوات المشاركة في هذه المحافل الدولية، وبالفعل تم التواصل معي من (باريس فاشن ويك )من قبل القائمين عليه، والبعض عبر إنه منذ مدة طويلة لم نرى تصاميم فيها عمق، لأن المشكلة الاَن أن المصممين اصبحوا ينظرون فقط إلى الجانب التجاري وفيه إهمال للجانب الثقافي والجانب الفني، وأعتقد ماصار فيه كثر ناس تعمل الأزياء بفن مثل أول ما بدأت.

كيف ترين المدرسة السعودية في مجال الأزياء والتصميمات.. وماهي المعوقات التي تقف حجر عثرة امام انتشارها بين عموم الوطن العربي وانطلاقها للعالمية؟

المصممين في السعودية ينقسموا إلى عدة أقسام، منهم من يكون تركيزهم على الهوية، مثل الثوب والعباية او الجلابية، وطبعا هذا شيء جميل لأننا نحتاج تطوير في هذه الأزياء.

وهناك مجموعة أخرى يعملون على تطوير الأزياء بحيث أنها تصدر للعالم وأنا من الناس التي تعمل على هذا الخط، حبًا في تطوير الأزياء الخاصة بنا؛ حيث تعد الأزياء من القوة الناعمة للدول.

طبعا صناعة الأزياء ما زالت جديدة في المنطقة عموما وفي السعودية خصوصا، لكن الآن اتخذت خطوات ممتازة لتأسيس هذا القطاع وهذه الصناعة من خلال استحداث برامج تعليمية لهذا المجال، لأن صناعة الأزياء هي علم مثل أي صناعة أخرى.

تأسست جامعات، مثل جامعة الاميرة نورة، جامعة دار الحكمة، إضافة إلى المراكز الحكومية والخاصة التي تهتم بصناعة الأزياء؛ لتعليم أساسيات تصميم الأزياء وكل ما يتعلق بهذه المهنة.

وتعد جود هيئة الأزياء السعودية، برئاسة السيد بوراك شاكماك و الأميرة نورة الفيصل، من أهم الخطوات لتوطين صناعة الأزياء في المملكة، من خلال سن التشريعات التي تخدم هذه الصناعة مع مراعاة كل العاملين في هذا المجال.

ماذا يمثل لكِ الفوز بالجائزة الوطنية من وزارة الثقافة في مجال الأزياء؟

تكريمي وحصولي على جائزة وطنية لمجهودي في قطاع الأزياء من بلدي ممثلة في وزارة الثقافة هو فخر لا يعلوه فخر، وسعادة لا مثيل لها.

ورغم حصولي على جوائز عالمية قبلها، إلا أني أعتبر الفوز بالجائزة الوطنية أهم وأغلى جائزة؛ لأنها احتفاء بثقافتنا وموروثنا، وأن يأتي التكريم من وطني، فهو تكريم لمسيرتي وكل أعمالي السابقة.

 أروى العماري

ما رأيك في مبادرة وزارة الثقافة الخاصة بالجوائز الثقافية الوطنية؟

في الحقيقة، وجود جوائز ثقافية مقدمة من وزارة الثقافة وهي المظلة الأساسية الآن للكثير من هذه القطاعات مثل الأزياء والمعمار والفنون البصرية والموسيقى، الخ، له أهمية كبير؛ لأنه يساهم في إبراز المواهب المحلية وإظهار الجانب الإبداعي عندهم للعالم أجمع؛ لأن هذا النوع من الأحداث لا يغطى فقط من قبل الصحافة المحلية بل من جميع وكالات الأنباء العالمية، يسلط الضوء على المصممين والمعماريين والفنانين في هذه المجالات.

وهذه الفعاليات الثقافية التي تتبناها المملكة، تعطي رسالة للعالم عن ثقافتنا وعمقها بشكل كبير، إضافة إلى أن وجود مثل هذه الجوائز، يزيد الروح التنافسية خاصة عندما تكون تحت مظلة رسمية.

هل كانت معظم جوائز وزارة الثقافة موجهة للمرأة السعودية؟

لا أعتقد أن الجوائز كانت فقط موجهة للمرأة، كانت موجهة للمبدعين من النساء والرجال.

ونرى الان مع الرؤية الجديدة، تمكين المرأة ودعمها وإعطائها ما تستحق من تقدير لأعمالها، ما يعد إنصافًا عظيمًا للمرأة من قبل قيادتنا الحكيمة، ويشكرون على ذلك.

كيف ترين دعم ولي العهد اللامحدود لثقافة الوطن واهتمامه بشكل خاص بالمثقفين والمثقفات في عموم السعودية؟

بالطبع، تركيز سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ـ حفظه الله ـ، على المجالات الثقافية؛ ينم عن رؤية بعيدة وعمق في الفكر.

دعم وزارة الثقافة هو جزء من هذه الرؤية، لأن الثقافة والفنون هي أحد أدوات القوى الناعمة لأي مجتمع، وهي من المفاهيم الأساسية في علم الاجتماع والسياسة، وتعتبر من أسلحة الدولة المؤثرة وتحقق عن طريقها الأهداف من خلال الجاذبية والإقناع لتحسين الصورة الذهنية.

الموضوع أعمق جدًا من أن تكون مبادرة بسيطة، فهي لها اَثار تنموية كبيرة على المدى البعيد.

 أروى العماري

من وجهة نظرك، كيف أعادت رؤية السعودية 2030 الاعتبار للثقافة بوصفها ركيزة أساسية في بناء المجتمع ومرتكزًا للهوية الوطنية؟

طبعا رؤية 2030 برئاسة ولي العهد والتي ركزت كثيرًا على موضوع الثقافة، له أبعاد عميقة وكثيرة وبعد نظر ويدل على حنكة، لأن هذه المجالات هي من ركائز أي مجتمع حتى يبدأ بطريقة صحيحة وينفتح على العالم ويستطيع تصدير ثقافته للخارج حتى يتأثر به الآخرون.

ما هي أمنياتك التي تحلمين أن ترين فيها ميادين الثقافة السعودية؟

أولاً، أرى الاَن أنه قد وضعت أسس ثابتة للثقافة بوجود مظلة وطنية لها وهي وزارة الثقافة، يعمل تحت إدارتها هيئات ومبادرات كل حسب توجهها، لكن في الواقع يوجد تداخل بين الهيئات وتعاون.

ثانيًا، تحقيق رؤية 2030، سوف تحدث نهضة ثقافية غير مسبوقة في وقت قصير، ما يجعل المملكة في مقدمة الخريطة الثقافية العالمية، وهذا ما يتمناه كل مواطن يعيش على أرض المملكة.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

يوجد الكثير من المشاريع القادمة بإذن الله، ولا أتحدث فقط على مستوى البراند الخاص بي او اروى العماري، لكن من ناحية عملي كمستشارة في قطاع تطوير الأزياء في السعودية؛ يوجد الكثير من المشاريع المستقبلية القادمة لدعم القطاع الثقافي وقطاع الأزياء خاصة، وسوف نعلن عنها في وقتها.

اقرأ أيضًا: «الجوائز الثقافية الوطنية».. «العبودي» شخصية العام و«شهد أمين» تحصد جائزة الشباب