حوار| البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري يتحدث عن التكنولوجيا والمجتمع (الجزء الثالث)

حوار| البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري يتحدث عن رؤية 2030 وتأثير التكنولوجيا على المجتمع (الجزء الثالث)
حوار| البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري يتحدث عن رؤية 2030 وتأثير التكنولوجيا على المجتمع (الجزء الثالث)

في ظل التحديات الكبرى التي تواجه مجتمعاتنا في عالم معقد، كيف يمكننا بناء مجتمعات تتمتع بمرونة وقدرة أكبر على التكيف؟ نحو مجتمعات عربية متقدمة تواكب التغيرات السريعة للعصر.. موقع الجوهرة التقى بـ البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري، في حوار خاص وشامل، تحدث لنا خلاله عن قضايا كثيرة وحلول متنوعه لتلك القضايا ففي الجزأين الأول والثاني من حواره؛ وتطرق إلى كيفية مساهمة علم الاجتماع في دعم السياسات التنموية للمملكة، وأولويات المرحلة الحالية، والتحديات التي تواجه منطقتنا العربية..  ليشاركنا رؤيته حول دور علم الاجتماع في مواجهة هذه التحديات وتحويلها إلى فرص”.

وفي  الجزء الثالث والأخير من حوارنا معه، نستكشف جوانب أكثر عمقًا حول دور علم الاجتماع في بناء مستقبل مزدهر للمملكة العربية السعودية، وكيف يمكن توظيف التكنولوجيا لخدمة التنمية البشرية.

وإلى نص الحوار..

مع رؤية المملكة 2030.. كيف يمكن لعلم الاجتماع أن يساهم في تحقيق أهداف هذه الرؤية؟ وهل هناك مبادرات أو مشاريع أنتم جزء منها في هذا السياق؟

حوار| البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري يتحدث عن رؤية 2030 وتأثير التكنولوجيا على المجتمع (الجزء الثالث)
حوار| البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري يتحدث عن رؤية 2030 وتأثير التكنولوجيا على المجتمع (الجزء الثالث)

 

رؤية المملكة 2030 هي خطة طموحة تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي بعيدًا عن الاعتماد المفرط على النفط وتحسين جودة الحياة للمواطنين. علم الاجتماع بأدواته التحليلية ونظرياته المتعمقة حول السلوك البشري والتفاعلات الاجتماعية، يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في دعم وتنفيذ هذه الرؤية.

 

دور علم الاجتماع في تحقيق أهداف رؤية 2030

يمكن لعلماء الاجتماع دراسة كيف تؤثر التغييرات الاقتصادية والاجتماعية على مختلف الفئات في المجتمع السعودي. كما يمكن أن تساعد هذه الدراسات في التنبؤ بالتحديات المحتملة، وتقديم توصيات للسياسات التي تعزز الاندماج والتماسك الاجتماعي والأسري.

كما أن علم الاجتماع يمكنه تقديم طرق مبتكرة لتقييم فعالية البرامج الحكومية والخاصة المتعلقة بالتوظيف، التعليم، الصحة، والرفاهية الاجتماعية. هذه التقييمات يمكن أن تساهم في تحسين هذه البرامج وضمان الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة.

كذلك يمكن أن يساهم في تطوير حلول إبداعية للمشكلات الاجتماعية والاسرية والاقتصادية، مثل تصميم برامج لتعزيز المهارات الرقمية للشباب، وتطوير مبادرات لتحفيز النساء على الانخراط في سوق العمل، وابتكار أساليب جديدة للتعليم والتدريب.

 

مبادرات أو مشاريع في هذا السياق

الجامعات والمؤسسات البحثية السعودية قد أطلقت مشروعات تعاون مع القطاع الحكومي والخاص لتوظيف علم الاجتماع في دعم الرؤية. على سبيل المثال:

العديد من الجامعات قد تكون قد أنشأت مراكز بحثية متخصصة تعمل على مشاريع مرتبطة بتحليل التأثير الاجتماعي للتحولات الاقتصادية الكبرى في المملكة.

كما يمكن لعلماء الاجتماع العمل مع الحكومات المحلية والمنظمات غير الربحية لتطوير برامج توعية تستهدف تحسين الصحة العامة، والنهوض بالتعليم، وزيادة الوعي البيئي.

في هذا السياق، يمكن للشخص أو المؤسسة العاملة في مجال علم الاجتماع أن تشارك في تطوير هذه المبادرات من خلال التعاون المباشر مع الجهات ذات العلاقة أو عبر تقديم الاستشارات والبحوث التي تدعم صناعة القرار وتطوير السياسات.

 

ماذا تعلمت من مسيرتك الأكاديمية والشخصية من خبرات تود مشاركتها مع الجيل الجديد من الباحثين والمفكرين؟

 

خلال مسيرتي الأكاديمية والشخصية، اكتسبت العديد من الدروس المهمة التي أعتقد أنها قد تكون ذات قيمة للجيل الجديد من الباحثين والمفكرين، ومن أبرز هذه الدروس هو أن البحث العلمي يتطلب قدرًا كبيرًا من الفضول والرغبة في استكشاف المجهول. فالفضول يقود الباحث لطرح الأسئلة الجديدة، والبحث عن إجابات في مواجهة التحديات. والمثابرة ضرورية لأن مسار البحث ليس دائمًا مباشرًا وقد يحتاج الباحث لتجاوز العديد من العقبات.

كما أن التواصل الفعال هو مفتاح لنجاح الباحثين. إن تبادل الأفكار والعمل مع الآخرين يمكن أن يعزز من جودة البحث، ويسرع من تحقيق النتائج. والعمل في بيئة تعاونية يفتح أبوابًا لفرص جديدة، ويساعد على تطوير حلول مبتكرة للمشكلات المعقدة.

كذلك على الشباب أن يعلم أن العالم يتغير بسرعة، والمعارف التي قد تكون صحيحة اليوم قد تصبح قديمة غدًا. والاستمرار في التعلم وتحديث المعلومات أمر ضروري لكل باحث ومفكر. كذلك يجب على الباحثين أن يسعوا دائمًا لتطوير مهاراتهم وتوسيع معرفتهم.

كما يجب على الباحثين الالتزام بأعلى معايير الأمانة الأكاديمية والنزاهة. كما يشمل ذلك الاستشهاد الدقيق بالمصادر، وتجنب الانتحال، والتعامل مع البيانات بشفافية ومسؤولية.

وكذلك من المهم أن يجد الباحثون توازنًا صحيًا بين العمل والحياة الشخصية. والعمل المفرط يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق، ويقلل من الكفاءة على المدى الطويل.

⁠وهنا وقفه في الترابط الأسري وخاصة مع الوالدين؛ حيث لا ننسى او نتناسى دورهم المهم في حياتنا وتوفيقنا بالحياة العملية والعلمية.

أشجع الجيل الجديد من الباحثين على تبني هذه الدروس وتكييفها مع ظروفهم الخاصة. فالعمل الجاد، والانفتاح على التعلم، والتعاون البنّاء مع الآخرين، كلها عناصر ستساهم في نجاحهم الأكاديمي والمهني.

 

في ظل التطور التكنولوجي السريع.. كيف يمكن توظيف التكنولوجيا في دعم التنمية البشرية وتعزيز التفاعل الاجتماعي بشكل إيجابي؟

الجوهرة في حوار خاص مع البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري.. متحدثا عن العلم والعمل والأمل والشباب ومستقبل المملكة

في عصر التطور التكنولوجي السريع، تقدم التكنولوجيا فرصًا هائلة لدعم التنمية البشرية وتعزيز التفاعل الاجتماعي. فاستخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي وفعال يمكن أن يؤدي إلى تحسينات ملموسة في الصحة، والتعليم، والوصول إلى المعلومات، وجودة الحياة بشكل عام. وإليك بعض الطرق التي يمكن من خلالها توظيف التكنولوجيا لهذه الأغراض:

 

تعزيز التعليم والتدريب

المنصات التعليمية الرقمية.. استخدام التكنولوجيا لتوفير موارد تعليمية متاحة عبر الإنترنت، بما في ذلك الدورات الإلكترونية المفتوحة والجامعية، التي يمكن أن تساعد في تحسين مهارات الأفراد، وتعزيز فرصهم الوظيفية.

كذلك استخدام الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز لخلق تجارب تعليمية تفاعلية تعزز الفهم والتفاعل.

 

تحسين الرعاية الصحية

الصحة الرقمية.. تطبيقات الصحة والأجهزة القابلة للارتداء التي تسمح بمراقبة الصحة الشخصية، وتقديم النصائح الطبية بناءً على بيانات مجمعة في الوقت الفعلي.

واستخدام تقنيات الاتصال لتوفير الاستشارات الطبية والعلاجات للمرضى في المناطق النائية.

 

تعزيز الشمولية المالية والاقتصادية

الخدمات المالية الرقمية.. استخدام التكنولوجيا لتقديم خدمات مالية ميسرة مثل الصيرفة الرقمية، التي تسمح بسهولة الوصول إلى الخدمات المالية للأشخاص غير المتصلين بالشبكات المصرفية التقليدية.

 

تعزيز التفاعل الاجتماعي

منصات التواصل الاجتماعي.. تستطيع منصات مثل Facebook, Twitter, وInstagram تعزيز التفاعل الاجتماعي والمساعدة في بناء مجتمعات مترابطة، بالإضافة إلى توفير منابر للتعبير عن الرأي.

أدوات التعاون عبر الإنترنت.. تقنيات مثل الفيديو والويبينار تمكّن الأشخاص من العمل والتعلم معًا عبر الحدود الجغرافية؛ ما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون العالمي.

 

دعم الابتكار وريادة الأعمال

حاضنات الأعمال والمسرعات التكنولوجية.. توفير الموارد والدعم للمبتكرين والمقاولين لتطوير حلول جديدة تتناول التحديات المحلية والعالمية.

 

لتحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيات، يجب أن تكون الحكومات والمؤسسات التعليمية والشركات ملتزمة بتطوير بنية تحتية تكنولوجية متقدمة، وسياسات تضمن إتاحة وشمولية هذه الأدوات لجميع أفراد المجتمع.

 

أخيرًا.. ما النصيحة التي يوجهها البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري للشباب الراغبين في دراسة علم الاجتماع أو العمل في مجال التنمية البشرية؟

 

دراسة علم الاجتماع والعمل في مجال التنمية البشرية يمكن أن يكون مجزيًا ومؤثرًا بشكل كبير. فهذه المجالات توفر فرصًا عظيمة لفهم التحديات الاجتماعية، والعمل على حلول تساهم في تحسين حياة الأفراد والمجتمعات. وإليك بعض النصائح للشباب الراغبين في هذا المسار:

 

الشغف والالتزام

تأكد من أن لديك شغفًا حقيقيًا بفهم السلوك البشري والمجتمعات. فالعمل في هذه المجالات يتطلب التزامًا بالبحث والتطوير المستمرين، وكثيرًا ما يتطلب التعامل مع قضايا معقدة وحساسة.

 

وحاول الحصول على تعليم جيد في علم الاجتماع أو التنمية البشرية من خلال برامج دراسية معتمدة. واستفد من الموارد الأكاديمية مثل الدورات، والورش، والمؤتمرات لتعميق فهمك وتوسيع معرفتك.

 

كذلك عليك السعي للحصول على خبرة عملية من خلال التدريبات، والتطوع، أو العمل في المنظمات المحلية أو الدولية التي تعمل في مجالات ذات صلة؛ لأن الخبرة الميدانية ضرورية لفهم التحديات الواقعية، وطرق التعامل معها.

 

كما أن علم الاجتماع والتنمية البشرية يتطلبان مهارات تواصل قوية، سواء كان ذلك من خلال كتابة التقارير، أو العروض التقديمية، أو التفاوض والحوار. فتطوير هذه المهارات سيعزز من فعاليتك كمحترف.

وبناء شبكة قوية من الاتصالات المهنية يمكن أن يساعدك في تطوير مسيرتك المهنية. لذلك حاول الانضمام إلى الجمعيات المهنية والمشاركة في المؤتمرات والمنتديات التي تجمع الخبراء في مجالك.

وكن مستعدًا للتكيف مع المتغيرات ومواجهة التحديات. فالمجتمعات والقضايا الاجتماعية في تغير مستمر، ومن المهم أن تظل متفتحًا ومستعدًا لتعلم أساليب جديدة، وتبني أفكار مبتكرة.

الرابط المختصر :