تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا تقنيًا في مختلف المجالات، وذلك في إطار رؤية 2030 الطموحة. يهدف هذا التطور إلى تحسين جودة الحياة للسكان والزوار على حد سواء، من خلال زيادة الرفاهية والكفاءة في الخدمات المقدمة. ويتحقق ذلك عبر التحول إلى المدن الذكية التي تعتمد على حوكمة البيانات ومعالجة المعلومات، لمواكبة التطورات العالمية.
خطة تحويل مكة المكرمة لمدينة ذكية
كما تحظى مدينة مكة المكرمة بمكانة خاصة كقلب العالم الإسلامي، حيث تستقبل ملايين الزوار سنويًا. خاصة خلال مواسم الشعائر الدينية كرمضان والحج. ونظرًا لأهميتها الدينية والسياحية، فإن خطة تحويلها إلى مدينة ذكية يعتبر خطوة استراتيجية ضرورية.
بينما يساهم تطبيق التقنيات الحديثة مثل حوكمة البيانات، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، والحوسبة السحابية. في تطوير الخدمات العامة، وتعزيز البنية التحتية، وتحقيق الاستدامة البيئية، والتنمية الاقتصادية. كما يحسن تجربة الحجاج والزوار، ويسهل رحلتهم، ويوفر الخدمات اللازمة لهم، ويزيد القدرة الاستيعابية للأعداد، ويسهل إدارة الحشود وتوجيههم.
ومن خلال دعم تحول مكة المكرمة إلى مدينة ذكية، يمكن الاستفادة من العديد من المزايا والخدمات. مثل تحسين الخدمات العامة، وتوفير حلول مبتكرة للتنقل الحضري، وإنشاء مدن خضراء، وتقديم خدمات ذكية متطورة.
مشروع نيوم
كما يعد مشروع نيوم في المملكة العربية السعودية نموذجًا طموحًا للمدن الذكية في المستقبل. حيث يجمع بين أحدث التقنيات والتصميمات المبتكرة لخلق بيئة حضرية مستدامة.
أهداف مشروع نيوم
بينما يهدف مشروع “نيوم” إلى إعادة تعريف مفهوم الحياة الحضرية من خلال التركيز على الابتكار في مجالات حيوية. مثل الطاقة المستدامة والتنقل والصحة، بالإضافة إلى إحداث تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد السعودي. وذلك بحسب ما ورد على موقع “CNN” بالعربي.
حياة جديدة في نيوم
كما تعتمد نيوم بشكل كامل على مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح. ما يجعلها مدينة خالية من الانبعاثات الكربونية. هذا الالتزام بالاستدامة لا يساهم فقط في حماية البيئة، بل يخلق أيضًا فرصًا اقتصادية جديدة في قطاع الطاقة النظيفة.
كما تخطط نيوم لتطوير أنظمة نقل مبتكرة تعتمد على المركبات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار ووسائل النقل فائقة السرعة. هذه الأنظمة تجعل التنقل داخل المدينة أكثر سلاسة وفاعلية، وتقلل من الازدحام المروري والتلوث.
بينما تهدف نيوم إلى توفير رعاية صحية متقدمة تعتمد على أحدث التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي. يتمكن السكان من الحصول على خدمات طبية عالية الجودة عن بعد، ويتم استخدام البيانات الصحية لتحسين التشخيص والعلاج.
مشروع “ذا لاين”
كما يعد مشروع “ذا لاين” الذي أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في منطقة نيوم. بمثابة ثورة حضرية شاملة، حيث يهدف إلى إعادة تعريف مفهوم المدن الذكية من خلال إنشاء سلسلة من المجتمعات الإدراكية المترابطة والمعززة بالذكاء الاصطناعي. والتي تمتد بطول 170 كيلومتراً من ساحل البحر الأحمر شمال غرب المملكة، مروراً بجبال وصحراء نيوم شرقاً.
بينما يتميز مشروع “ذا لاين” بتصميمه الفريد الذي يضع الإنسان في المقام الأول. حيث يعتمد على مفهوم “المشي” كحجر الزاوية في الحياة اليومية. ما يجعله مجتمعًا خاليًا من السيارات والشوارع، وبالتالي خاليًا من الانبعاثات الكربونية والضوضاء والتلوث.
اقتصاد مزدهر وفرص عمل واعدة
من المتوقع أن يساهم مشروع “ذا لاين” في تعزيز الاقتصاد السعودي بشكل كبير. حيث يقدر أن يضيف 180 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030. بالإضافة إلى توفير 380 ألف فرصة عمل في مختلف القطاعات.
يذكر أن مشروع “ذا لاين” بالكامل يشغَّل باستخدام الطاقة المتجددة. ما يجعله نموذجًا يحتذى به في مجال الاستدامة البيئية. كما يهدف المشروع إلى الحفاظ على البيئة المحيطة من خلال دمج الطبيعة في التصميم الحضري، وتوفير مساحات خضراء واسعة للمقيمين.
موقع استراتيجي وبنية تحتية متطورة
كما يقع مشروع “ذا لاين” في موقع استراتيجي في نيوم شمال غرب المملكة العربية السعودية. على مفترق طرق التجارة العالمية، ما يجعله مركزًا عالميًا للابتكار والأعمال. ويعتمد المشروع على بنية تحتية ذكية ومتطورة، تشمل شبكة مواصلات فائقة السرعة، وخدمات شحن وطاقة ومياه متكاملة، بالإضافة إلى خدمات صحية وتقنية معلومات متقدمة.
علاوة على ذلك ،تعتمد مجتمعات “ذا لاين” على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في إدارة مختلف جوانب الحياة اليومية. ما يوفر تجربة معيشية فريدة ومريحة للمقيمين. كما يهدف المشروع إلى إنشاء منصة للذكاء الجماعي تتيح التعلم والنمو المستمر.
خطوات متسارعة نحو التنفيذ
وشهد مشروع “ذا لاين” تقدماً ملحوظاً في مراحل التنفيذ، حيث تم افتتاح مطار خليج نيوم. وتوقيع عقود مع مستثمرين وطنيين لبناء المنطقة السكنية للعمال. بالإضافة إلى إبرام شراكات ضخمة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والبنية التحتية.
الرياض.. نموذج للمدينة الذكية
تشهد الرياض، العاصمة السعودية، تحولًا ملحوظًا نحو تبني مفهوم المدينة الذكية، وذلك في إطار رؤية المملكة 2030 الطموحة. لم يعد هذا التحول مجرد إضافة تقنيات حديثة، بل هو رؤية شاملة تهدف إلى تحسين جودة الحياة. وتعزيز الاستدامة، وتوفير بيئة حضرية متطورة للمواطنين والمقيمين.
وتتجسد ملامح المدينة الذكية في الرياض من خلال عدة عناصر رئيسية، أولها البنية التحتية الذكية التي تعتمد على أحدث تقنيات الاتصالات والشبكات الذكية لإدارة المرافق العامة بكفاءة عالية. يساهم هذا التوجه في تقليل الازدحام المروري، وتحسين إدارة النفايات، وتوفير الطاقة، مما ينعكس إيجابًا على حياة السكان.
الاستدامة.. أساس التنمية الحضرية
وتولي الرياض اهتمامًا كبيرًا بالاستدامة، حيث تسعى إلى تقليل الانبعاثات الكربونية. وتحسين إدارة الموارد الطبيعية، والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. هذه الجهود تجعل من الرياض مدينة صديقة للبيئة، وتحافظ على الموارد للأجيال القادمة.
كما تلعب التكنولوجيا دورًا حيويًا في تحول الرياض إلى مدينة ذكية. حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة لتحسين الخدمات الحضرية، وتسهيل حياة السكان. على سبيل المثال، يتم استخدام أنظمة ذكية لإدارة حركة المرور. والتنبؤ بالأزمات، وتوفير خدمات حكومية رقمية متطورة.
بالاضافة إلى ذلك ،تؤمن الرياض بأهمية مشاركة المجتمع المحلي في تطوير المدينة الذكية، حيث يتم تشجيع السكان على المشاركة في اتخاذ القرارات، وتقديم المقترحات، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة. هذا النهج يعزز الشعور بالانتماء، ويضمن تلبية احتياجات المجتمع بشكل فعال.
تعكس الإنجازات التي حققتها الرياض في مجال المدن الذكية مكانتها المتقدمة عالميًا. حيث احتلت المرتبة 30 عالميًا في مؤشر IMD للمدن الذكية لعام 2023. هذا الإنجاز يعكس الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السعودية لتحقيق رؤية المدينة الذكية.