المتحف المصري الكبير.. نافذة التراث على العالم

ما زالت الحضارة المصرية القديمة تبيح بأسرارها من خلال التراث الثمين الذي خلفته عبر العصور التي مرت بها؛ فلا تزال أرض مصر وبحارها مليئة بآثار لم تكشف بعد.

في عام 2002م، وضع حجر الأساس لبناء المتحف المصري الكبير، ليكون موقعه مطلًا على بانوراما الأهرامات لإظهار عظمة الحضارة المصرية. فهذا الموقع الفريد بمثابة قرص الشمس الذي يشرق بأشعته على قمم أهرامات الجيزة ومنها ما يسقط على سطح الأرض مبرزًا بناء المتحف الكبير.

تحفة معمارية

يمثل المتحف المصري الكبير تحفة معمارية؛ إذ تعتمد فكرته على وجود الكثبان الرملية بصحراء هضبة الأهرامات. وبالتالي يعتمد تصميمه الخارجي على عمارة الطي. أي الالتواءات والتموجات في تصميم وتشكيل المتحف من الخارج.

فضلًا عن أن حركة الإضاءة الداخلية تصاعدية؛ حيث تصل ذروتها إلى منظر بانورامي للهرم الأكبر عبر سلالم تمثل السفر عبر الزمن.

ملوك العصر الفرعوني

وتشتمل الزخارف المنقوشة على الجدران الخارجية على خراطيش ملكية، تضم أسماء ملوك العصر الفرعوني بالكتابة الهيروغليفية. وتسمح الأسطح الخارجية للمتحف بدخول الضوء الطبيعي للداخل.

وفيما يتعلق بتصميمه الداخلي، فهو ذو مسار رئيس أفقي ممثلًا نهر النيل، شريان الحياة في مصر والذي ارتبط بحضارتها المصرية.

وبناءً على ذلك، جاءت فكرة المباني الخضراء في المتحف؛ حيث التصميم المعماري الذي يراعي الشروط البيئية في التهوية، والإضاءة الطبيعية، وتوظيف مفردات البيئة من النباتات والمياه، ودمجها وظيفيًا وجماليًا في التشكيل والتصميم.

مبنى أيقوني متميز

ويعد المتحف من أفضل الأمثلة على العمارة الخضراء في بناء المتاحف؛ إذ يعبر عن الهوية والتاريخ وجغرافيا المكان كمبنى أيقوني متميز بصريًا ووظيفيًا، يحتضن تراثًا أنسانيًا منذ عصر الأسرات حتى العصر اليوناني الروماني.

رمسيس الثاني

قبل دخول المتحف، توجد ساحة مفتوحة تشتمل على إحدى أيقونات الحضارة. وهي المسلة الكائنة في الوسط؛ حيث يكون في استقبال الزائر بالداخل أعظم ملوك مصر القديمة، رمسيس الثاني، المصور في هيئة تمثال ضخم، والذي كان موجودًا بقلب ميدان رمسيس، ثم نقل كاملًا دون تقطيع؛ ما يعد إنجازًا بشريًا غير مسبوق بأيدٍ مصرية.

صورة بانورامية للأهرامات

يضم المتحف المصري الكبير، مقتنيات أثرية تعرض لأول مرة، مع استخدام طرق عرض جديدة تعتمد على الإبهار عبر الذكاء الإصطناعي، كما يضم مدرجًا ضخمًا كما لو كان ينساب عليه شلال الحضارة المصرية. حيث كرس كل درج لموضوع معين، تعرض عليه قطع أثرية تبرز هذا الموضوع. وعند قمة المدرج، توجد صورة بانورامية للأهرامات الجيزة.

مقتنيات توت عنخ آمون

وعلى جانبي المدرج، توجد العديد من الصالات التي تخدم زائري المتحف؛ مثل: ركن الطفل، وقاعة للباحثين تتعلق بالتوثيق الرقمي وتسجيل القطع الأثرية، وصالة تضم مقتنيات توت عنخ آمون تضم جميع ما اكتشف في مقبرته عام 1922م، مثل قناعه الذهبي، وذلك في مكان واحد بعدما كانت مقتنياته مبعثرة في عدة صالات بالمتحف المصري الكائن بميدان التحرير، أو موضوعة في مخازن متحفية.

كما ينتقل الزائر بعد ذلك ليتفقد صالات العرض الأفقية المشتملة على مقتنيات أثرية طبقًا للتسلسل التاريخي. حيث يضم المتحف معمل ترميم عالميًا، وصالات لعرض الأفلام الوثائقية، وصالات لعقد المؤتمرات.

كتب: د. جلال رفاعي؛ الخبير الأثري في علم المتاحف والتراث الإنساني، نائب مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية

الرابط المختصر :