شهد الإعلام الثقافي في المملكة تحولات كبيرة خلال العقدين الماضيين، خاصة مع تطور التكنولوجيا الرقمية. بعدما كانت الصحف الورقية هي المصدر الرئيس للثقافة والمعرفة، أصبح المشهد اليوم مختلفًا تمامًا؛ حيث تحولت الساحة الثقافية إلى المنصات الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية.
فما الذي دفع إلى هذا التحول؟ وكيف أثّر ذلك على المشهد الثقافي في المملكة؟
من الورق إلى الشاشة.. لماذا تغير المشهد؟
في السابق، كانت الصفحات الثقافية في الصحف الورقية مثل الرياض وعكاظ والجزيرة تشكل المرجع الأول للقارئ السعودي لمتابعة الحركة الأدبية والفنية. لكن مع ظهور الإنترنت وانتشار الهواتف الذكية، بدأت هذه الصحف تفقد جمهورها لصالح المنصات الرقمية، التي أتاحت محتوى متجددًا وسريع الوصول.
عوامل ساهمت في التحول:
- سهولة الوصول للمعلومة عبر الإنترنت في أي وقت.
- ظهور المدونات والمنصات المتخصصة في الثقافة والأدب.
- تفاعل الجمهور مع المحتوى مباشرة من خلال التعليقات والمشاركات.
- اعتماد الأجيال الجديدة على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر أولي للمعرفة.
السعودية نموذجًا للتحول الرقمي الثقافي
برزت عدة منصات ومبادرات ثقافية سعودية في الفضاء الرقمي؛ مثل:
- منصة إثراء: تقدم محتوى ثقافيًا وفنيًا متنوعًا.
- مبادرة “أدب” على تويتر وإنستغرام: نشر مقتطفات شعرية ونقد أدبي.
- مواقع الصحف الإلكترونية: مثل صحيفة سبق وعاجل التي خصصت أقسامًا للثقافة والأدب.
- المكتبات الرقمية: مثل المكتبة الرقمية السعودية، التي توفر آلاف الكتب والمصادر المفتوحة.
تأثير التحول الرقمي على الثقافة في المملكة
رغم بعض التحديات مثل انتشار المعلومات السطحية أو المضللة أحيانًا، إلا أن الإعلام الثقافي الرقمي في السعودية ساهم في:
- إبراز المواهب الشابة في مجالات الشعر، الرواية، والنقد.
- توسيع قاعدة الجمهور: لم تعد الثقافة مقتصرة على النخبة؛ بل أصبحت متاحة للجميع.
- تسريع وتيرة الحراك الثقافي: من خلال الفعاليات الرقمية، والبث المباشر للندوات الثقافية.
- تفاعل أكبر بين المثقف والجمهور: لم يعد المثقف منفصلاً عن جمهوره كما كان في الصحف الورقية.
رأي الخبراء
يقول محمد السبيعي؛ الإعلامي والكاتب الثقافي: التحول الرقمي منح الثقافة السعودية أجنحة للوصول إلى آفاق جديدة. لكن التحدي الأكبر يبقى في جودة المحتوى وضرورة المحافظة على الهوية الثقافية في ظل هذا الانفتاح الهائل”. وفقا لما نقلته “العربية”.
اقرأ أيضًا: منصة “التوأم الرقمي” الكورية تغطي مكة والمدينة وجدة ضمن مشروع المدن الذكية السعودية
وأخيرًا انتقال الإعلام الثقافي السعودي من الصحف الورقية إلى المنصات الرقمية لم يكن مجرد تغيير في الشكل؛ بل هو تطور طبيعي فرضه العصر الرقمي. وبين الفرص والتحديات، يبقى الرهان على المثقفين والمؤسسات الإعلامية في السعودية لمواصلة تعزيز المشهد الثقافي بما يتناسب مع روح العصر ومتطلبات المستقبل.