تشغل ظاهرة الكذب عند الأطفال بال الكثير من الأمهات والآباء والمربين؛ ولأن الكذب يأخذ أشكالًا متعددة، فمن الضروري فهم هذه الأنواع المختلفة حتى نتمكن من التعامل معها بطريقة صحيحة.
في هذا المقال، يتحدث الدكتور إبراهيم دويدار؛ استشاري الصحة النفسية لمجلة “الجوهرة” عن أنواع الكذب عند الأطفال وطرق العلاج.
أنواع الكذب عند الأطفال
وقال الدكتور “إبراهيم” في بداية حديثه لمجلة “الجوهرة” إن كذب الأبناء ما هو إلا كذب الآباء في البداية، موضحًا: “قد يظن الآباء أن الكذب اليومي الذي يمارسونه على أبنائهم هو لصالحهم، لكن العكس هو الصحيح. مهما كان نوع الكذب حتى إذا كان للمدح؛ فهو يترك انطباعًا سيئًا على الأبناء؛ لأنهم بالتبعية يمارسونه مع زملائهم أو حتى على آبائهم”.
وقد قسم الدكتور “إبراهيم” الكذب عند الأطفال إلى 7 أنواع، وهي:
-
الكذب بالتقليد:
وهو الذي يحاكي فيه الطفل تصرفات الكبار، خاصة إذا كان أحد الوالدين أو المحيطين به يمارس الكذب؛ لذا، فإن القدوة الصالحة تلعب دورًا حاسمًا في تربية الطفل على الصدق.
وحذر استشاري الصحة النفسية الآباء من ممارسة الكذب أمام الأبناء، وشدد على ضرورة الابتعاد عنه أمامهم. -
الكذب الخيالي:
ويعكس هذا النوع من الكذب، خيال الطفل الواسع؛ حيث يختلق قصصًا وأحداثًا غير واقعية. ويكون ذلك إما نتيجة لافتقاد الطفل هذه الأشياء في الحقيقة؛ فيلجأ إلى الخيال لتحقيقها، أو أن الطفل بطبيعته له خيال واسع. وفي هذه الحالة يتطلب من الوالدين تشجيع خيال الطفل، عن طريق إحضار القصص والألعاب التي تنسج حكايات. ولكن في الوقت نفسه، تعليمه الفرق بين الخيال والواقع.
-
الكذب الانتقامي:
وفيه يلجأ الطفل إلى الكذب انتقامًا من شخص ما، خاصة إذا شعر بالظلم أو الإحباط. وأشار إلى أن هذا النوع يمثل خطرًا على الطفل ويؤثر على تكوين شخصيته؛ لذا من الضروري على الآباء التركيز مع الطفل وإبعاد أي مؤثر خارجي من شأنه أن يسبب له إحباط أو يشعر فيه بالظلم.
-
الكذب الادعائي:
يحاول الطفل من خلال هذا النوع من الكذب تعويض نقص يشعر به؛ كأن يدعي امتلاك أشياء لا يملكها؛ ما يجعله ناقم طوال الوقت على حياته. كما يشعر دائمًا بالنقص أمام زملائه. وفي الغالب يتمادى في الكذب لوصف أشياء غير منطقية، وبالتالي يظهر كذبه أمام الآخرين.
-
الكذب العنادي:
يرتبط هذا النوع بالعناد الشديد لدى الطفل؛ حيث يكذب لمجرد إثبات نفسه. وهذا النوع لا يستمر طويلًا فكلما كانت الحياة الأسرية هادئة وبعيدة عن الأوامر والتحكمات، قل كذب الطفل واستجاب لطلبات الآباء.
-
الكذب المغرض:
يكون الهدف من هذا النوع هو تحقيق مصلحة معينة، كالحصول على شيء ما. وأصحاب هذا النوع متملقون. وإذا لم يتعامل الآباء مع الطفل المعرض لهذا النوع بشيء من الحكمة، وغرس القيم الدينية في الطفل منذ بداية اكتشافهم الكذب؛ فإن ذلك يترتب عليه عواقب وخيمة في الكبر.
-
الكذب المرضي:
يرتبط هذا النوع بمشاكل نفسية أعمق، ويحتاج إلى تدخل متخصص. والبداية باكتشاف السبب النفسي وراء هذا الكذب، واتباع الكورس العلاجي المخصص له.
طرق التعامل مع كذب الأطفال
وقدم استشاري الصحة النفسية عدة نصائح وطرق للتعامل الأمثل مع كذب الأطفال، ومن أهمها:
القدوة الحسنة
من الضروري وجود قدوة لطفل، وممارسة الصدق في جميع تعاملاتك.
التشجيع
على الآباء تشجيع الطفل على التحدث عن مشاعره وأفكاره بحرية، دون خوف من العقاب.
التعزيز الإيجابي
كما يجب التعزيز الإيجابي والثناء على الطفل عندما يقول الحقيقة، والمدح لشجاعته.
العقاب المناسب
ضرورة تنفيذ العقاب المناسب إذا كذب الطفل، والقيام بتعزيز سلوك الكذب بعقاب مناسب لسنّه، مع التأكيد على أهمية الصدق.
التفريق بين الخيال والواقع
يجب أيضًا التفريق بين الخيال والواقع، ومساعدة الطفل على فهم الفرق بين ما هو حقيقي وما هو خيالي.
استشارة متخصص
وأخيرًا، اللجوء إلى المتخصصين، إذا كان الكذب مشكلة متكررة لدى الطفل؛ فلا تترددي في استشارة طبيب نفسي للأطفال.
نصائح للآباء:
وقد نصح د.”إبراهيم” الاباء بعدة نصائح أهمها:
- كوني صبورة: تذكري أن تعلم الطفل الصدق يستغرق وقتًا وجهدًا.
- عدم اللجوء إلى العنف: العنف لا يحل المشكلة؛ بل يزيدها سوءًا.
- كوني متفهمة: حاولي أن تفهمي الدوافع وراء كذب طفلك.
- تعاوني مع المدرسة: اطلبي مساعدة المدرسة في تعليم طفلك القيم الأخلاقية.
واختتم استشاري الصحة النفسية حديثه لـ”الجوهرة”، قائلًا: “إن فهم أنواع الكذب عند الأطفال وتطبيق هذه الاستراتيجيات يمكن أن يساعد في بناء علاقة قوية مبنية على الثقة والصدق بين الآباء والأطفال. تذكرا أن الأطفال يتعلمون من خلال الملاحظة والتقليد؛ لذا كونا قدوة حسنة لهم”.