ـ صنفتها فوربس كأقوى امرأة في العالم
ـ سقوط جدار برلين كان تحولًا جذريًا في حياة ميركل
ـ تهوى مهرجانات الشعر الغنائي.. وتعشق كرة القدم
لم تكن تتخيل أنها ستصبح المرأة الأولى في ألمانيا، وربما في أوروبا بكاملها؛ كونها درست الفيزياء، وامتهنت العمل الكيميائي لعدة سنوات؛ لذا أول ما يُلاحظ عليها؛ هو نهجها الدقيق، إنها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي كان طموحها أن تكون معلمة- كوالدتها- لكنها عدلت عن رأيها وقررت أن تكون عالمة فيزياء، ورغم مغادرتها مختبر الكيمياء من حيث الوظيفة، لكنها لم تغادره من حيث طريقة التفكير، أو حتى المعيشة ذاتها..
الطفولة والدراسة
ولدت أنجيلا دوروثيا كاسنر في 17 يوليو عام 1954، في هامبورج بألمانيا، ثم حملت لقب زوجها – ميركل- واحتفظت به حتى بعد انفصالهما.
ولدت أنجيلا في منطقة ريفية بالقرب من برلين، لأب كان قسًا مسيحيًا- لوثريًا، يعمل مدرسًا، ثم انتقل غربًا ليتابع دراساته في علم اللاهوت.
كانت ميركل طالبة متميزة، وخاصة في اللغة الروسية والرياضيات، ثم التحقت بجامعة لايبزج Leipzig لتدرس الفيزياء، وحصلت على الدكتوراه عام 1978، ثم عملت كيميائية بالمعهد المركزي للكيمياء الفيزيائية بأكاديمية العلوم بين عامي 1978 و1999.
وخلال فترة الدراسة، كانت أنجيلا ميركل تعمل في حانة، وفق ما أوردته باتريشيا ليسنير كراوس في كتابها عن سيرة ميركل الذاتية، والذي يحمل عنوان: «ميركل.. السلطة والسياسة».
ونقلًا عن الكتاب المذكور، تقول المستشارة الألمانية: «نعم عملتُ نادلة في حانة، بأجر يتراوح بين 20 و30 فينينج عن كل مشروب أبيعه؛ ما منحني دخلًا إضافيًا تراوح بين 20 و30 ماركًا في الأسبوع، ساهم إلى حد كبير في دفع الإيجار».
وحول حياتها الخاصة تقول: “عشت طفولة سعيدة مع أخي ماركوس وأختي إيرين، واخترت دراسة الفيزياء؛ لأن الحكومة الشيوعية في ألمانيا الشرقية وقتها، كانت تتدخل في كل شيء باستثناء “قوانين الطبيعة”.
الكيمياء الشخصية
تزوجت أنجيلا في عام 1977 من الفيزيائي أولريش ميركل Ulrich Merkel، لكنهما انفصلا عام 1982م، ثم تزوجت للمرة الثانية من الكيميائي البروفيسور يواخيم زاور Joachim Sauer.
واحتفظت أنجيلا بلقب زوجها الأول، أولريش ميركل، بالرغم من أنها متزوجة حاليًا من جواكيم ساور، الذي يهوى الطبيعة ويحب عمله، ونادرًا ما يشتكي، بحسب ما ذكرته زوجته.
اقرأ أيضًا: الشيخة نوره خليفة آل خليفة: الأزياء والموضة صناعة عالمية تتطلب جهودًا كبيرة لتوطينها
وتشترك أنجيلا مع زوجها في هوايتها الوحيدة وهي الشعر الغنائي، كما أنها ماهرة في الطبخ، وشغوفة بمشاهدة مباريات كرة القدم، وقد نُشر لها صور، وهي تقفز فرحًا، عندما يسجل المنتخب الألماني هدفًا أو يحرز لقبًا؛ إذ ترى أن كرة القدم جديرة بتسويق صورة ألمانيا في العالم.
وتحضر أنجيلا ميركل بانتظام مهرجانات الشعر الغنائي في ألمانيا وخارجها، برفقة زوجها، الذي تلقبه الصحافة في ألمانيا والنمسا، بالشبح؛ لأنه قليل الظهور، كما يعرف بالتقشف في حياته ويصرف جل وقته في البحث العلمي.
تحولات عالمة الفيزياء
كان سقوط جدار برلين في العام 1989م إيذانًا بتحول كبير، لكنه كان تحولًا جذريًا على صعيد حياة ميركل، فبعده مباشرة انضمت إلى حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي، ثم عيّنت وزيرة للمرأة والشباب في حكومة هلموت كول.
عُينت المستشارة الألمانية بعد ذلك، وزيرة للبيئة والسلامة النووية، بعد هزيمة كول في الانتخابات العامّة عام 1998، ثم عُينت أمينة عامّة لحزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي، وفي عام 2000 اختيرت قائدة للحزب، لكنها خسرت ترشيحها كمستشارة لصالح إدموند شتويبر Edmund Stoiber عام 2002.
في انتخابات عام 2005، أطاحت ميركل بمنافسها على منصب المستشار الألماني جيرهارد شرودر؛ إذ فازت بفارق ثلاثة مقاعد فقط، ثم بعد موافقة حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي على الاندماج مع حزب الاتحاد الديموقراطي الاشتراكي، تم إعلان ميركل أول مستشارة ألمانية في تاريخ ألمانيا، وهي أول امرأة تحكم ألمانيا بعد أن أصبحت دولة وطنية حديثة عام 1871، كما أُعيد انتخابها لولاية جديدة عام 2009.
المرأة الحديدية
أطلقت وسائل الإعلام على أنجيلا ميركل عدة ألقاب؛ منها: المرأة الحديدية؛ لمواقفها الصارمة، ومنهجها العلمي الجاف، مقارنة بالعمل السياسي التقليدي، كما أطلق عليها الألمان لقب “الأم”، لما يجدون فيها من عاطفة وتفاعل مع متطلباتهم الاجتماعية.
وصنفتها مجلة فوربس الأمريكية أقوى امرأة في العالم؛ لبقائها في الحكم مدة طويلة ونجاحها الاقتصادي المبهر، وصمود ألمانيا أمام الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أصابت أغلب دول أوروبا بالركود، وكادت أن تودي ببعضها إلى الإفلاس.
إنجازات سيدة أوروبا الأولى
من الناحية الاقتصادية تمكنت أنجيلا ميركل من تحقيق الكثير من الإنجازات، فقد هزمت الشيوعية في ألمانيا الشرقية، وكانت تلك هي الخطوة الأولى، والتي أفصحت عن سياسات المرأة الحديدية أو بالأحرى عن توجهاتها الاقتصادية.
كما قامت بتحديد الحد الأدنى للأجور لأول مرة، بثمانية وخمس من عشرة يورو في الساعة، وهو ما ساعد ألمانيا الشرقية على التعافي الاقتصادي، خاصة وأنها كانت غارقة في الفقر
وأكملت أنجيلا ميركل نهضت ألمانيا الاقتصادية التي بدأت منذ إعادة توحيدها، عام 1990، فأصبح اقتصاد البلاد في عهد المستشارة الألمانية، الأول أوروبيًا والرابع عالميًا بعد اليابان والصين والولايات المتحدة،
كما استطاعت بفضل سياساتها الاقتصادية المتبصرة خفض معدل البطالة من 12.9% عام 2005، إلى 4.9% فقط عام 2018.
وكان عجز الميزانية قد بلغ، عند تولي «ميركل» المسؤولية، 3.5% ، وهو ما تحول إلى فائض يقدر بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
أما الفائض في الحساب الجاري فقد بلغ 2% فقط عام 2005 وارتفع لقرابة 8% عام 2018، وتلك بعض من إنجازات المرأة الحديدية على الصعيد الاقتصادي فحسب، ناهيك عن إنجازاتها في المجالات السياسية والاجتماعية الأخرى.