قد تكون عبارة “أكرهك” من أكثر الكلمات التي يسمعها الوالدان إيلامًا وإحباطًا، خاصةً عندما تأتي من طفل حنون. ولكن الخبراء يؤكدون أن سماع هذه الكلمة لا يعني فشلًا في التربية أو أن الطفل يحمل كراهية حقيقية لوالديه. بل إنها، في معظم الأحيان، مجرد تعبير قوي وفوري عن مشاعر جياشة من الغضب، أو الإحباط، أو الحزن، أو الارتباك، يستخدمها الطفل لأنه لم يطور بعد طرقًا أكثر فعالية للتعبير عن حجم هذه المشاعر.
وفقًا لـ “parents”يشبه الخبراء مشاعر الطفل في تلك اللحظة بالماء في “غلاية ساخنة”؛ فعندما تبلغ المشاعر ذروتها، لا يستطيع الطفل التفكير بوضوح ويدخل في وضعية “القتال أو الهروب”، ما يدفعه لاستخدام كلمة قوية مثل “أكرهك” كدرع “لحماية” نفسه من الشعور بالضعف. المسألة الأساسية هنا هي تنظيم المشاعر والتواصل الفعال.

استراتيجية الرد: التوقف، التعاطف، ووضع الحدود
إن رد فعل الوالدين هو المفتاح لإدارة الموقف وتحويله إلى فرصة تعليمية. ينصح الخبراء بـ:
- التوقف والهدوء: قبل الرد، يجب على الوالد أن يأخذ لحظة لتقييم انفعاله العاطفي وتجنب اتخاذ موقف دفاعي أو عقابي أو الشعور بالإهانة. يجب أن تكون الأولوية هي الحفاظ على الهدوء والاتزان.
- التعاطف مع المشاعر: الهدف الرئيسي هو عكس مشاعر الطفل الكامنة باستخدام التعاطف. يجب إظهار تفهمك لحجم غضبه وإحباطه.
- وضع حدود صارمة: يجب توجيه الطفل إلى السلوك المقبول. من الضروري أن يفهم أن الشعور بالغضب طبيعي، لكن التعبير عنه بكلمات جارحة أو مؤذية أمر غير مقبول.
الردود المناسبة حسب عمر الطفل:
تختلف طريقة الرد حسب المرحلة العمرية للطفل، مع الحفاظ على المبدأ الأساسي للتعاطف والتوجيه:
- الأطفال الصغار (1.5 – 3 سنوات): ركز على تسمية المشاعر. يمكن القول: “يبدو أنك غاضب جدًا. لا يمكنك قول “أكرهك”، ولكن يمكنك قول “أنا غاضب!”.
- أطفال ما قبل المدرسة (3 – 6 سنوات): تعمق أكثر في المشاعر الكامنة. الرد المقترح: “أنت لا تكرهني، لكنني أرى أن غضبك هائل جدًا لدرجة أنه يبدو ككراهية. أخبرني بمدى غضبك بدلًا من ذلك.” مع التأكيد بهدوء: “لا داعي لقول “أكرهك”.
- سن الابتدائية (7 – 11 سنة): في هذا السن، قد تكون العبارة وسيلة للضغط أو التعبير العام عن “كراهية” أشياء أخرى تفرضها عليهم سيطرة الكبار (مثل الواجبات والأعمال المنزلية). يجب معالجة السبب المحدد. يمكن القول: “لا يمكنك التحدث معي بهذه الطريقة. دعنا نهدأ أولًا، ثم نناقش سبب توترك وإرهاقك”.
- المراهقون (المتوسطة والثانوية): في هذه المرحلة التي تتسم بالصراع واكتساب الاستقلالية، يجب إظهار التفهم مع وضع الحدود. ابدأ بـ: “أنا أعلم أننا لا نتفق أحيانًا، لكن لا، أنت لا تكرهني. لا بأس إن لم تتفق معي، لكني ما زلت أربيك. لن يساعدك قول “أكرهك” على التعبير عن غضبك. أخبرني فقط بمشاعرك، وسأستمع.”

نصائح عامة لإدارة الموقف:
- تجنب المبالغة في رد الفعل أو المعاقبة: رد الفعل القوي قد يشجع الطفل على تكرار العبارة للفت الانتباه.
- قيم مشاعره مع توجيه السلوك: أكد أن مشاعره طبيعية، لكن طريقة التعبير عنها غير مقبولة.
- امنح مساحة مع البقاء قريبًا: إذا كان الطفل بحاجة إلى الهدوء، وجهه لأخذ استراحة، مع التأكيد على وجودك ودعمك.
- عبر عن الحب الثابت: يجب أن يدرك الطفل أن حب الوالدين له غير مشروط، بغض النظر عما يقوله.
- اعتذر عند الخطأ: إذا انتاب الوالد الغضب وقال شيئًا جارحًا، يجب عليه الاعتذار، لتعليم الطفل كيفية تحمل المسؤولية وتصحيح الأخطاء.
في النهاية، يعد قول الطفل “أكرهك” أحيانًا جزءًا طبيعيًا من عملية النمو العاطفي. يجب على الوالدين استغلال هذه اللحظات لتعليم أطفالهم مهارات تنظيم المشاعر والتعبير عنها بشكل صحي. وفي حال أصبح هذا النمط السلوكي مزمنًا أو معقدًا، ينصح باللجوء إلى طلب المساعدة من المختصين.


















