صدور الترجمة العربية لكتاب "التاريخ الفكري لليبرالية"

صدر حديثًا عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، كتاب «التاريخ الفكري لليبرالية» من تأليف أستاذ الفلسفة السياسية الفرنسي بيير مانيه وترجمة هاشم صالح، ويناقش الكتاب الخطوط العريضة، والمكونات الفكرية المؤسسة للفلسفة الليبرالية، والمحطات الحاسمة التي أدت دورًا بارزًا في تشكلها بوصفها التيار الأساسي للسياسة الحديثة في أوروبا والغرب منذ ثلاثة قرون.

ويحلل الكتاب الخلفية التاريخية التي سبقت الفلسفة الليبرالية، وأسهمت في انبثاقها، مستعرضًا أبرز المفكرين المؤسسين للفلسفة الليبرالية في تطوراتها التاريخية، ومحدداتها المفاهيمية المختلفة والمتنوعة.

ويعد الكتاب؛ الذي يقع في 315 صفحة، من الكتب التأسيسية المهمة في مجال الفلسفة الليبرالية والعلوم السياسية، إذ يقدم رؤية بانورامية شاملة لأبرز الأفكار والمفاهيم المركزية لليبرالية بمختلف مفكريها ومنظريها، معتمدًا على التجربة العلمية والبحثية العريقة لمؤلفه البروفيسور الفرنسي بيير مانن؛ أحد أهم المفكرين الليبراليين في فرنسا، وأسلوبه الجذاب في الكتابة الذي ارتكز على استراتيجية الجدل والمحاججة في عرض المفاهيم وكيفية تطورها، إضافة إلى استراتيجية السرد الزمني والوصفي، مستخدمًا العبارات الموجزة والأفكار المكثفة.

ويعد كتاب أستاذ الفلسفة السياسية الفرنسي بيير مانيه إضافة للمكتبة العربية في مجال الفلسفة الليبرالية والفكر السياسي، ويمثل، أيضًا، إطلالة موجزة على التاريخ الأوروبي عبر سياحة فكرية في عقول ثمانية فلاسفة ومفكرين أوربيين ينسب إليهم مانيه تأسيس الفكرة الليبرالية، مثل: توماس هوبز، وجون لوك، ومونتسكيو، وبنيامين كونستان، وتوكفيل.

ويرى المؤلف أن مبعث فكرة الليبرالية الأول كان في أطروحات مكيافيلي في كتابه (الأمير) في القرن السادس عشر، ويختتمها بعالِم الاجتماع الفرنسي توكفيل المتوفى في منتصف القرن التاسع عشر، أي أنها دورة فكرية استغرقت ثلاثة قرون، وإن كان يعود بالقاريء أيضًا إلى أرسطو والمدينة الرومانية القديمة.

وكان هاجس مانيه العودة إلى أيام سيطرة الكنيسة المطلقة وصولًا إلى نشوء الحركة المضادة لتدخل الكنيسة الأخروية في شؤون الدنيا وانبعاث أول المبادئ العلمانية.

ويتكون الكتاب من عشرة فصول، تبدأ بفصل خُصِّص لعرض تاريخ أوروبا والمشكلة اللاهوتية السياسية، ثم ماكيافيللي وخصوبة الشر، والفصل الثالث هوبز والفن السياسي الجديد، وجون لوك.. العمل والملكية، ومونتسكيو والفصل بين السلطات، وروسو ناقدًا لليبرالية، وتناول الفصل السابع الليبرالية بعد الثورة الفرنسية، والثامن تطرق إلى بنيامين كونستان وليبرالية المعارضة، والتاسع خُصِّص لفرانسوا جيزو.. ليبرالية الحكم أو السلطة، أما الفصل العاشر فتناول فكر توكفيل.. الليبرالية أمام الديمقراطية.

وتميز المؤلِّف بأنه يأخذ موقفًا حياديًّا ونقديًّا في أحيان كثيرة، فتوصيفه للمجتمع الذي تحكمه الليبرالية شديد الدقة، هو يرى علاقة الأفراد داخل المجتمع الليبرالي أشبه ما تكون بالكونفدرالية، وذلك عكس ما تشاهده في مجتمع له رأي واحد شديد التجانس في الأنظمة الشمولية، سواء كان ذلك طوعًا أم كرهًا.

ويلاحظ مانيه الأصول الإنجيلية في قيم الحرية والمساواة داخل الليبرالية رغم حربها الأولى على المسيحية، جازمًا بأن الليبرالية لن تصبح ماضيًا؛ لأنها قابلة للتعديل والتجديد، ولأنها تحمل بذور نقدها ونقضها في داخلها، فكل ما تجزم به الليبرالية قابل للشك؛ لأن النظرية الأولى هي آراء بشرية خاصة، والأساس فيها عدم يقينية الآراء، وهو ما يجعلها مستعدة دائمًا لنقض نفسها إذا دعت الحاجة.

ويختتم الكتاب، الذي صدر ضمن سلسلة الكتب المترجمة التي يصدرها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، بمجموعة من الملحوظات الأخيرة للمؤلف.

ويمكن قراءة الطبعة العربية الجديدة من الكتاب عبر القاريء الإلكتروني أمازون كيندل، أو الحصول على نسخة مطبوعة من منافذ البيع المعتمدة، أو معارض الكتب، أو من خلال التواصل مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عبر الرابط:

http://kfcris.com/ar/publications