حوار| ريما سلمان: التغذية العلاجية باتت تخصصًا مهمًا لعلاج الكثير من الأمراض

حوار: ابتسام اليوسف خلال هذه الفترة العصيبة أسئلة كثيرة حول التغذية السليمة ودورها في تعزيز مناعة الجسم والوقاية من فيروس كورونا وغيره، لذا التقت "الجوهرة" مع ريما مصطفى سلمان؛ إخصائية التغذية العلاجية، التي تمتلك خبرة تقارب العشرين عامًا في مجال التغذية العلاجية، التي طرحنا عليها العديد من الأسئلة المتعلقة بالتغذية وأهميتها ودورها في حياتنا.

- البداية، كيف بدأت علاقتكِ بالتغذية؟
كنت أدرس في مرحلة الإعداد العام في كلية العلوم التطبيقية في جامعة الملك سعود بالرياض، وفي ذلك الوقت كان في مخططي دراسة صحة أسنان، ولكن بسبب زواجي وانتقالي مع زوجي إلى الولايات المتحدة الأمريكية بسبب دراسته وعمله في ذلك الوقت، انقطعت عن الدراسة لفترة.

ومع أول حمل لي، وبعد الولادة خضت تحدي العودة لوزني الطبيعي عن طريق الحمية الغذائية، ووضع برنامج رياضي خاص بي بدون أي مساعدة من متخصص بالتغذية أو الرياضة، بدأت أقرأ في مجال التغذية والرياضة لاتباع خطة صحية ومدروسة، ما جعلني أقرر التحول إلى مجال التغذية العلاجية.

وحصلت على شهادة البكالوريوس في التغذية العلاجية، وبعدها حصلت على شهادة الماجستير في تغذية الرياضيين من جامعة "ليفبرا" البريطانية، وأخذت عدة شهادات في التدريب الشخصي الرياضي، وتطوير الذات، والتغذية النفسية، ودورات في مهارات الإلقاء، وشهادة إعداد مذيع تلفزيوني عمت علي بفائدة كبيرة في مجال الإعلام المرئي والمسموع.

- ما فوائد التغذية السليمة للجسم؟
الغذاء مهم جدًا للإنسان لاستمرار الحياة ومساعدة أعضاء الجسم للقيام بوظائفها المختلفة، وأجهزة الجسم الحيوية تأخذ ما تحتاجه من طاقة من الغذاء الداخلي المتمثلة في البروتينات والكربوهيدرات والدهون والمعادن والفيتامينات، وهذه المغذيات التي يحتاجها الإنسان وذكرت بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
-  نسمع عن العلاج بالغذاء أو التغذية العلاجية.. هل ممكن توضيح هذا المفهوم؟
التغذية السليمة هي أحد وسائل الوقاية من الأمراض، فالتغذية العلاجية هي علاج لكثير من الأمراض بل قد تكون الوسيلة الوحيدة للعلاج في بعض الحالات المرضية، مثل حالات فقر الدم والسمنة والنحافة وعوز البروتين، وهناك الأمراض الأيضية الناتجة عن السمنة مثل داء السكري والضغط، وأمراض القلب.

وخلال السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بدور التغذية في الوقاية والعلاج من العديد من الأمراض، وأصبح إخصائي التغذية العلاجية عضوًا في الفريق الطبي، يلجأ إليه الأطباء لأخذ النصيحة والتشخيص لوضع برنامج غذائي مُكمّل للعلاج؛ حيث يقوم بوضع برنامج غذائي للوجبات الغذائية المناسبة لكل حالة، تتكامل فيه جميع العناصر الغذائية الأساسية مع التركيز على زيادة أو نقص عنصر غذائي أو أكثر تبعًا لنوع المرض وحالة المريض.

- في ظل الظروف التي نعيشها.. ما أهم الأغذية التي تساعد في زيادة مناعة أجسامنا؟
الجسم السليم القوي هو أهم حائط صد للوقاية من كورونا أو غيره من الأمراض، والغذاء الصحي المتوازن مهم جدًا لزيادة مناعة الجسم ضد فيروس كورونا أو غيره، مع ضرورة مراعاة العوامل الأخرى التي تؤثر سلبًا على الجهاز المناعي مثل الضغوط النفسية كالحزن والقلق المفرط، إلى جانب النوم المضطرب والإرهاق، والكسل وقلة الحركة، واستعمال بعض الأدوية والتدخين.

وهناك أغذية تسهم في زيادة مناعة الجسم، ومذكورة بالقرآن الكريم مثل العسل (فيه شفاء للناس)، يعد من أهم مقويًات المناعة فهو يحتوي على عناصر غذائية أساسية غنية بالماء والسكريات والبروتينات والأحماض الأمينية، والفيتامينات والمعادن، وهو مضاد حيوي طبيعي للالتهابات وللميكروبات، إذا تم تناوله بمقدار ١٠غراما (ملعقة كبيرة يوميًا).

كما أنصح بالحبة السوداء أو حبة البركة والتي أوصانا بها رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم بقوله (في الحبة السوداء شفاء من كل داء، إلا السام)، فهي تقوي المناعة وتعمل مضادًا حيويًا طبيعيًا ومسكن للألم، ويمكن عمل خليط من العسل والحبة السوداء وتناول ملعقة كبيرة يوميا لرفع المناعة.

كما أن تناول الخضروات والفاكهة يوميًا ضروري لغنوّهم بالعديد من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة.

ريما سلمان

- كيف تهتم الأم بغذاء أطفالها بحيث يسهم في سلامتهم وصحتهم؟ التغذية السليمة مهمة جدًا للطفل، ويجب على الأم أن تحرص على تقديم كافة العناصر الغذائية لأطفالها، لأن سوء التغذية يتسبب في جعل الطفل عرضة للإصابة بالأمراض المختلفة، ويؤدي إلى تأخّر نموّهم الجسدي والعقلي، ومعاناة الطفل من الكسل وقلة النشاط.

والحل هو تغذية الأطفال بالأطعمة المتنوعة والمناسبة لكل مرحلة عمرية، والحرص على تقديمها له بطريقة يشتهيها. لكن يجب الحذر من عدم الإفراط بتقديم الأكل للطفل حتى نتفادى إصابة طفلك بالسمنة.

ويجب إبعاد الطفل عن الوجبات الجاهزة التي لها مخاطرها، وهي أحد أسباب السمنة، والاعتماد على تقديم الوجبات الطازجة المصنوعة بالبيت، والمتوازنة في عناصرها.

وأهم نصيحة للأم والأب: عليكم أن تكونوا القدوة الحسنة لأطفالكم وذلك بضرورة تناول الأغذية الصحية المتنوعة والمحافظة على الوزن المثالي، فأطفالنا أمانه يجب أن ينشأوا في بيئة صحية.

-  ما هي طرق الطبخ السليمة للحصول على غذاء صحي؟
من المعروف أن أفضل الطرق السليمة هي الشوي والسلق والطبخ بالفرن أو علي البخار، وكل مادة غذائية لها ما يناسبها فمثلًا ينصح بالشوي للحوم فهي طريقة مثلى لتقليل الدهون مع مراعاة الطرق السليمة للشوي، عليك طهيها دون إضافة مزيدٍ من الدهون.

كما يجب الاعتدال في استخدام الدهون واستخدامها بطرق سليمة في الطبخ، واختيار الدهون الغير مشبعة الآتية من المصادر النباتية مثل: زيت الزيتون وزيت بذرة اللفت وزيت الأفوكادو والاعتدال باستخدام الدهون المشبعة الآتية من المصادر الحيوانية: مثل الزبدة والسمنة.

-  ما أفضل أنواع الحمية لإنقاص الوزن؟
الحمية المتوازنة هي الأفضل لإنقاص الوزن؛ وهي التي تعتمد علي حساب السعرات الحرارية اللازمة للفرد، وعند ثبوت الوزن عن النزول يجب علينا تقليل نسبة الكربوهيدرات مثل (الأرز، الخبز، البطاطس، والمكرونة) وتناول البروتينات في كل وجبة مثل: (البيض، اللحم، الدجاج، التونة، الجمبري، السمك أو البقوليات، وزبدة الفول السوداني أو اللوز) واختيار الدهون الصحية مثل: (زيت الزيتون، الأفوكادو، سمك السلمون، البذور، والمكسرات)

لكن يجب أن نعرف أن الحمية عالية البروتين لها إيجابيات وسلبيات، فالإيجابي بها هو سرعة الإحساس بالشبع وزيادة معدل حرق الدهون بالجسم، ولكن ضروري شرب كميات كافية من المياه، وأكل الخضروات الطازجة، حتى لا تتركز كمية البروتين المتناولة في الكلى.

والتوازن مذكور بالسنة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: (ما ملأ أدمي وعاءً شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه)

لكن البعض يرى أن نقص الكربوهيدرات له أضراره؟
الاستغناء عن الكربوهيدرات لفترة طويلة له أضراره على الجسم كونها مصدر للطاقة للمخ ولبناء العضلات، لذا أنصح بأن لا تزيد فترة الانقطاع التام أكثر من ٦ أسابيع ومن بعدها أخذها مرتين بالاسبوع كوجبة مثل تناول المكرونة أو البيتزا، ويمكن تكرارها على فترات، مع وجود فواصل خلال هذه المدة إلى أن نصل للوزن المثالي.
-  لماذا يلجأ العديد للحمية ويعاني من مرحلة ثبات الوزن لمدة طويلة لماذ؟
هذه مشكلة يعاني منها الكثير من الأشخاص، ما يسبب إحباطًا ومشاكل نفسيّة وصحيّة للبعض، ويرجع هذا الثبات إلى أسباب عدة، منها: أسباب عضوية، تتمثل في: نقص فيتامين "د" أو فيتامين "ب١٢"، وارتفاع معدل الأنسولين، وارتفاع في هرمون الكورتيزول، أو وجود خمول في الغدة الدرقية، أو ممارسة عملية تجويع زائدة عن اللازم، وبالتالى تكون الخسارة في العضلات، ما قد يؤثر على عمل جهاز الأيض أو الاستقلاب، وهو المسؤول عن حرق الدهون بالجسم.

وهناك أسباب فرديّة: كنوع الحميّة المستخدمة، فقد تكون غير مناسبة، والتعرض للضغوط النفسيّة التي تؤدي إلى ثبات الوزن، وأحيانًا إلى زيادته وقلة معدل الأيض، نقص البروتين.

ولعلاج هذه المشكلة يجب الاستعانة بأخصائي تغذية لتحديد المشكلة والعمل على علاجها جذريًا.

-  ما علاقة الغذاء بالجمال؟
الوجه مرآة للجسم، كل شئ نأكله ينعكس على وجهنا، وإذا أردنا بشرة نضرة وصافية علينا أن ننظف الجسم من الداخل، والتغذية السليمة تؤثر بشكل كبير فى مظهر وصحة الجلد، فتجعله أكثر نضارة وجمالًا، وهي علاج للكثير من الأمراض الجلدية التي تنتج عادة من نقص بعض الفيتامينات والمعادن.

وأنصح بشرب الماء والتوازن في الأكل بحيث يتضمن العناصر الغنية بالفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم كالخضراوات الطازجة والفواكه، إضافة إلى مشروبات الجمال، وهي: العصائر الطبيعية من الخضروات، والابتعاد عن المشروبات الغازية والأكلات الدهنية الضارة وغير الصحية، كما يجب عدم التعرض للشمس لفترة طويلة دون استخدام واقي الشمس لأن هذا يسبب التجاعيد والشيخوخة.

-  ما علاقة وأهمية الغذاء للحامل؟
لابد أن تهتم الحامل بغذائها جيدًا، لأن هذه الفترة يعتمد الجنين على غذاء الأم لنموه.

ويجب أن نعي أن الطفل بحاجة إلى ٢٠٠ سعر حراري يوميًا زيادة عن احتياجات الأم، وخلال فترة الرضاعة تصل إلى ٣٠٠ سعر حراري، وبالتالي على الأم أن تلتزم ببرنامج غذائي يوفر لها ولجنينها ما يحتاجه، خاصة كل أنواع البروتينات؛ حيث يحتاج الجسم للحديد لإرتفاع نسبة تكوين الكريات الحمراء في الدم، كما يجب تناول الأطعمة التي بها نسبة كالسيوم عالية لتفادي النقص في الكالسيوم.

-  وماذا عن ممارسة الرياضة؟
الرياضة مهمة جدًا لصحة القلب ولبناء العضلات، ومن الضروري ممارستها يوميًا، فالرياضة تحافظ على صحة الإنسان، فالمشي يوميًا ١٠٠٠٠خطوه وممارسة رياضة حمل الأثقال ٣ مرات أسبوعيًا ضروري للمحافظة على الوزن وصحة القلب والعضلات.

وتساهم الرياضة بنسبة 20% في نجاح أية حمية نمارسها لفقدان الوزن الزائد، ولابد أن يكون البرنامج الرياضي مدروسًا، ويناسب عمر الشخص والحالة الصحية.

- كثير منا يعاني من «الكرش».. ما هو العلاج من وجهة نظركم؟
تقوية عضلة البطن مهمة جدًا لعدم تراكم الدهون عليها، فممارسة الرياضة كالمشي وتمارين تقوية الجذع مهم لبناء عضلات البطن، مع الالتزام ببرنامج غذائي به كمية الكربوهيدرات قليلة، مع تحقيق التوازن الهرموني، وذلك بالتحكم في هرمون التوتر(الكورتيزول) الذي يؤدي ارتفاعه لعدم التحكم في أكلنا، ويؤدي إلى تراكم الدهون في منطقة البطن.
-  هل لغذائنا علاقة بالحالة المزاجية والنفسية؟
بالتأكيد؛ لكل منا توجد أكلات مريحة ومبهجة، فكل منا يشعر مع كل وجبة إما بالخمول أو النشاط، وهناك أكلات ترفع هرمونات السعادة «الدوبامين والناقل العصبي السيرتونين والاوكسيتوسين وأخيرًا الاندروفين»، مثل الموز والشوكولاته السوداء و السلمون والأفوكادو والشوفان والبطيخ وغيرها.

كما يجب الحرص بقدر الإمكان على تناول الوجبات مع الأسرة ما يضفى نوع من المتعة والسعادة التي تنعكس على الجميع.

اقرأ أيضًا: حوار| «هند الزاهد»: قلة رواتب المرأة عن الرجل یعني وجود ممارسات خاطئة وغیر مقبولة