الروائية السعودية نور عبد المجيد: ثنائية "أنا شهيرة.. أنا الخائن" تُعلّم فن الإصغاء للأخر

تكتب الروائية السعودية نور عبد المجيد؛ ليس من أجل مشروع تريد إتمامه، وإنما، وربما هذا ما يميزها، من أجل فكرة تقض مضجعها، وإحساس يلح عليها؛ لذا فعندما تقرأ لها تدرك أن هذه الكاتبة عاشت ما تكتب، وجربت ما تقول، فالتجربة معين الفكر.

وتؤمن عبد المجيد بالتناقض الكامن في بنية الإنسان النفسية، وتتعامل مع ذلك بأريحية شديدة؛ لذا فهي ليست من أصحاب خطاب الـ "يبنغي" والـ "يجب"، وإنما  تدرك تمامًا أن للإنسان مطالب ومرغوبات تتنازعه، وهي لا تفعل حيال هذا سوى العمل على إبرازه، ربما لتجعلنا أكثر حنوًا وتعاطفًا وتقبلًا لتناقضاتنا ونوازعنا.

"الجوهرة" حاورت عبد المجيد صاحبة ثنائية " أنا شهيرة..أنا خائن" التي حُولت مؤخرا لعمل درامي وحقق نجاحا يضاهي العمل الروائي الذي صدر قبل خمس سنوات.

* لنبدأ بثنائية "أنا شهيرة.. أنا خائن" التي حُولت مؤخرًا إلى عمل درامي..أنت من كتبت السيناريو والحوار للمسلسل، حديثنا عن هذه التجربة الجديدة على قلمك؟

تجربة رائعة ومرهقة ومؤلمة لكن يكفيني أنها جمعتني بشخوص روايتي من جديد. التقيتهم وأضفت أشياء بحكم الخبرة والعمر.. علمت وتعلمت أن الرواية عالمي الخاص لكن الدراما عالم فيه أصابع أخرى تحذف وتضيف بإرادتي أحيانا ورغما عنها أحيان أخرى.

* من وجهة نظرك هل تحويل العمل الأدبي لعمل سينمائي أو درامي يخصم من رصيده أم يمنحه الرواج؟

للدراما والسينما جمهورهما وتأثيرهما الكبير إن نُفذت الأعمال الدرامية والسينمائية بعين واعية وإمكانيات ملائمة.

*هل تمثل "أنا شهيرة" و"أنا الخائن" شيزوفرينيا الشخوص أم إيمان بالتناقض الإنساني الكامن في بنية الإنسان النفسية؟

تمثلان وجهتا نظر لقصة واحدة وصرخة للعقل ليتعلم فن الإصغاء إلى طرفين ونداء إلى القلب ليتعاطف مع طرفين عوضًا عن التعصب مع طرف دون حتى منح الفرصة للأخر ليقول كلمته.

*في هذا الثنائية عملت على إبراز الجانب المظلم في النفس البشرية، فهل قصدت استعادة مشروع غوستاف لوبون الذي نقّب في أغوار النفس البشرية كثيرا؟

هذا الفرنسي الرائع أذكر أنه قال ذات مرة "إذا كان كل ما لا يدركه العقل معجزة فحياة كل إنسان معجزة كبيرة". أؤمن أن حياة كل منا قصة كبيرة ومعجزة حقيقية وأنها إن حكيت بشكل أدبي نخرج منها بما قد لا نتعلمه من دروس الدنيا فقط إن قدمناها بصدق وعدل وحب.. إن دخلنا قليلًا إلى أرواح شخوصها وعرضنا ما يدور فيها وتعرضنا لأوجاعهم لربما كفينا أنفسنا وآخرين شرور الآلام والتجارب التي لا داعي لها.

*يظهر حنق الكاتبات على الرجال في أعمالهن الروائية، هل نور عبد المجيد من الحانقات؟ وهل تعتقدين أن هناك موضوعية في الكتابة النسوية عمومًا الفلسفية والأدبية؟

أبدًا .. متى كانت التساؤلات حنق؟ ومتى كان البحث عن أرض سلام وهدوء ضربًا من الغضب!. نور كاتبة تحمل فكرة ومهمومة بقضية وتتوجع برسالة تكتمل لتكتبها وتعرضها وللقارئ الحكم .

أما بالنسبة لموضوعية الكتابة؛ فالكتابة أدب وفلسفة ورؤية.. إن استحق من يمسك بالقلم أن يطلق عليه القاريء "كاتب"، عندها لا فارق إن كان رجل أو امرأة، القلم هوية قائمة بذاتها.

*في رواية "رغم الفراق" لاحظت ثنائيات جديدة "الحب والفراق"، "الحنان والقسوة "، "العقل والمشاعر ".. هل هذا هو مشروع نور عبد المجيد الذي تكتب من أجله؟

لا أكتب من منطلق مشروع  أو من أجل مشروع؛ فأنا أكتب من أجل فكرة أؤمن بها أو إحساس أصدقه وبصدق أكتبه ولهذا أظنه يصل ويُصدَّق.

* أي حرمان كبير ذاك الذي تعانيه النساء في مجتمعاتنا العربية؟

أن ننسى النظر إليها كامرأة.. نندهش إن نجحت ونلومها إن أخفقت..أن نراها إنسان له كما عليه.

*الأم في أعمال نور عبد المجيد ركيزة أساسية في التحولات الدرامية للشخصيات. لماذا وهل الأم تمثل رمزية لشيء معين؟

الأم هي من تمنحك إنسان يعمر الأرض أو يعيث فيها الفساد. أذكر أني في إحدى الروايات كتبت أن الأم جنس ثالث لا هي أنثى ولا هو ذكر. تتحول الأنثى إلى جنس ثالث اسمه الأم، ولكن يبقى الأب في رواياتي جميعها ركيزة أخرى. لو كان أحدهما أقل أهمية من الآخر لجعل الله لنا أم أو أب لكنه جعل الأسرة بوالدين اثنين لأن الموازين تعتدل بهما معًا إن كانا على علم ودراية بخطورة دورهما.

*هل تعتمدين على الخيال فحسب في كتاباتك، أم أن أعمالك مستقاة من الواقع؟

كل رواياتي جدلت الواقع فيها بالخيال. لا رواية تخلو من حقيقة أو تقتصر على الخيال. جميعها بعضا مني ومن روحي وقلبي وخيالي.

*في السنوات الأخيرة ظهرت أسماء روائيات سعوديات ونجحن في الوصول إلى القراء. تفسيرك لذلك؟

في كل مكان هناك أقلام تثبت وجودها وتحقق نجاحًا.. أمر لا تفسير له سوى أنها موهبة يضعها الله في من أراد له ذلك وحين تكتمل نقرأ له وتصلنا كلماته ويذيع صيتها، والمملكة العربية السعودية تشجع إبراز دور المرأة وهو أمر رائع في حد ذاته.

*ما هي المشاريع الأدبية المقبلة لنور عبد المجيد؟

أنا الآن أتابع نجاح ثنائية أنا شهيرة أنا الخائن.أستمع إلى النقد وأتعلم. أقرأ في كتاب أجلت القراءة فيه، وأستعد لإكمال رواية كنت قد هجرتها زمنا.