الدورات الإلزامية قبل الزواج.. هل تُخفض معدلات الطلاق بالأردن؟

لا يدرك معظم الأزواج أن الاستعداد الجيد والتحلي ببعض المهارات الأساسية قبل الزواج من شأنها خفض نسبة الطلاق بنحو 30%، بل يؤديان إلى زواج أكثر سعادة، فيما أظهرت الأبحاث أن هناك دائمًا فرصة سانحة خلال العام الذي يسبق الزفاف؛ ليحصل الأزواج على دورات تأهيلية استعدادًا للزواج.

وهذا ما دفع دائرة قاضي القضاة في الأردن إلى الإعلان عن عقد دورات إلزامية لإعداد المقبلين على الزواج، وأوضح أشرف العمري؛ المتحدث باسم رئيس القضاة ومستشار رئيس المحكمة الإسلامية، أن الأمر سيقتصر على برنامج ليوم واحد، يتم من خلاله تغطية القضايا الرئيسية في الحياة الزوجية.

هذا القرار جاء بعد الأرقام المخيفة التي تضمنتها الإحصائيات حول حالات الطلاق في الأردن، خاصة بالنسبة للزيجات التي لم تستمر لأكثر من عام؛ حيث كشف العمري؛ عن أنه "يتم إصدار 80 ألف عقد زواج سنويًا في الأردن، بينما يتم تسجيل ما يقرب من 21 ألف حالة طلاق كل عام"، مؤكدًا أن المقبلين على الزواج يجب أن يدركوا كيف يديرون حياتهم بالطريقة الصحيحة قبل الخوض في هذا الزواج.

ولفت إلى أن المشاركة في هذه الدورات ستكون اختيارية، ولن تشكل الشهادات الممنوحة في نهاية البرنامج شرطًا إلزاميًا لاستكمال الزواج، ولكن لاحقًا قد تكون هذه الشهادة ضمن الأوراق الرسمية المطلوبة لإتمام الزواج.

وبدا هذا الإعلان مثيرًا للجدل في البداية، ولكنه في الحقيقة يأتي كخطوة فعالة لمواجهة ارتفاع نسب الطلاق في الأردن؛ حيث أشارت إحصائيات دائرة العدل العليا لعام 2017، إلى أن إجمالي حالات الطلاق المسجلة في الأردن لعام 2017 -بغض النظر عن سنة الزواج- كانت حوالي 26 ألف حالة، في حين بلغت في عام 2016 حوالي 12 ألف حالة.

وتبدو هذه الدورات كذلك حلاً فعالاً لانخفاض أعداد الزيجات؛ حيث صرح الشيخ عبد الكريم الخصاونة؛ قاضي القضاة، بأن هناك انخفاضًا كبيرًا في عقود الزواج المسجلة في الأردن خلال عام 2018 مقارنة مع عامي 2016 و2017، موضحًا أن المؤشر الإحصائي يشير إلى انخفاض بمعدل 20 عقدًا يوميًا مقارنة بعام 2017، و30 عقدًا يوميًا مقارنة بعام 2016.

وأشار حسين خزاعي؛ أستاذ علم الاجتماع في جامعة الأردن، إلى أن هذا الانخفاض يُعزى إلى أن "عدم معرفة المعنى الحقيقي للزواج بين الشباب يجعل فكرة الزواج مشكلة وليس حلاً"، موضحًا أن إحصائيات دائرة القضاء العليا تشير إلى انخفاض عدد الزيجات لحوالي 78 ألف حالة في عام 2017 مقابل 81 ألف حالة في عام 2018، موضحًا أن هناك حوالي 150 ألف رجل فوق سن 30 و100 ألف امرأة فوق سن 27 غير متزوجين.

ويتطلب الزواج أن يتمتع الأزواج بقدرات قوية جدًا في التواصل وحل المشكلات، لأنه بدون هذا الأساس، من السهل أن يشعروا بالإرهاق والضغوط؛ ما يجعل المشكلات تتطور بسهولة أكبر مما يدرك معظم الأزواج.

وتقول عبير أبو شاكر؛ المستشارة النفسية والتربوية، إن هناك حاجة إلى مثل هذه البرامج، ليس فقط للأزواج الذين يخططون للزواج، ولكن أيضًا لجميع الشباب والشابات؛ لأنهم يجب أن يكونوا على دراية بمثل هذه الأشياء حتى قبل اختيار شريكهم في المستقبل.

وتشجع عبير؛ على الحصول على مثل هذه الدورات، بل تمديد مدة البرنامج، موضحة أن بضع ساعات قد لا تكون كافية لتغطية جميع القضايا التي تحتاج إلى تغطيتها.

وكانت دائرة قاضي القضاة أعلنت استهداف فئة عمرية معينة للمساهمة في بناء أسرة سليمة، في الوقت الذي أشارت فيه الإحصائيات إلى تسجيل 223 عقد زواج يوميًا، من بينها 30 حالة زواج مبكر، وأن 21% من المطلقين الذكور و51% من المطلقات الإناث، خلال عام 2016، لم تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين.

وترى الدكتورة فادية الإبراهيم؛ الباحثة في علم الاجتماع، أن الأعداد الكبيرة لحالات الطلاق التي تتبع حالات الزواج المبكر، تأتي نتيجة عدم تحقق شروط الزواج الناجح، مشيرة إلى أن الحل يكمن في سن قوانين صارمة تتعلق بالحد الأدنى للسن القانونية للزواج، بالإضافة إلى برامج توعية أفراد المجتمع حول المشاكل والآثار المترتبة على الزواج المبكر.