الإعلامية ياسمين العيساوي: الظواهر السلبية في مجتمعاتنا العربية سببها مشكلة "الانفصام الاجتماعي" وليست مواقع التواصل

ـ ما نراه اليوم في المملكة من إنجازات بإشراف الملك وولي العهد نجاح يُسطره التاريخ إلى الأبد

ـ المرأة في الوطن العربي تتقدم بخطى ثابتة نحو مزيد من الحقوق.. والسعوديات استطعنا النجاح رغم التحديات

ـ هناك غياب للهوية الإعلامية في إعلامنا وتحولنا إلى ناسخين للأصول الأمريكية والأوروبية

 

حوار: مجدي صادق

 

هي عاشقة لصاحبة الجلالة؛ حيث عملت في العديد من الصحف الخليجية، كما عملت بالمكتب الإعلامي لحكومة الفجيرة في الإمارات، ولديها خبرة أكثر من 9 سنوات في مجال الصحافة والإعلام التلفزيوني وإدارة مواقع التواصل الاجتماعي وصناعة المحتوى. خريجة جامعة عبد المالك السعدي عام 2013، وحصلت على دبلوم تخصص علم اجتماع بتقدير امتياز وكذلك دبلوم صحافة واعلام.

وفى حوارها لـ"الجوهرة"، أكدت الإعلامية مغربية الأصل "ياسمين العيساوي"، على غياب الهوية العربية في المحتوى الإعلامي العربي، وأشادت بالخطوات التي اتخذتها المملكة تجاه المرأة السعودية وفقًا لرؤية 2030.

ماذا تمثل الكتابة لكِ؟

رغم اعتزازي بكل تجربة أو تخصص خضته، إلا أن لقب الكاتبة هو الأقرب لقلبي، ربما لأنه حلم راودني منذ الطفولة، أو ذلك الاهتمام الزائد بالكتب التي كنت أحملها لأقرأ سيرة كاتبها وأتأمل صورته وكنت أتمنى أن أرى صورتي يومًا خلف كِتاب. أشعر دائمًا بأن الكتاب هو ذلك المؤنس الذي يرافقك بصمت ودون تكلف، ولطالما أحببت هذا الأمر والحمد لله بدأت بممارسته.

كيف ترين "المحتوى العربي" فى الإعلام العربي، خاصة أنكِ صانعة محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي؟

رغم كل المجهودات التي تقدمها وسائل الإعلام العربية، إلا أنني أرى غيابًا للهوية العربية، فللأسف تحولنا إلى ناسخين مع تغيير اللغة، سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو الحديثة؛ حيث نجد غالبًا فكرة بأصول أمريكية أو أوروبية، مع إضافة بعض البهارات العربية.

وهذا الأمر لا يقتصر على الإعلام، بل حتى في مجالات الدراما والسينما أصبحنا نقدم أعمالًا بدون هوية، وكأن حضارة العرب الممتدة لمئات السنين جفت ولم تعد تَلِدُ إبداعًا.

 

هل ترين أن وظائف الإعلامي التقليدي تغيرت مع دخولنا عصر الثورة الصناعية الرابعة؟ وهل ذلك في صالح الإعلام العربي؟

منذ سنة أولى إعلام في الجامعة كنت أقول إن الإعلام التقليدي في طريقه للانقراض؛ إذ كنت وقتها أول طالبة تملك حسابًا على منصة "تويتر" الذي كان يستغربها البعض، فكيف سنختصر خبرًا في تغريدة؟.

ومع مرور الوقت، أرى أن توقعاتي تصيب الحقيقة، فاليوم الصحفي لم يعد أداة لنقل الخبر الذي أصبح في متناول الجميع بفضل وسائل التواصل، وُنُزِعت من الإعلام صفة "توجيه الرأي العام"، وأصبحنا مُطالبين بما هو أكبر، مثل: كشف تزييف الحقائق، الإبداع لأجل جذب المُتلقي، تبسيط المعلومة ليتفاعل معك الجمهور، وأمور أخرى عديدة.

والحقيقة، الإعلام العربي حتى الآن لم يواكب التطور وما زال يُكابِر، بل هناك من يرى في الإعلام الجديد "بِدعة"، لكن مرور الوقت سيخضعون للأمر الواقع.

ياسمين العيساوي

لما اخترتِ هذا المجال الأدبي بكتابك الأول "بعض مني وكلك"؟ وهل يختلف إبداع المرأة عن الرجل؟

"بعض مني وكلك" كِتاب يحمل مجموعة تجارب إنسانية، تطغى عليها الصبغة الأنثوية؛ كونه يتطرق لمواضيع تواجه المرأة في مجتمعاتنا العربية، المجتمعات التي تقف في منتصف الطريق حائرة، غير قادرة أن تستمر في الولاء التام للعادات والتقاليد، وفي الوقت نفسه غير مستعدة لمواكبة تطورات العصر. والمرأة أكثر المتضررين من هذا الانفصام، الذي يُعرِّضها لتلقي الأحكام بشكل مستمر ومواجهة الصعوبات.

أما اسم الكتاب، فهو تفسير مباشر لما بداخله من محتوى، بما أن العمل يضم بعضًا من تجاربي الشخصية في الحياة، وبه من تجارب أشخاص آخرين عرفتهم، فـ "بعض مني" تعني جزءًا من تجاربي، و"كلك" تجارب قد يجد فيها القارئ نفسه.

إبداع المرأة تطغى عليه المشاعر؛ كونها عاطفية بطبعها، فهي قادرة على ملامسة جزء المشاعر أكثر من غيرها.

 

كيف ترين صورة المرأة العربية في ظل وجود مواقع التواصل؟ وهل تختلف المرأة بالمغرب عنها بالإمارات والسعودية؟

المرأة العربية مُبدعة ومكافحة منذ زمن بعيد، يكفي أنها استطاعت أن تنجح وتحقق الكثير في ظل مجتمعات تطغى عليها الذكورية، وما يميز العربيات أنهن ينجحن رغم السلطة الأبوية والمجتمعية والتقاليد والعادات، وأظن أن نجاحها مُضاعف عن غيرها مقارنة بما تواجهه.

أما فيما يخص مواقع التواصل وغيرها فهي ساحات لإبراز الإبداع والأخلاق في وقت واحد، ولا فرق بين رجل وامرأة فيها، فما تقترفه باسمك الحقيقي أو باسم مستعار ما هو إلا نتاج لمعرفتك وتربيتك.

المرأة في الوطن العربي تتقدم بخطى ثابتة نحو مزيد من الحقوق، وأظن أنها في المغرب تقدمت ببعض الخطوات المحسوبة، وخاصّة فيما يخص التشريعات والقوانين، وقد جاءت "مدونة الأسرة" لتمكنها مجتمعيًا، كذلك قانون "إعطاء الجنسية لأبناء المواطنات" جاء ليؤكد تمكين وطنيتها.

 

ما رأيكِ في حصول المرأة السعودية على الكثير من الحقوق وفقًا لرؤية 2030؟ وماذا تتمنين أكثر لها؟

ما نراه اليوم في المملكة العربية السعودية من إنجازات، بإشراف الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان؛ هو نجاح رائع سوف يُسطره التاريخ إلى الأبد؛ كونه نهضة ثقافية ومجتمعية عظيمة.

أما المرأة السعودية، فشهادتي بها مجروحة، بالإضافة إلى أنها من أجمل النساء العربيات، فهي تتمتع بإقبال كبير على العلم والثقافة، وهي فعلًا من تستحق لقب "المرأة القوية المثابرة"؛ إذ استطاعت أن تخوض مسيرة النجاح والتحصيل رغم كل ما واجهته من تحديات. هنا يكمن الإصرار والتميز والتفوق والنجاح رغم الصعوبات.

 

هل تُعد مواقع التواصل الاجتماعي المسؤولة عن ارتفاع معدلات الطلاق؟ وكيف نحمي أسرنا من نيران تلك المواقع؟

المشكلة ليست في مواقع التواصل الاجتماعي بقدر ما هي مشكلة "الانفصام الاجتماعي" الذي سبق وأشرت له سابقًا، هناك ازدواجية كبيرة تحدث الآن، الجيل الحالي نشأ على العادات والتقاليد وفجأة ظهرت مواقع التواصل لتزين له الوجه الآخر الذي لا يعرفه، فأصبح لا يُفرق بين ما يعيشه وما يراه.

ونحن في حاجة ماسة لمراقبة ومساندة الجيل الناشئ، مسؤولية الأمهات والآباء أصبحت أكبر بكثير من قبل، فالتربية الوسطية المعتدلة أصبحت واجبة؛ لننشئ أبناء ناجحين وقادرين على التكيف مع متغيرات الحياة.

 

انتشرت ظواهر في مجتمعاتنا العربية مثل التنمر والتحرش والعنف فهل هي من آثار مواقع التواصل الاجتماعي؟

بل هي من آثار النشأة والتربية الخاطئة.. كلي يقين بأن الشخص ما هو إلا مرآة عاكسة لتربيته، فإذا نشأت في بيئة تعلمك احترام الآخر رغم اختلافه وتقبلت من لا يشبهك، وتحليت بالثقة بالنفس والحفاظ على مبادئك صدقني لن نرى متحرشًا ولا متنمرًا.

 

هل تعتقدين أن المرأة العربية استطاعت تحقيق المزيد من الحرية المسؤولة في ظل مجتمع شرقي ذكوري؟

هي فعلًا تمشي بخطوات ثابتة نحو ذلك، وقطعت مسافة طويلة تُحسب لها وعملها ومثابرتها، ولكنها ما زالت في حاجة إلى حقوق تحميها وتنصفها، هي في حاجة للحقوق أكثر من الحريات.

مجتمعاتنا العربية لا يزال بها نساء معنّفات، وجرائم تُرتكب ضد القاصرات، وغير ذلك، المرأة بحاجة للحق أكثر من الحرية.

 

ماذا تتمنين في حياتك القادمة؟ وماذا لديكِ من إبداعات؟ ومنْ الأدباء العالميين الأقرب إلى قلبك؟

أتمنى الاستمرار في المجال الأدبي دون توقف، وأعمل على إصدار رواية قريبًا، وأسعى لتطوير مهاراتي مع إمكانية خوض مجال الكتابة الدرامية أو السينمائية؛ لأني استمتع بذلك وامتهن النقد الفني.

أستمتع بالاطلاع على كل أنواع الأدب، ودائمًا ما يجذبني الموضوع أكثر من الشخص أو الكاتب؛ لأني على ثقة تامة بأنه ليس هناك أي مبدع بعيد عن الإخفاق، أحب الأدب الياباني لما فيه من صور جمالية، كذلك الأدب الروسي به من التاريخ ما يُذهل، كذلك الأدب المغربي الذي لم ينتشر في المشرق بالقدر الذي يستحقه ولكنه رائع.

 

اقرأ أيضًا: الإعلامية والأديبة المغربية «تورية لغريب»: أتوقع مزيدًا من الازدهار للمرأة السعودية وفقًا لرؤية 2030