استرخاء وسلام داخلي.. هل يُغني التأمُّل الفكري عن اليوجا؟

غالبًا ما نمرُّ بضغوط في حياتنا اليوميَّة، أو العمليَّة، ما يؤثر سلبًا في حالتنا النفسية، وللتخفيف من حِدَّة هذه الضغوطات النفسيَّة، كان لا بُدَّ من اللجوء لبعض التقنيات، التي بدورها تُقلّل من تلك الضغوط والهموم، وتُشعرنا بالارتياح.

التأمُّل الفكري و اليوجا

ومن هذه الفنيَّات؛ التأمُّل أو (meditation)، والذي يخفف الاستمرار في ممارسته من الضغوط، كما أنَّه بالإمكان التخلُّص منها.

من خلال الاستمرار والمداومة عليه، لمدَّة من الزمن، تتراوح ما بين أسبوع و٢١ يومًا، وأثبتت الدراسات أنَّه لتغيير عادة معيَّنة، أو سلوك معيَّن، لا بُدَّ من الاستمرار على عمليَّة التغيير لمدَّة تتراوح بين ٧-٢١ يومًا.

لذلك التقينا مع لايف كوتش سحر فيدة؛ ماجستير إرشاد نفسي، لتوضِّح لنا ما هو التأمُّل الفكري، وخطواته، وكيف له أن يكون سببًا لتخفيف الضغوط والتوتر.

لايف كوتش سحر فيدة
قالت سحر؛ إن التأمل هو عبارة عن وسيلة يتم فيها التركيز على صفاء الذهن من كل معيقات التفكير والأفكار السلبية.

وأكدت أن التأمُّل يعتمد على مهارات الاسترخاء العميق، والتي تبدأ بالتدريج؛ ليصل الشخص في النهاية لقوَّة تركيز عالية، يستطيع من خلالها التحكُّم في عقله اللاواعي، وتغيير معتقداته وأفكاره.

كما يتمُّ فيه الانفصال عن العالم المحيط، والوصول لمرحلة عميقة، تتعدَّى اللحظة الحاليَّة التي يكون فيها، ولكن لا يتمّ ذلك إلاَّ في مراحل متقدِّمة من ممارسة التأمُّل، وتحتاج إلى تركيز عالِ ووقتٍ طويلٍ.

وأوضحت الخطوات التي نصل بها للتأمُّل المرجو، وهي:
_ تتمُّ آليَّة التأمُّل بالبدء بأخذ ثلاثة أنفاس عميقة أو أكثر، حسب ما يتحمَّل الشخص، ويكون بأخذ شهيق طويل، وإطلاق زفير طويل، بالعدِّ من ٤، ثم ٥، ثم ٧، مع كلِّ عمليَّة شهيق أو زفير.

وقد يواجه الشخص صعوبة في التنفس، وقليلاً من الدُّوار أو الصداع في البداية، خاصة الشخص العصبيّ، وغير الهادئ، وغير المعتاد على التأمُّل.

ولكن مع الوقت يعتاد على أخذ الأنفاس العميقة بهدوء واسترخاء؛ ليصل إلى مرحلة يشعر فيها بالراحة والسكينة، ثم يبدأ بمراقبة أنفاسه العاديَّة دون التحكُّم بها.

_ يبدأ بالتركيز على تهدئة عقله تدريجيًّا، مع الاستماع لموسيقى معيَّنة تخاطب مناطق التركيز في الدماغ، أو من الممكن الاستماع لبعض التلاوات القرآنيَّة المريحة للأعصاب، أو الابتهالات الهادئة، أو أصوات الطبيعة، كصوت البحر، أو الشلالات، أو العصافير.

فالهدف هنا هو تصميت العقل، و إفراغه من جميع ما يشغله من أفكار مع التركيز.

_ بإمكان الشخص أخذ الوضعيَّة المريحة والمناسبة له، سواء بالاستلقاء على ظهره بدون أن ينام، أو بالجلوس مع إبقاء الظهر مستقيمًا دون التحكُّم فيه بالشدِّ.

ولا بُدَّ من اختيار مكانٍ هادئ وبعيد عن الضوضاء، والإزعاج، والمقاطعات، خاصة الهواتف النقَّالة، فمن المهم إرخاء جميع العضلات بهدوء؛ حتى يصل إلى التركيز المطلوب.

_ يمكن في البداية وضع الإصبع على النقطة التي بين العينين، وهي ما يُطلق عليها منطقة التركيز، أو العين الثالثة؛ حيث مكان البصيرة، التي مع قوَّة التأمُّل تبدأ بالفتح.

ويبدأ الشخص برؤية بعض التخيُّلات المريحة، ولكن ليس بالضرورة فعل ذلك.

وحول تاريخ التأمُّل وكيف وصل إلينا، قالت سحر فيدة؛ إن التأمُّل كان أمرًا مهمًّا منذ القدم، فقد كان الأنبياء والرسل يمارسونه للتأمُّل في مخلوقات الله، والتوصُّل إلى السلام الداخلي، والهدوء النفسي؛ لتلقي الإلهام الإلهي.

وكذلك أداء الصلوات المفروضة -بخشوع وهدوء- هو نوعٌ من التأمُّل، حيث يتَّصل الإنسان بربه، ويركِّز على أقواله، وأفعاله بإرادته.

وأشارت إلى أن التأمُّل يساعد في:

  • التخلُّص من الأفكار السلبيَّة، والوصول إلى الهدوء النفسي، والسلام الداخلي.
  • التخلُّص من المعتقدات التي خزَّنها العقل اللاواعي في الباطن.
  • المساعدة على الهدوء والاسترخاء التام.
  • رفع نسبة التركيز.
  • التخلُّص من الغضب والخوف، وغيرهما من المشاعر المنخفضة.
  • اتِّخاذ القرارات السليمة، وتنظيم الأفكار.
  • التعوُّد على الإنصات والصمت الداخلي؛ ما يصل بنا إلى السكينة والاطمئنان.
  • الاتّصال بالكون الواسع، والعودة إلى الفطرة السليمة والصحيحة، والتواصل مع الخالق -عزَّ وجلَّ-.
ولفتت إلى الفرق بين التأمُّل واليوجا، قائلة إنه مع تطوُّر مفهوم التأمُّل وأدواته، تمَّ دمجه مع ما يُسمَّى بـ(اليوجا) أو تمارين تمدُّد العضلات.

مما يساعد على تمدُّد العضلات واسترخائها، وبالتالي الوصول إلى الراحة البدنيَّة، والصحَّة النفسيَّة.

اليوجا
وتختلف اليوجا عن الميديتيشن، بأنَّها تعتمد على الحركات الرياضيَّة التي يتمّ فيها -كذلك- التركيز على عضلات معيَّنة؛ من أجل راحتها.

واليوجا لها عدَّة أنواع، وطريقة معيَّنة في ممارستها، ومدارس لتعليمها، أمَّا التأمُّل فبإمكان أيِّ شخص أن يمارسه بصورته المبسطة.

ولكن مع البقاء في مكانٍ واحدٍ مريحٍ، والاستماع إلى موسيقى هادئة، والتركيز على تغيير الأفكار والمعتقدات.

تمارين منزلية.. تخلصي من الاكتئاب والتوتر بـ”اليوجا”