أسرتي سر سعادتي

الأسرة مدرسة للتربية والأخلاق، وصلاحها يعني صلاح الأجيال وتقدمها وازدهارها، وفسادها يعني فساد المجتمع بأكمله، لذلك جاء تأكيد أهميتها في جميع الشرائع السماوية، وخصوصًا الإسلام، الذي جعل رباط الأسرة مقدسًا، مبنيًا على العدل بين أفرادها، وقائمًا على الحب والتفاهم وتوزيع الأدوار كما ينبغي.

الأسرة هي الانتماء الأول للإنسان وهي أساس وجوده وهي الملجأ الدافئ والحضن الحنون له، الأسرة هي المكان الدافئ الذي يلجأ إليه الشخص حينما يتعب أو يغرق في بحر الدنيا، ولا يوجد أجمل من جو الأسرة حين يجلسون مع بعضهم البعض ويتحدثون ويمرحون، ولا تكتمل الأسرة إلا بوجود الوالدين.

الأسرة هي أساس المجتمع إذا صلحت، صلح المجتمع بأسره، وفي ظل المتغيرات المتلاحقة التي طرأت على مجتمعاتنا، وانشغال البعض منا في الكثير من الأمور الحياتية التي جعلت الأسرة تكاد لا تلتقي أو تجتمع مع بعضها البعض وهي داخل المنزل الواحد إلا في فترات متباعدة، رغم أن ديننا الحنيف يحثنا ورسولنا الكريم يوصينا بصلة الرحم، ولا ترتبط صلة الرحم بشهر رمضان فقط الذي يتضاعف فيه الأجر وإنما في سائر الأوقات والأزمان، لكن ما يحدث حاليًا غير ذلك نهائيًا وأصبحنا بعيدين عن بعضنا البعض داخل منازلنا مع أولادنا وأسرتنا، كما أن ظروف الحياة وتسارعها أصبحت تلهينا عن التقارب والتناقش مع أفراد أسرتنا وأصبح الكل تشغله الحياة، وهنا يكمن دور الأسرة في النصح والإرشاد وإعادة الأسرة إلى نصابها كما كان يحدث سابقًا، وربما لا يزال البعض يحرص على ذلك من أجل جعل الأسرة مترابطة ومتماسكة، وبسبب ذلك الانشغال وعدم المتابعة الأبوية للأبناء ومراقبة تصرفاتهم وسلوكياتهم، بدأت تظهر بعض السلبيات بل ظهرت مؤشرات خطيرة كتناول المخدرات مثلاً، وهذا كله يعود في المقام الأول إلى الأسرة، ولا يمكن أن نلقي باللوم على المجتمع لوحده، ولو كانت هناك مراقبة ومتابعة وجلسات مصارحة ومناقشة بين الأسرة بأكملها وتكون الصراحة والشفافية حاضرة وكذلك النقاش الهادف وطرح وجهات النظر بين الأسرة لوجدنا تلك الأسرة متماسكة ومترابطة، ولذلك من الضروري أن تعود الهيبة للأسرة من جديد وأن نُعوّد أبناءنا على صلة الأرحام وأحترام الكبير والصغير وأن نكون مصلحين في مجتمعنا.

ولا يمكن أن نجعل المجتمع المتهم الأول في التفكك الأسري، بل إن إصلاح المجتمع يبدأ من الأسرة ذاتها لأنها هي النواة، وأصبح من الضروريات أن تبدأ بعض البرامج الإعلامية وغيرها نبش كيان الأسرة وأن تعالج بعض السلبيات وأن تبرز الإيجابيات حتى تعود الهيبة للأسرة، ولا يمكن البكاء على ما فات في كيفية تربية الأبناء ومراقبتهم لأن هناك أمورًا اختلفت عن السابق، وأصبح الطفل إذا قلت له كلمة يرد عليك بسيل من الكلمات وربما يتكلم عن حقوقه وواجباته التي يجب أن يحصل عليها، فغاب احترام الكبير من البعض بسبب التمدن والتطور، لذا يجب أن تعود هيبة الأسرة وأن تبقى هي النواة التي تخرج منها البذرة الصالحة لبناء المجتمع، وعلى المجتمع أن ينبذ بعض التصرفات التي تسيء إليه كمجتمع متماسك، لتكون دائمًا أسرتي سر سعادتي.

فاطمة عبد الله الدربي