يشهد قطاع السياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية تحولًا جذريًا تقوده تطلعات جيل جديد، هو جيل الألفية والجيل زد. فقد كشف تقرير بحثي حديث صادر عن مجموعة فنادق ومنتجعات ويندام، بالتعاون مع مؤسسة YouGov المتخصصة في أبحاث السوق، عن دور محوري يلعبه هؤلاء الشباب في إعادة صياغة ملامح السياحة الداخلية، مدفوعين بشغف عميق لاكتشاف الثقافة المحلية، والتفاعل الرقمي المتزايد، والحرص على تبني ممارسات مستدامة في خيارات سفرهم. نرصد في هذا التقرير النتائج.
تظهر نتائج البحث أن أكثر من نصف السعوديين من جيل زد (54%) قاموا برحلات سياحية داخلية خلال الأشهر الستة الماضية، بينما يعتزم 29% منهم الاستمرار في استكشاف كنوز الوطن مستقبلًا. كما تؤكد هذه الأرقام أن السفر لم يعد مجرد رفاهية مؤقتة بالنسبة للشباب السعودي، بل تحول إلى جزء أصيل من نمط حياتهم اليومية، وهو ما يتماشى بوضوح مع أهداف رؤية المملكة 2030 الطموحة، التي تسعى إلى رفع عدد الرحلات السياحية الداخلية إلى 55 مليون رحلة سنويًا بحلول عام 2030، وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10%.
المؤشر | النسبة (%) |
---|---|
نسبة جيل زد الذين قاموا برحلات داخلية (آخر 6 أشهر) | 54% |
نسبة جيل زد الذين يخططون للسفر الداخلي مستقبلًا | 29% |
هدف رؤية 2030 لعدد الرحلات السياحية الداخلية سنويًا | 55 مليون |
هدف رؤية 2030 لمساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي | 10% |
“ويندام” تفخر بدعم شغف جيل زد بالسياحة الداخلية المستدامة
وعلق ديميتريس مانيكيس؛ رئيس فنادق ومنتجعات ويندام في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، على هذه النتائج قائلًا: “إن الإقبال الكبير من جيل زد على السياحة الداخلية يمثل تحولًا حقيقيًا، ويعكس اعتزازهم بوطنهم ورغبتهم الصادقة في التعمق في ثقافتهم، والمساهمة في ازدهار الاقتصاد الوطني، وتعزيز مفهوم السفر المستدام. ونحن في ويندام نفخر بدعم هذا التحول من خلال توجيه جهودنا لتوفير تجارب تلبي تطلعاتهم من حيث القيمة والراحة والسهولة الرقمية، وتمكينهم من الاقتراب أكثر من طبيعة المملكة وتراثها ومجتمعاتها الغنية”.
أبرز توجهات جيل زد السعودي للسفر
ويسلط التقرير الضوء على أبرز التوجهات التي تحكم خيارات سفر الجيل زد السعودي، ومنها:
1- المغامرات المحلية:
تتصدر المغامرات المحلية القائمة، إذ يفضل 54% منهم استكشاف مناطق المملكة المختلفة. ما يعكس انخراطهم المتزايد في دعم وتنمية المنظومة السياحية المحلية. ويبرز هذا التوجه بشكل خاص بين الشابات (55%). ما يدل على تنامي روح الاستقلال لديهن والرغبة في اكتشاف الثراء الثقافي والتنوع الطبيعي للمملكة. من المواقع التراثية في العلا إلى شواطئ أملج الخلابة، مرورًا بالحياة الحضرية النابضة في جدة والرياض.

2- السفر أصبح أسلوب حياة لا رفاهية
كما يؤكد البحث على أن السفر أصبح أسلوب حياة لا رفاهية بالنسبة لهذا الجيل؛ حيث أظهر 72% من الشباب غير العاملين حاليًا أنهم قاموا برحلات سياحية مؤخرًا. ما يعكس مدى ترسخ ثقافة السفر لديهم. ومع تزايد الاستثمارات في المهرجانات والمشاريع السياحية العملاقة على المستوى المحلي. يزداد الإقبال على الرحلات القصيرة والسفرات السريعة داخل المملكة.
3- استلهام وجهات سفرهم
وفي عالم شديد الترابط الرقمي، يلعب الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في تشكيل قرارات السفر لدى الجيل زد؛ حيث يعتمد 39% منهم على هذه المنصات لاستلهام وجهات سفرهم. ولا يقتصر التأثير الرقمي على تحديد الوجهات فحسب، بل يمتد ليصبح دافعًا ومحفزًا للسفر. حيث يفضل 64% منهم زيارة الأماكن التي ظهرت في أفلامهم أو مسلسلاتهم المفضلة، أو التي اكتسبت شهرة واسعة على المنصات الاجتماعية.
4- استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التخطيط لرحلاتهم
كما يبدي 81% منهم استعدادهم لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التخطيط لرحلاتهم. ما يعكس انفتاحهم الكبير على مستقبل السفر الذكي القائم على التكنولوجيا.
5- تفضيل التجربة على المظاهر البراقة
وعلى صعيد الإقامة، يميل الجيل زد إلى تفضيل التجربة على المظاهر البراقة. حيث يختارون الأماكن التي توفر الراحة والتواصل والأصالة. بدلًا من البحث عن الفخامة أو العلامات التجارية الشهيرة. إنهم يبحثون عن أماكن تمنحهم شعورًا بالانتماء، وتشبه “المنزل الثاني”. وتتيح لهم الإقامة لفترات أطول، وتعكس روح المكان الذي يزورونه، كل ذلك بأسعار معقولة وتجربة أقرب إلى الواقع.
6- الاستدامة
ولم تعد الاستدامة مجرد خيار إضافي، بل أصبحت معيارًا أساسيًا في قرارات السفر لدى الجيل زد السعودي. حيث يبحث أكثر من ثلث المشاركين (35%) عن فنادق صديقة للبيئة، بينما يفضل حوالي 45% استخدام وسائل نقل مستدامة. وتتوافق هذه التوجهات مع المبادرات الوطنية مثل “مبادرة السعودية الخضراء”، التي تهدف إلى ترسيخ ممارسات الاستدامة في مختلف القطاعات، بما في ذلك السياحة.
جيل زد يغير معايير السفر
وتعكس هذه التوجهات تحولًا أوسع نطاقًا في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. حيث يتفق مسافرو الجيل زد على إعادة تعريف معايير السفر من حيث الأسلوب والدوافع والوجهات. وفي حين أن السوق السعودية لا تزال في المراحل الأولى من هذا التحول. فإنها تتقدم بخطى واثقة نحو تبني هذه المعايير، وبامتلاكها واحدة من أصغر الفئات السكانية سنًا على مستوى العالم، وأجندة وطنية طموحة لتنمية القطاعين السياحي والثقافي. فإن المملكة على أعتاب أن تتبوأ مكانة إقليمية رائدة في مجال السفر الذي تقوده تطلعات هذا الجيل.
ويمثل هذا التحول فرصة حقيقية لإعادة تشكيل مشهد الضيافة في المملكة. من خلال تقديم تجارب تعبر بصدق عن تطلعات الشباب السعودي، في الوقت المناسب وبالأسلوب الذي يواكب تحولاتهم. وتلعب فنادق ومنتجعات ويندام، بتوسع حضورها في مختلف أنحاء المملكة. دورًا فاعلًا في دعم هذا التحول، والمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 من خلال جعل السفر أكثر سهولة وشمولية وارتباطًا بالغاية. بما يتماشى مع تطلعات الجيل الجديد الذي يقود مستقبل السياحة الداخلية في المملكة.