تعد العصبية المفرطة لدى أحد الزوجين تحديًا كبيرًا يلقي بظلاله على العلاقة الزوجية والحياة الأسرية بأكملها. فالتعامل المستمر مع رجل عصبي يسبب القلق والخوف، ويؤثر سلبًا على منظور الحياة، وقد يهدد استقرار الزواج.
فكيف يمكن التعامل مع هذا النمط السلوكي؟ وهل يمكن إصلاح العلاقة للحفاظ على رباط الزواج؟ هذا المقال يقدم تحليلًا لشخصية الرجل العصبي، أسباب عصبيته، وأفضل الطرق للتعامل معه.
من هو الرجل العصبي؟
الزوج العصبي هو من يظهر الغضب باستمرار، حتى في غياب أي شجار أو سوء تفاهم واضح. قد يستيقظ غاضبًا، وأي تفصيل صغير قد يثير هيجانه ليتحول الأمر إلى شجار غير متناسب مع المسبب. هذا الغضب غير المبرر والمستمر غالبًا ما يكون أعمق من مجرد رد فعل لموقف عابر.

تحليل شخصية الرجل العصبي
ووفقًا لـ “verywell”، يشير المختصون إلى أن الغضب غالبًا ما ينبع من الألم. عندما يكون المرء متألمًا، قد يظهر علامات الغضب، لكن ليس بالضرورة أن يكون الشخص الذي يصب عليه الغضب هو المسبب لهذا الألم؛ بل قد يكون “الهدف الأكثر أمانًا” لتفريغ هذا الغضب المكبوت.
قد يكون الألم ناتجًا عن الزوجة نفسها، أو عن آلام ذاتية تسبب بها الرجل لنفسه، أو حتى عن صدمات تعرض لها في الماضي البعيد. من المهم فهم أن هذا الغضب غير المبرر قد لا يكون ناتجًا عن الزواج بحد ذاته؛ بل عن أمر آخر حدث للرجل العصبي سابقًا ولم يتمكن من السيطرة عليه في وقته.
إذا حدث هذا الأمر خلال الزواج، فالتحدث عنه بصراحة قد يساعد الزوجين على التغلب عليه معًا.
أسباب العصبية عند الرجل
تتعدد العوامل التي تؤدي إلى العصبية المفرطة لدى الرجل، ومن أبرزها:
- انخفاض نسبة التستوستيرون: قد يربط ارتفاع نسبة التستوستيرون خطأً بالعصبية الزائدة. لكن الحقيقة أن العصبية المفرطة غالبًا ما تنتج عن ارتفاع الهرمون الناتج عن الاستخدام الخاطئ للمنشطات، وليس ارتفاع نسبته بشكل طبيعي.
في الواقع، يعاني الرجال الذين لديهم مستويات تستوستيرون منخفضة من الاهتياج الزائد وتقلب المزاج. كما تلعب العوامل البيئية وطبيعة الغذاء دورًا في تحديد مستويات التستوستيرون.
- انخفاض مستويات السيروتونين: يلعب هرمون السيروتونين دورًا مهمًا في قدرة المرء على السيطرة على مشاعره وصحته النفسية. وقد يسبب انخفاضه قلة الشعور بالسعادة والاهتياج العصبي. كما تؤثر العوامل الغذائية والبيئية على مستويات السيروتونين في الجسم.
- ارتفاع مستويات التوتر: يسبب ارتفاع هرمون التوتر (الكورتيزول) التهيج العصبي، بالإضافة إلى العديد من المشاكل في الوظائف المعرفية واضطرابات النوم. فالضغط الشديد في العمل، وقلة النوم، وعدم تناول الطعام بشكل جيد يمكن أن يحول الرجل إلى شخص آخر تمامًا.
- فقدان الهدف: قد يركز الرجل على معايير ذكورية معينة يصعب تحقيقها؛ ما يسبب له الإحباط. السعي المستميت للنجاح في وظيفة معينة لتحصيل أكبر قدر من المال قد يؤدي إلى التوتر، الوحدة، والعزلة. مقارنة نفسه بالآخرين والشعور بعدم الكفاءة يمكن أن يفجر نوبات غضب غير متوقعة.
- الإصابة بصدمة عاطفية: من المحتمل أن يكون الرجل العصبي قد مر بتجربة عاطفية صعبة لم يتم حلها؛ ما يسبب له الغضب والاهتياج طوال الوقت. يجد الشخص العصبي صعوبة في التعبير عن مشاعره أو السيطرة على الألم العاطفي؛ ما يدفعه إلى نوبات الغضب كوسيلة للتعبير.
طريقة التعامل مع الرجل العصبي
يتطلب التعامل مع الرجل العصبي صبرًا وحكمة، وإليك بعض التقنيات الفعالة:
- التواصل والحوار: من الضروري التواصل مع الزوج والتعبير عن جميع المخاوف والأمور المقلقة التي تشعر بها الزوجة. يجب عليها أيضًا أن تستمع إليه وتحاول تفهم وجهات نظره. فالاستماع الجيد يظهر اهتمام الزوجة بشريكها وما يقلقه؛ ما يجعله يشعر بالاطمئنان ورغبتها في المساعدة.
- التعامل بالتعاطف: من السهل أن تقارن المرأة زوجها بنفسها، وتستغرب عدم قدرته على السيطرة على مشاعره. لكن من الضروري أن تستمع الزوجة لزوجها بعقل منفتح أثناء مناقشة سبب غضبه، وأن تمتنع عن الحكم عليه أو لومه.
- أخذ مسبب الغضب بعين الاعتبار: البشر كائنات عاطفية تتأثر بالأحداث التي تمر بها. قد يكون غضب الرجل ناتجًا عن أحداث صادمة أو محزنة في حياته، مثل فقدان صديق أو شخص مقرب، فقدان الوظيفة أو تغييرها، أو مواجهة مشكلة صحية جسدية أو نفسية. إذا كان سبب نوبات الغضب هو الاكتئاب أو التوتر، ينصح بمنح الزوج مساحة ووقتًا للتعافي.
- العناية بالنفس: قد يصعب على الزوجة الاعتناء بنفسها أثناء التعامل مع الرجل العصبي ومعاملته السيئة لها، لكن من الضروري أن تنتبه لصحتها الجسدية والنفسية. لا تسمحي لمعاملة زوجك السلبية بأن تدمر صحتك. يمكن للتحدث مع أفراد العائلة المقربين أو الأصدقاء الموثوقين أن يقلل الضغط النفسي بشكل كبير. كما يمكن التحدث مع طبيب نفسي للحصول على المساعدة المتخصصة.
- طلب المساعدة عند الحاجة: الحب لا يتضمن الإساءة الجسدية أو اللفظية، أو محاولة عزل الزوجة عن أصدقائها وأفراد عائلتها. لذا، ينصح الزوجة بطلب المساعدة المتخصصة في حال تعرضها للعنف النفسي أو الجسدي. يجب أن يكون الزواج مبنيًا على الحب، التفاهم، التواصل، والصبر، وليس على التضحية من طرف واحد لمصلحة الآخر.
الخاتمة
قد يكون التعامل مع الرجل العصبي أمرًا متعبًا ومربكًا للغاية، خاصة عندما لا تكون الزوجة هي السبب في نوبات الغضب. تعود هذه النوبات غير المبررة إلى العديد من الأسباب البيولوجية والنفسية، مثل انخفاض هرمون التستوستيرون أو السيروتونين، أو ارتفاع مستويات التوتر، أو التعرض لصدمة عاطفية. وتنصح المرأة بالتحاور مع زوجها بعقل منفتح ورغبة في المساعدة، والانسحاب من العلاقة وطلب الدعم المتخصص في حال تعرضت لعنف جسدي أو نفسي.