من “حجاز” إلى “أم القرى”.. رحلة تأسيس الصحافة السعودية واستقرارها

من "حجاز" إلى "أم القرى".. رحلة تأسيس الصحافة السعودية واستقرارها
من "حجاز" إلى "أم القرى".. رحلة تأسيس الصحافة السعودية واستقرارها

تعد جريدة “أم القرى” التي تأسست بأمر من الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، عام 1343هـ/1924م، حجر الزاوية في تاريخ الصحافة السعودية.

هذا القرار التاريخي، الذي سبق إعلان توحيد المملكة بنحو ثمانية أعوام، دشّن مرحلة جديدة في مسيرة الإعلام بالمملكة، لتنطلق من قلب مكة المكرمة أول صحيفة رسمية تُعنى بنقل أخبار الدولة وتوجهاتها.

جذور النشأة وتحديات البدايات

يُشير المؤرخون إلى أن انطلاق الصحافة في أي مكان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتوفر حد أدنى من التعليم والثقافة.

ففي حين عرفت مناطق أخرى بالعالم المطابع في وقت مبكر، تأخر وصولها إلى الجزيرة العربية.

صنعاء كانت أول مدينة تحتضن مطبعة عام 1877م، تلتها مكة المكرمة عام 1883م.

هذه الظروف الثقافية والاقتصادية، بالإضافة إلى قلة المتعلمين، جعلت بدايات العمل الصحفي شاقة.

حتى أن أول صحيفة صدرت في أربع صفحات مشتركة بين اللغتين العربية والتركية؛ لضمان وجود محررين وقراء.

دستور عثماني وولادة صحف

لم تظهر الصحافة في البلاد إلا مع إعلان الدستور العثماني عام 1908م؛ حيث شهدت مكة المكرمة صدور الجريدة الرسمية “حجاز”.

تبع ذلك ظهور عدد من الصحف الأخرى، مثل: “شمس الحقيقة” و”الإصلاح الحجازي” و”الرقيب” و”المدينة المنورة”.

وفي عهد الشريف حسين، صدرت صحيفة “القبلة” في مكة، عام 1916م، وظهرت بالمدينة المنورة، صحيفة أخرى باسم “الحجاز”. حسب ما ورد على الموقع الرسمي لـ”مركز جمال بن حويرب للدراسات“.

“أم القرى” نقطة التحول والاستقرار

يتفق الباحثون على أن النشأة الحقيقية للصحافة في الدولة السعودية، بدأت مع تأسيس صحيفة “أم القرى”، أواخر عام 1924م.

فقد مثّل صدورها بداية عهد صحفي جديد اتسم بالاستمرار والاستقرار؛ حيث تولى أبناء البلاد الدور الأكبر في هذا المجال.

الملك عبد العزيز ورؤية مبكرة لأهمية الإعلام

رغم أن الملك عبدالعزيز لم يُنشئ صحيفة خاصة به في المراحل الأولى، فإن اهتمامه بالإعلام كان سابقًا لسيطرته على الحجاز.

كان الملك حريصًا على متابعة الصحف العربية والأجنبية، وكان على اتصال بها عبر وكلائه في مختلف البلدان. كما تشير المصادر إلى إجراء أول مقابلة صحفية معه عام 1913م.

تواصل مبكر مع الصحافة العربية

تجلت أهمية الإعلام لدى الملك عبد العزيز، في تعامله مع الصحافة العربية لنقل مواقف دولته. ويعد منشوره لأهل الشام عام 1919م، الذي نشرته مجلة “المنار”، أول منشور إعلامي رسمي للدولة السعودية الحديثة موجه للخارج.

حكومة نجد والانفتاح على العالم عبر الصحافة

شهد عام 1925م، منعطفًا مهمًا بانفتاح حكومة نجد، على الصحافة كوسيلة لتعريف العالم الإسلامي والعربي بسياستها.

وقد صدر أول بلاغ عام من العاصمة بتوقيع الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود، وتم إرساله إلى كبرى الصحف في العالم الإسلامي، عام 1924م، ردًا على ما نُشر من معلومات مغلوطة عن سلطان “نجد” وموقفه من القضايا العربية.

تأسيس “أم القرى” تحقيق لرؤية مبكرة

لم يمض وقت طويل على دخول الملك عبد العزيز إلى مكة المكرمة حتى تحققت فكرة إصدار جريدة رسمية.

ففي الخامس عشر من جمادى الأولى، عام 1343هـ، 1924م، صدر العدد الأول من جريدة “أم القرى”، لتكون المنبر الإعلامي للدولة السعودية الناشئة.

الخط الزمني للصحافة السعودية

  • 1343هـ/1924م: تأسيس جريدة “أم القرى”، بداية التنظيم الرسمي لقطاع الإعلام.
  • 1350هـ/1932م: صدور جريدة “صوت الحجاز” في مكة المكرمة، بداية “عهد صحافة الأفراد”.
  • 1355هـ/1936م: صدور مجلة “المنهل” في المدينة المنورة، استمرار “عهد صحافة الأفراد”.
  • 1378هـ/1958م: دمج عدد من الصحف في مكة وجدة.
  • 1382هـ/1963م: تحويل المديرية العامة للصحافة والنشر إلى وزارة الإعلام.
  • 1383هـ/1963م: إلغاء ملكية الأفراد للصحف.
  • 1383هـ/1964م: صدور نظام المؤسسات الصحفية الأهلية ومنح امتياز إصدار الصحف.
  • 1390هـ/1971م: تأسيس وكالة الأنباء السعودية “واس”.
  • 1421هـ/2000م: صدور تحديث لنظام المطبوعات والنشر.
  • 1422هـ/2001م: صدور نظام المؤسسات الصحفية.
  • 1425هـ/2004م: تأسيس هيئة الصحفيين السعوديين.

مسيرة حافلة نحو مستقبل واعد

منذ انطلاق “أم القرى”، شهدت الصحافة السعودية تطورات كبيرة على مختلف الأصعدة، مواكبةً النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة.

وقد ساهمت في تشكيل الوعي العام ونقل الأحداث والإسهام في التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، لتستمر في أداء رسالتها السامية لخدمة الوطن والمواطن.

الرابط المختصر :