من أين جاءت فكرة “المسحراتي”؟ قصة أحد أشهر عادات رمضان

من أين جاءت فكرة المسحراتي؟.. إليك قصة أحد أشهر عادات شهر رمضان الكريم
من أين جاءت فكرة المسحراتي؟.. إليك قصة أحد أشهر عادات شهر رمضان الكريم

في ليالي شهر رمضان المباركة، يتردد صدى صوت ينادي “يا نايم وحد الدايم”، إنه صوت “المسحراتي”، الشخص الذي يحمل على عاتقه مهمة إيقاظ المسلمين لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر.

هذه المهنة الرمضانية العريقة، التي عرفت في مختلف البلدان العربية والإسلامية، لها تاريخ طويل وقصص شيقة تعكس جزءًا من التراث الشعبي الغني.

شهر رمضان 2025

ومع بدء شهر رمضان الكريم، تستعرض “الجوهرة” في السطور التالية قصة “المسحراتي”، ومن هو أول “مسحراتي” في التاريخ؟ وما مرت به هذه الفكرة من أساليب وطرق لإيقاظ المسلمين لتناول وجبة السحور وبدء ساعات الصيام؟ وذلك نقلًا عن موقع “CNN” بالعربية.

جذور تاريخية تعود إلى عهد النبي

تعود جذور مهنة “المسحراتي” إلى عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ كان الصحابي بلال بن رباح، أول مؤذن في الإسلام، وابن أم مكتوم يقومان بمهمة إيقاظ الناس للسحور. كان بلال يؤذن فيتناول الناس السحور، ثم يؤذن ابن أم مكتوم فيمتنع الناس عن الطعام.

ومع مرور الزمن، تطورت هذه المهنة، وأصبح لها طابع خاص في كل بلد. ففي المملكة كانت مهنة المسحراتي منتشرة في المدن والقرى، وكان في الأحساء، يُعرف “المسحراتي” باسم “أبو طبيلة” نسبة إلى الطبلة التي يحملها.

وفي مصر، كان عنبسة بن إسحاق أول من نادى بالتسحير عام 228 هـ، وكان يطوف شوارع الفسطاط ماشيًا على الأقدام، ينادي الناس للسحور. وفي عهد الدولة الفاطمية، تم تعيين رجل خصيصًا لهذه المهمة، وأطلق عليه اسم “المسحراتي”.

“المسحراتي” في مختلف البلدان العربية

لم تقتصر مهنة المسحراتي على المملكة ومصر فقط؛ بل انتشرت في مختلف البلدان العربية والإسلامية، لكن مع اختلاف بسيط في بعض التفاصيل.

ففي المغرب، كان “المسحراتي” يسمى “النفار”، وكان يستخدم مزمارًا طويلًا لإيقاظ الناس. وفي اليمن، كان يدق الأبواب بالعصي. وأيضًا في الشام، كان يطوف على البيوت ويعزف على العيدان والطنابير وينشد الأناشيد الرمضانية. وفي فلسطين، كان “المسحراتي” يردد عبارات مثل: “يا عباد الله وحدوا الإله”، و”سحورك يا صايم، قوم وحد الدايم”.

عبارات وأناشيد خالدة في شهر رمضان

وتميز “المسحراتي” بعباراته وأناشيده الرمضانية التي ظلت خالدة في ذاكرة الأجيال. ومن أشهر هذه العبارات:

  • “يا نايم وحد الدايم يا غافي وحد الله”.
  • “قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم”.
  • “السحور يا عباد الله”.

وكان “المسحراتي” يلحن هذه العبارات بضربات فنية على طبلته؛ ما يضفي على المكان سحرًا خاصًا.

مهنة في طريقها إلى الزوال

مع تقدم الزمن وتطور التكنولوجيا، بدأت مهنة المسحراتي في الانقراض، واختفى من معظم الحارات والأحياء. ومع ذلك، لا تزال هذه المهنة تحظى بمكانة خاصة في قلوب الكثيرين، وتذكرهم بأيام رمضان الجميلة.

أهمية “المسحراتي” في شهر رمضان الكريم

“المسحراتي” شخصية رمضانية مميزة، كما لعب دورًا مهمًا في حياة المسلمين خلال شهر رمضان، وتتلخص أهميته في النقاط التالية:

  • إيقاظ الناس لتناول السحور:
    • كانت مهمته الأساسية إيقاظ الصائمين قبل الفجر لتناول وجبة السحور، وهي وجبة مهمة تمنحهم الطاقة اللازمة لصيام اليوم.
  • نشر البهجة والفرح:
    • كان المسحراتي يجوب الشوارع والأزقة مرددًا الأناشيد والعبارات الرمضانية المميزة؛ ما كان ينشر البهجة والفرح في ليالي رمضان.
  • الحفاظ على التراث:
    • تعد مهنة المسحراتي جزءًا من التراث الشعبي الرمضاني، والحفاظ عليها هو حفاظ على جزء من تاريخنا وثقافتنا.
  • تعزيز الروابط الاجتماعية:
    • كان “المسحراتي” يعرف أهل حيه جيدًا، كما كان ينادي على بعضهم بأسمائهم؛ ما كان يعزز الروابط الاجتماعية بين أفراد الحي.
  • دور ديني:
    • كان “المسحراتي” يقوم بدور ديني مهم من خلال تذكير الناس بموعد السحور، وهو وقت مبارك يستحب فيه الدعاء والاستغفار.

أشهر عبارات “المسحراتي” في المملكة

كان المسحراتي في المملكة يتميز بعباراته المميزة التي تختلف من منطقة لأخرى، ومن أشهر هذه العبارات:

  • عبارات عامة:
    • “اصحى يا نايم وحد الدايم”.
    • “السحور يا عباد الله”.
    • “يا نايم وحّد مولاك للي خلقك ما بنساك”
    • “قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم”
  • عبارات في الأحساء:
    • “أقعد أقعد يا نايم، واذكر ربك الدايم”.
    • “أصحى يا نايم قوم وحد الدايم، سحور ياعباد الله”.
  • عبارات في مكة المكرمة وجدة:
    • “اصحى يا نايم وحد الدايم، ربي قدرنا على الصيام، واحفظ إيماننا بين القوة”.

وكان “المسحراتي” يستخدم هذه العبارات بالإضافة إلى دق الطبول لإيقاظ الناس لتناول السحور. كما كان ينادي على بعض الأشخاص بأسمائهم؛ ما يزيد من الألفة والمودة بين أفراد المنطقة.

فرحة الكبار والصغار بالمسحراتي في شهر رمضان

كان المسحراتي شخصية محببة لدى الكبار والصغار على حد سواء، وكان حضوره في ليالي رمضان يضفي أجواءً من البهجة والفرح.

فرحة الكبار بالمسحراتي:

  • ذكريات الماضي: كان “المسحراتي” يذكر الكبار بأيام الطفولة الجميلة وليالي رمضان التي قضوها في الماضي؛ ما كان يثير في نفوسهم مشاعر الحنين إلى الماضي.
  • أجواء رمضانية: كان “المسحراتي” جزءًا من الأجواء الرمضانية المميزة، كما أن حضوره يضفي على ليالي رمضان طابعًا خاصًا.
  • الحفاظ على التراث: كان الكبار يقدرون دور المسحراتي في الحفاظ على التراث الشعبي الرمضاني، كما كانوا يرون فيه رمزًا من رموز هذا الشهر الكريم.

فرحة الصغار بالمسحراتي:

  • شخصية محببة: كان الصغار يحبون “المسحراتي” ويستمتعون بأناشيده وعباراته المميزة.
  • أجواء احتفالية: كان “المسحراتي” يخلق أجواء احتفالية في ليالي رمضان، وكان الصغار ينتظرون قدومه بفارغ الصبر.
  • هدايا العيد: كان الصغار يفرحون عندما يرون ّالمسحراتي” في صباح العيد؛ إذ كان يمر على البيوت لتهنئة الناس بالعيد وتلقي الهدايا والحلويات.
الرابط المختصر :