لطالما ارتبط مرض السل بصورة العدوى البكتيرية التي تستهدف الرئتين بشكل أساسي، وينتقل عبر المخالطة المطولة مع الأفراد المصابين. وقد تتجاوز تأثيرات بكتيريا “المتفطرة السلية” الجهاز التنفسي لتطال أجزاء أخرى من الجسم مع مرور الوقت. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لهذا المرض أن يعود ليطل برأسه من جديد بعد إعلان الشفاء منه؟هذا ما نستعرضه في المقال التالي .
وفقًا لـ” msdmanuals”يمكن أن يعود مرض السل بطريقتين مختلفتين. هما:
1-الانتكاس، حيث تنشط مجددًا نفس سلالة البكتيريا التي تسببت في الإصابة الأولى.
2-الإصابة المتكررة، حيث يتعرض الفرد لعدوى جديدة ببكتيريا السل، ولكن هذه المرة قد تكون من سلالة مختلفة تمامًا عن السلالة التي أصابته سابقًا.

عوامل الخطر
قد أشارت دراسات علمية حديثة أجريت في عام 2020 إلى وجود جملة من عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية عودة مرض السل بعد الشفاء. التعرف على هذه العوامل يكتسي أهمية بالغة، إذ يساعد في اتخاذ تدابير للحد منها وبالتالي تقليل فرص الإصابة المتكررة. من أبرز هذه العوامل:
- مقاومة الأدوية: عندما تصبح بكتيريا السل مقاومة للأدوية المستخدمة في العلاج، يصبح القضاء عليها أكثر صعوبة، ويزداد خطر بقاء أعداد صغيرة منها قادرة على التكاثر لاحقًا.
- التدخين: يضعف التدخين الجهاز المناعي ويجعل الرئتين أكثر عرضة للإصابة والالتهابات المزمنة، مما يزيد من خطر عودة السل.
- عدوى فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز): يؤدي هذا الفيروس إلى تدمير الخلايا اللمفاوية المسؤولة عن الدفاع المناعي، مما يجعل الجسم ضعيفًا وعرضة للإصابة بالسل مرة أخرى.
- تعاطي المخدرات: يرتبط تعاطي المخدرات بتضعيف الجهاز المناعي وسوء التغذية، مما يزيد من قابلية الفرد للإصابة بالعدوى، بما في ذلك السل.
- أمراض الرئة المزمنة: مثل التهاب القصبات المزمن ومرض الرئة التجويفي، تخلق بيئة في الرئتين قد تكون أكثر ملاءمة لبقاء ونمو بكتيريا السل.

علاج عودة الإصابة بالسل
الأمر ليس يسيرًا. غالبًا ما تكون بكتيريا السل في حالات الانتكاس مقاومة للأدوية التي استخدمت في العلاج الأولي، بل وقد تكون مقاومة لمجموعة أوسع من الأدوية، خاصة تلك التي تم تناولها لفترة طويلة. وحتى في حالات الإصابة المتكررة بسلالة جديدة، قد تكون هذه السلالة هي الأخرى مقاومة للأدوية. هذا يعني أن حدوث طفرة في السلالة الأصلية أو الإصابة بسلالة جديدة مقاومة يمكن أن يعقد عملية العلاج. ومع ذلك، ففي الحالات التي تستجيب فيها البكتيريا للأدوية، يمكن تحقيق الشفاء شريطة الالتزام الصارم بتعليمات الطبيب وعدم تفويت أي جرعة من الدواء.
الوقاية من عودة مرض السل،
من المهم التأكيد على أنه لا يمكن دائمًا ضمان عدم الإصابة به مرة أخرى. لكن هناك بعض الاحتياطات التي يمكن اتخاذها لتقليل المخاطر قدر الإمكان، وتشمل:
- استخدام المضاد الحيوي أيزونيازيد (INH) كإجراء وقائي للأفراد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
- الالتزام بتناول الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المختص بدقة وعدم التهاون في الجرعات.
- تجنب الاختلاط المباشر مع الأشخاص الذين قد يكونون مصابين بالسل النشط.
- الحفاظ على مستوى عالٍ من النظافة الشخصية.
- البقاء في المنزل وتجنب المخالطة حتى يتم التعافي الكامل من أي إصابة أولية بالسل.
- تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال لمنع انتشار الرذاذ المحمل بالبكتيريا.
في الختام، على الرغم من إمكانية الشفاء من مرض السل، فإن شبح عودته يظل واردًا. لذا، فإن الوعي بعوامل الخطر والالتزام بتعليمات العلاج واتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة يمثل خط الدفاع الأفضل لتقليل فرص عودة هذا المرض والتأثير على صحة الأفراد وحياتهم.