تعد الفنانة السعودية عتاب إحدى الشخصيات الأيقونية في تاريخ الموسيقى السعودية. فالفنانة الراحلة تعتبر من أوائل النجمات اللاتي وضعن بصمتهن على سجل الفن السعودي الحديث.
الأسطورة السعودية عتاب
وتركت الفنانة عتاب إرثًا فنيًا غنيًا ومتميزًا، وذلك من خلال الأعمال التي قدمتها داخل حدود المملكة العربية السعودية وخارجها. على امتداد مسيرتها الفنية الحافلة بالإنجازات.
وتبوأت الفنانة الراحلة عتاب مكانتها الرفيعة كواحدة من أبرز الأصوات النسائية التي أنجبتها الموسيقى السعودية عبر تاريخها. كما أنها تصنف ضمن الرائدات اللاتي اقتحمن مجال الغناء في المملكة العربية السعودية منذ بداياته الحديثة. جنبا إلى جنب مع فنانات أخريات، مثل: ابتسام لطفي، والمطربة الشعبية توحة.
ولادة الفنانة عتاب بمدينة الرياض
ولدت عتاب في مدينة الرياض عام 1947 ميلاديًا، وسرعان ما لفتت الأنظار بكونها أول فنانة سعودية تقريبًا، تنطلق بقوة في عالم الغناء الاستعراضي. وهو ما جعلها رمزًا بارزًا للمرأة السعودية الطموحة في فترة السبعينيات الميلادية.
علاوة على ذلك اشتهرت عتاب بتقديمها مجموعة متنوعة من الأغاني باللهجة السعودية، لكن بأسلوب فني استعراضي فريد ومميز. كما نجحت بفضل موهبتها وحضورها القوي في فرض هذا اللون الغنائي على الساحة الفنية في مصر. بينما امتد تأثيرها ليشمل أرجاء واسعة من العالم العربي.
تميز أداء عتاب بقدرتها الفائقة على الدمج بين عناصر الطرب الأصيل والحيوية الاستعراضية، وهو ما أكسبها قاعدة جماهيرية عريضة ومحبة كبيرة من المستمعين. كما أن نجاحها اللافت ساهم بشكل كبير في فتح المجال وتشجيع ظهور المزيد من الأصوات النسائية الخليجية الموهوبة في السنوات اللاحقة.
محطات بحياة الأسطورة عتاب
وبفضل ما تحلت به من شجاعة فنية وإصرار على التمسك بهويتها الثقافية والفنية، استطاعت الفنانة عتاب أن تترك بصمة فنية خالدة وعميقة في عالم الغناء الخليجي والعربي بشكل عام. وفيما يلي نستعرض أبرز المحطات الهامة التي شكلت مسيرتها الفنية الثرية:
المحطة الأولى: الاكتشاف على يد الفنان القدير طلال مداح
شهدت بداية المسيرة الفنية للفنانة عتاب نقطة تحول هامة عندما اكتشفها الفنان السعودي الكبير طلال مداح، وكان ذلك في عام 1959 ميلاديًا، حيث كانت عتاب لا تزال في سن الثالثة عشرة. في تلك الفترة المبكرة من حياتها، كانت عتاب تمارس الغناء في الحفلات الخاصة والمناسبات الاجتماعية المختلفة، وخاصة حفلات الزفاف والأعراس، وقد تمكنت من تحقيق شهرة محلية واسعة النطاق بفضل ما كانت تتمتع به من صوت قوي وعذب وحضور استعراضي لافت ومميز. وقام الفنان طلال مداح بدور محوري في تقديمها للجمهور السعودي، وقدمت عتاب في تلك الفترة العديد من الأغنيات التي تم تسجيلها في كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية اللبنانية، وهو ما شكل الانطلاقة الأولى والأساسية لها نحو دخول معترك الساحة الفنية بشكل رسمي.
المحطة الثانية: التفرغ الكامل للفن
في عام 1972 ميلاديًا، اتخذت الفنانة عتاب قرارًا مصيريًا وهامًا بالتفرغ بشكل كامل للفن. خلال هذه المرحلة الزمنية، بدأت عتاب في الظهور بشكل منتظم ومستمر في الجلسات الفنية والغنائية المتنوعة، كما شكلت ثنائيًا فنيًا ناجحًا مع الفنان حيدر فكري. فيما كانا يقدمان معًا أداءً غنائيًا واستعراضيًا مميزًا ولافتًا استطاع أن يجذب انتباه وإعجاب الجمهور السعودي بشكل كبير. وخلال هذه الفترة تحديدًا، ازدادت شهرة الفنانة عتاب وتجاوزت حدود المحلية لتصل إلى آفاق أوسع، مما مهد الطريق أمامها نحو تحقيق النجومية على مستوى العالم العربي.
المحطة الثالثة: الانطلاقة العربية من خلال الفنان عبد الحليم حافظ
شهدت أوائل فترة السبعينيات الميلادية نقلة نوعية وهامة في مسيرة الفنانة عتاب الفنية. علاوة على ذلك قام الفنان المصري القدير عبد الحليم حافظ بتقديمها رسميًا للجمهور خلال إحدى حفلاته الغنائية التي أقيمت في مدينة القاهرة. هذا التقديم الرسمي أمام الجمهور المصري والعربي الواسع ساهم بشكل كبير في تحويل عتاب إلى نجمة ذات صيت عربي. كما فتح أمامها آفاقًا جديدة وواسعة في مختلف أنحاء العالم العربي.
كما استطاعت بفضل هذا الظهور القوي أن تحقق نجاحًا باهرًا وشهرة واسعة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على هويتها الفنية السعودية الأصيلة في جميع أغانيها التي قدمتها. فيما تمسكت بشكل خاص باستخدام اللهجة السعودية في أدائها الغنائي، وذلك على الرغم من الشهرة والنجاح الكبير الذي حققته في جمهورية مصر العربية.
المحطة الرابعة: الانتقال إلى جمهورية مصر العربية
بعد صدور أمر ملكي من الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – بإبعادها عن المملكة العربية السعودية بسبب طبيعة أدائها الغنائي الاستعراضي الذي كان يعتبره البعض مخالفًا للتقاليد السائدة آنذاك، انتقلت الفنانة عتاب إلى مدينة القاهرة في عام 1980 ميلاديًا لتبدأ هناك مرحلة جديدة ومختلفة من حياتها ومسيرتها الفنية. وفي عام 1985 ميلاديًا.
كما أطلقت عتاب أغنيتها الشهيرة. التي حملت عنوان “جاني الأسمر”، والتي ساهمت بشكل كبير في تعزيز انتشارها الفني وتوسيع قاعدة جمهورها. وقد تعاونت عتاب خلال فترة إقامتها في مصر مع عدد من كبار الملحنين المصريين، مثل الملحن القدير محمد الموجي في أغنيتها المعروفة “فك القيود”. كما استمرت في تقديم أغاني طربية سعودية أصيلة باللهجة الخليجية، وذلك على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته في الساحة الفنية المصرية.
المحطة الخامسة: السنوات الأخيرة والعودة إلى منطقة الخليج العربي
عاشت الفنانة عتاب في جمهورية مصر العربية لمدة تقارب العشرين عامًا، وخلال هذه الفترة تمكنت من تأسيس مكانة فنية قوية ومرموقة لنفسها في أوساط الفن العربي. ولكن بحلول عام 2003 ميلاديًا. فيما اتخذت قرارًا بالعودة إلى منطقة الخليج العربي والاستقرار في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لكي تكون قريبة من والدتها التي كانت تحمل الجنسية الإماراتية. وعلى الرغم من محاولاتها للعودة إلى الساحة الفنية ومواصلة نشاطها.
إلا أن حالتها الصحية بدأت في التدهور تدريجيًا بعد أن تم تشخيص إصابتها بمرض السرطان في نهاية فترة التسعينيات الميلادية. ونتيجة لذلك، تراجعت عتاب عن الأضواء والشهرة بشكل تدريجي. بينما عانت أيضًا من ظروف مادية صعبة في أواخر حياتها، إلى أن توفيت في مدينة القاهرة عام 2007 ميلاديًا بعد رحلة علاج طويلة مع المرض، وقد تم دفنها في مدينة السادس من أكتوبر في جمهورية مصر العربية.