قد يجد المرء صعوبة في الشروع بالعمل في وقته المحدد، وآخر يمهد الطريق إلى التأخر في الأعمال ويجيد اتخاذ المبرر لعدم ممارسة أي عمل كوسيلة للهروب من ما يجب عليه عمله. والتأخير عن عمل الأشياء قد يعني لدى البعض إرجاء عمل شيء معين إلى المستقبل مع القدرة على عمله في وقته، ولذلك فمبرراته زائفة والوعود فارغة، ويعني لدى آخرون انسحابًا صريحًا من المسؤولية.
يمارس أحدهم التأخير عادة بأساليب مختلفة، ومن ذلك، الانتظار إلى آخر لحظة ثم إنجاز ما هو مطلوب منهم بطريقة سطحية في موعده المحدد، وفي هذه الطريقة إيهام بأنه كان يعرف أن إنجاز هذا العمل يستغرق فترة محدودة من الوقت، ولكنه انتظر حتى اللحظات الأخيرة قبل موعد تسليمه ثم أنجزه. ولكن ليس على الطريقة المطلوبة، وعند السؤال عن سبب رداءة هذا العمل يكون اجابته، أنه لم يكن لديه وقت كافٍ!
من المعروف أن الشخص الذي يؤخر عمل الأشياء هو الذي يركن إلى الراحة. وهو في الغالب أكثر من ينتقد الآخرين. حيث من لسهل أن تكون ناقدًا بدلًا من بذل الجهد والمغامرة وما يتطلب ذلك من نشاط وعمل.
الحياة لم ولن تكون مملة، ولكن الناس يختارون أساليب مملة في حياتهم تقودهم إلى الضجر. وفكرة الملل تنطوي على عدم القدرة على استغلال لوقت فيما هو مفيد، والفراغ دائمًا يقود إلى الملل. ومع ذلك يختاره الكثير من الناس. لذلك وجب استغلال كامل الطاقة الجسمية والنفسية في عمل ما هو متيسر، واستعمال العقل في عمل ما يريده المرء. واكتشاف طرق جديدة للقضاء على الفراغ وبعدها لن يكون للملل أثر.
قد يحتج البعض ويقول إذا لم يكن هناك الكثير من لأشياء التي يمكن عملها فكيف أقضي على الفراغ؟ هذا السؤال يبدو منطقيًا، ولكن التمعن فيه يوحي بصفته كحجة. وذلك لسببين: الأول، أن الإنسان يستطيع دائمًا أن يملأ الفراغ وأن يجد لنفسه عمل شيء مهما كانت الظروف. الثاني، أن الملل يعاني منه حتى مَن يعيش في أرقى الحضارات وأكثرها رفاهية مثلما يعاني منه رجل الصحراء. وذلك لأن الملل شيء يختاره المرء بالتقليل من واقع ملاءمة الظروف لبيئة له مهما كانت طبيعة هذه الظروف.
من أسباب استمرار الفرد التأخر في الأعمال:
- إيهام النفس، فقد يشعر بالراحة جراء إيهام نفسه؛ لأن الكذب على نفسه يحميه من الاعتراف بأنه كسول؛ لأن الهروب من المسؤولية وما يترتب عليه من عوائد نفسية ومرضية يجنيها الكسالى، والتأخير يعطيهم فرصة التخلص من الأعمال المتبعة أو الأشياء التي يخاف من عواقبها ونتائجها إلى درجة وقوعه في مشكلة التردد.
- محاولة اكتساب الشفقة والعطف من الآخرين والإحساس بالأسف على نفسه لمعاناته الألم والقلق نتيجة عدم إنجازه ما عليه.
- التأخير يؤدي إلى استغلال الآخرين للظروف؛ لأن التأخير عن العمل يدفع شخصًا آخر إلى أدائه بدلًا منه.
ويبقى السؤال.. كيف يمكن التخلص من هذه المشكلة، واستعادة النشاط من جديد؟
يجب محاولة القيام بشيء لم يفعله الفرد منذ مدة طويلة، كقراءة كتاب، أو حفظ آيات من القرآن الكريم. سيدرك حينها أنه لم يكن هناك مبرر لتأخير عمله، ويجب أن يتذكر أن أصعب ما في العمل هو البدء فيه فقط. ولا بد أن يسأل نفسه عن ما هو أسوأ شيء ممكن حدوثه لو أنه بدأ فورًا بعمل ما أخّره. ثم فكّر في نفسه كشخص لا يستحق معاناة القلق الذي ينتج عن التأخير، وعليه أن يتذكر أن الناس الذين يحبون أنفسهم لا يحرجونها بهذه الطريقة.