فقدت الساحة الفنية العربية قبل أيام أيقونة من أيقوناتها برحيل الفنانة القديرة سميحة أيوب، سيدة المسرح العربي، التي أثرت الحياة الفنية على مدار عقود طويلة بأعمالها المتنوعة والمتقنة. ولم تقتصر بصمتها على المسرح والدراما الاجتماعية، بل امتدت لتشمل أعمالًا دينية تاريخية، تركت فيها بصمة لا تمحى، وأظهرت قدرة فنية فريدة على تجسيد شخصيات تحمل أبعادًا روحانية بالإضافة إلى ذلك تاريخية عميقة.
“فجر الإسلام”.. تجسيد أصيل لمرحلة فارقة
من أبرز مشاركات سميحة أيوب في الأعمال الدينية كان دورها في فيلم “فجر الإسلام” (1971) للمخرج صلاح أبو سيف. حيث جسدت “أيوب” في هذا العمل شخصية “هند” أو “أم هاشم”، امرأة قوية ذات حضور مؤثر في سياق الأحداث التي سبقت وتزامنت مع ظهور الإسلام. تميز أداؤها بالعمق والواقعية، إذ نقلت ببراعة التغيرات التي طرأت على الشخصية وتأثرها بالدعوة الجديدة. ما أضاف بعدًا إنسانيًا وفنيًا غنيًا للفيلم الذي يعد علامة فارقة في السينما المصرية.
“عذراء مكة”.. دور يعكس النبل والتقوى
وفي مسلسل “عذراء مكة”، قدمت الفنانة سميحة أيوب دورًا آخر يجسد النبل والتقوى. على الرغم من عدم توفر معلومات تفصيلية عن شخصيتها في هذا المسلسل، فإن مشاركة فنانة بحجم سميحة أيوب في عمل يحمل هذا العنوان يشير إلى أنها قدمت أداءً يليق بقيم العمل الديني والتاريخي، مجسدة شخصية ربما تكون مرتبطة بالمرأة المسلمة في بدايات الدعوة، أو شخصية تحمل صفات العفة والطهر التي يتناولها العمل.
“محمد رسول الله”.. حكمة الأمومة والتوجيه
كما كان لها حضور بارز في المسلسل الديني الكبير “محمد رسول الله”، الذي عرض في عدة أجزاء. في هذا العمل الضخم، وتحديدًا في الجزء الخامس منه، وجسدت سميحة أيوب شخصية السيدة “حليمة السعدية”. مرضعة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. قدمت “أيوب” هذا الدور بحساسية بالغة وعمق عاطفي. مبرزة جانب الأمومة والحكمة والعناية التي أحاطت بها الرسول في طفولته. كان أداؤها تجسيدًا رائعًا لتلك الفترة المهمة في حياة نبي الإسلام. ما أثرى العمل ومنح المشاهدين رؤية أعمق لشخصية حليمة السعدية ودورها التاريخي.
علاوة على ذلك، بصمات سميحة أيوب في هذه الأعمال الدينية ليست مجرد أدوار عابرة. بل هي شهادة على موهبتها الفذة وقدرتها على تقمص شخصيات مختلفة الأبعاد. وإيصال رسائل عميقة عبر فنها. رحلت سيدة المسرح، لكن أعمالها، بما فيها أدوارها الدينية. ستظل خالدة في ذاكرة الفن العربي. تلهم الأجيال وتؤكد أن الفن رسالة يمكن أن تحمل أسمى القيم والمعاني.