مع حلول فصل الربيع، تشهد منطقة الوطن العربي تقلبات جوية موسمية، من أبرزها ظاهرة “رياح الخماسين”، أو “رياح الطوز” كما يطلق عليها في بعض المناطق. هذه الرياح، التي قد تستمر نحو خمسين يومًا، تحمل معها موجات من الغبار والأتربة التي تؤثر بشكل ملحوظ على صحة السكان، وخاصةً أولئك الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي والحساسية والعيون. في هذا المقال نستعرض أهم طرق الوقاية من الآثار السلبية لهذه الرياح.
التأثيرات السلبية على الجهاز التنفسي
لا يمكن إغفال التأثير السلبي العميق الذي يخلفه غبار الخماسين على الجهاز التنفسي. فجسيمات التراب الدقيقة تتسبب في تهيج المسالك الهوائية وتقليل كفاءة الرئتين. وقد يؤدي استنشاق هذا الغبار المحمل بالملوثات إلى الإصابة بحساسية الصدر. وتكون ندبات في أنسجة الرئة. وزيادة خطر الإصابة بأمراض وعدوى الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى ذلك أعراض مزعجة كالسعال وسيلان الأنف وانسداده. وفي المدى الطويل.
احتمالية الإصابة بسرطان الرئة
وفقًا لـ “أي هيرب” تشير الدراسات إلى احتمالية متزايدة للإصابة بسرطان الرئة، وفي حالات نادرة، قد يصل الأمر إلى التعرض لتمزق الرئة وصعوبة التنفس والتهاب الحلق. وتجدر الإشارة إلى أن التعرض لهذه الأجواء يزيد أيضًا من فرص تهيج العينين، وحساسية الجلد، والصداع، والشعور العام بالإرهاق والتعب.

عوامل تزيد من خطر الإصابة
هناك عدة عوامل تزيد من خطر الآثار السلبية لاستنشاق غبار الخماسين منها:
1-التعرض بشكل دائم للغبار: فالأفراد الذين يتعرضون بشكل دائم للغبار في بيئة عمل مفتوحة هم أكثر عرضة للخطر.
2- التدخين: كما أن التدخين يلعب دورًا سلبيًا في تقليل كفاءة الجهاز التنفسي وإضعاف آليات الدفاع الطبيعية.
3-استنشاق غبار يحمل مواد كيميائية: بالإضافة إلى ذلك، فإن استنشاق غبار يحمل مواد كيميائية قد يؤدي إلى تدمير الأهداب المسؤولة عن تنظيف الرئتين من الجسيمات الغريبة. وتعتبر فئات معينة من السكان أكثر حساسية لتأثيرات الغبار، مثل المرأة الحامل والأطفال وكبار السن.
آليات دفاعية لمواجهة خطر الغبار
يمتلك الجهاز التنفسي آليات دفاعية لمواجهة خطر الغبار، تعتمد فعاليتها على حجم ذرات الغبار المستنشقة. فالبلاعم، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء، تستطيع إزالة الجزيئات الصغيرة في الأنف والحلق. أما الجزيئات الأكبر حجمًا، فيتم احتجاز معظمها في الأنف ويطردها الجسم عن طريق العطس. ومع ذلك، قد تتمكن بعض الذرات الدقيقة من اختراق هذه الدفاعات الأولية والوصول إلى داخل الجهاز التنفسي. حيث تحاول الأهداب التخلص منها قدر الإمكان. وكلما تعمق اختراق ذرات الغبار داخل الرئة، زادت خطورة الإصابات المحتملة.

كيف نتجنب الآثار السلبية لرياح الطوز؟
لتجنب الآثار السلبية لرياح الخماسين، ينصح الخبراء بتجنب التعرض للغبار قدر المستطاع. وفي حال الاضطرار للخروج، يجب اتخاذ إجراءات وقائية ضرورية، مثل استخدام الكمامات المحكمة حول الأنف والفم، وغسل الوجه والأنف بالماء عند التعرض لموجة غبار، وتجنب لمس الأنف والعينين باليدين، والمواظبة على غسل اليدين قبل لمس الوجه عمومًا. كما يُنصح باستخدام معدات الحماية للعين ومتابعة توقعات الأرصاد الجوية لاتخاذ الاحتياطات اللازمة، وتجنب السير على الأقدام والبقاء في الأماكن المغلقة قدر الإمكان. وفي حال تسرب الأتربة إلى داخل المنزل، يمكن وضع قطعة قماش مبللة بالماء على الفم والأنف لتخفيف حدة استنشاق الغبار.
الوجه الآخر للطوز.. خسائر في الرؤية الزراعة والسياحة
لا تتوقف أضرار رياح الخماسين عند الجانب الصحي، بل تمتد لتشمل النواحي البيئية والاقتصادية أيضًا. فتدني مستوى الرؤية يؤثر سلبًا على حركة المرور والطيران. ما يزيد من معدلات حوادث الطرق. كما أن الغبار والأتربة المتراكمة تتلف المزروعات وتؤثر على الإنتاج الزراعي. بالإضافة إلى ذلك، يصاحب رياح الخماسين ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة يتراوح بين 10 و 15 درجة مئوية. ما يؤثر سلبًا على حركة السياحة والأنشطة الخارجية.
ختامًا، تمثل رياح الخماسين تحديًا صحيًا وبيئيًا واقتصاديًا للمناطق التي تهب عليها خلال فصل الربيع. وتعتبر الفئات الأكثر عرضة للخطر هم مرضى الجهاز التنفسي والأطفال وكبار السن. لذا، فإن الالتزام بإجراءات الحماية والوقاية، مثل ارتداء الكمامات وتجنب التعرض المباشر للأتربة قدر الإمكان، يعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان السلامة والحد من الإصابة بالأمراض والآثار السلبية لهذه الظاهرة الجوية الموسمية.