روز العودة تكتب: الإنسانية في أبسط صورها

نتخطى أثناء ممارسة حياتنا اليومية كثيرًا من الأشياء المهمة والأحداث؛ بسبب توترنا من تفاصيل حياتنا، وسعينا إلى تحقيق أحلامنا، وبحثنا عن تحقيق النجاحات.

إنها تفاصيل كثيرًا ما تشغل تفكيرنا، وتُفقدُنا القدرة على رؤية أشياء قريبة جدًا منا، ثم تضعنا ظروف الحياة أثناء حركتنا أمام موقف يعيد إلينا التفكير في طريقة نظرتنا وممارستنا للحياة؛ فنكتشف تفاصيل كثيرة لم نلتفت إليها، مع أنها أمام عيوننا، وربما نمر عليها كل لحظة.

ومن بين الأشياء التي ننساها أو نتناساها، طريقة تعاملنا ونظرتنا إلى العمالة المنزلية وغير المنزلية التي جاءت لخدمتنا؛ بسبب ظروف اقتصادية، أو اجتماعية، أو سياسية مروا بها، تاركين وراءهم أوطانهم وأبناءهم وإخوانهم وأخواتهم، انتقلوا مجبرين إلى عوالم جديدة، وثقافات مختلفة، واختاروا مُجبرين العيش وسط أناس لا يعرفونهم، ولكنهم يرغبون في خدمتهم، بل ويتفانى بعضهم في ذلك، مع استعدادهم لتقديم المزيد من الخدمة.

وفي المقابل، يسئ البعض فهمهم ونظرتهم إليهم، بل يعتبرونهم مجرد هامش يجب التعامل معه في حدود خدمتهم وما يستطيعون تقديمه في أي وقت، وأي مكان، وبدون أي اعتبارات لجوانب أخرى.

والشاهد، أنك إذا فكرت في أن تكون مكان أحدهم، مثلما فعلتُ ذات مرة عندما وضعتني ظروف الحياة في التواجد قريبًا منهم في رحلة طيران؛ حيث أحسست بمعاناتهم أثناء بحثهم عن سبل العيش، فأعاد الموقف إلى تفكيري ما كان غائبًا عني.

قد يهمك: روز العودة تكتب: هل وقعنا أسرى لمواقع التواصل الاجتماعي؟

لقد انتابني بسبب ذلك، حزن عميق لطريقة نظرة البعض وتعاملهم معهم كبشر لهم حقوقهم الإنسانية، وربما كان هذا الموقف مدخلًا مهمًا لنحاول معًا تغيير نظرتنا إلى هذه العمالة من منظور جديد يستند على احترامهم والاهتمام ولو جزئيًا بظروفهم الإنسانية والاجتماعية، واحترام خصوصيتهم وحقهم في الحصول على حقوق العمل، واحترام مشاعرهم وكرامتهم عندما نضع أمامنا وفي جوهر فهمنا وتفكيرنا الظروف التي فرضت عليهم، أن يبحثوا عن فرص عمل في عوالم مختلفة.

الإنسانية

إنه أمر ليس بالعسير، ولكنه يتطلب انتهاج أسلوب لا يختلف عن عاداتنا، بل فقط في لحظة تفكير تجعلنا نهتم بتفصيلة صغيرة كنا نتجاهلها، علينا إضافتها إلى تفاصيل حياتنا؛ فهي لن تزيد أو تنقص من فكرنا أو أموالنا أو تدخلنا في التزامات جديدة، ولكنها قد تجعلنا مجتمعًا متفردًا في نظرته للإنسان.

هذا المنحى، يمثل رسالة مجتمعية عالمية ينقلها من يعملون عندنا أو معنا إلى مجتمعاتهم وحكوماتهم وأسرهم؛ فنكسب بعدًا جديدًا في القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية؛ فالأمر ليس صعبًا، ولكنه مجرد تغيير طفيف في نظرتنا للأشياء لن يُنقِص من مراكزنا وأدوارنا، بل يمنح الآخرين دفعة لمجرد منحهم الثناء، واحترامهم، ومنحهم حقوقهم، فنكون بذلك قد اختزلنا الإنسانية في أبسط صورها، وأسمى معانيها، وأعلى درجاتها.

روز العودة رئيس التحرير

 

اقرأ أيضًا: روز العودة تكتب: كيف نحقق السعادة؟