يمر جميع الأطفال بمرحلة من العنف أو العدوان، خاصة في السنوات الأولى من حياتهم. وقد يعبّر الطفل عن غضبه أو إحباطه من خلال الصراخ، أو الضرب، أو العض، أو حتى تحطيم الأشياء.
وعلى الرغم من أن هذه السلوكيات قد تكون مزعجة ومقلقة للآباء فإنها جزء طبيعي من نمو الطفل وتعلّمه كيفية التعبير عن مشاعره. في “الجوهرة” يوضح لنا الدكتور أحمد موسي الناجي؛ استشاري الصحة النفسية، أهم أسباب العدوانية عند الأطفال الصغار. وكيف يمكن للآباء التعامل معها وتوجيه سلوك أطفالهم نحو سلوك أكثر إيجابية.
أسباب العدوانية عند الأطفال
قال د. أحمد الناجي: “يعد السلوك العدواني لدى الأطفال ظاهرة شائعة تتعدد أسبابها. وغالبًا ما يعجز الطفل الصغير، بسبب قلة نضجه اللغوي. عن التعبير عن مشاعره بالكلمات فيلجأ إلى العنف كوسيلة للتعبير عن غضبه أو إحباطه. كما قد يقلد السلوك العدواني الذي يراه في محيطه، سواء كان ذلك من خلال ملاحظة سلوك الكبار أو التعرض لمحتوى عنيف في وسائل الإعلام”.
وأضاف: ربما يشعر الطفل بالغيرة والحسد من إخوته أو أقرانه. ما يدفعه إلى التصرف بعدوانية للحصول على اهتمام أكبر. مشيرًا إلى العوامل البيئية مثل الإرهاق والجوع التي قد تساهم في زيادة العصبية والتهيج لدى الطفل، وهذا يجعله أكثر عرضة للتصرف بعنف.
وتابع: في بعض الحالات يكون السلوك العدواني ناتجًا عن مشاكل نفسية أعمق، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، والذي يتطلب تدخل متخصص.
نصائح للتعامل مع سلوك الطفل العدواني:
قدم استشاري الصحة النفسية بعض النصائح المهمة للوالدين للتعامل الصحي مع هذا السلوك. قائلًا: “يتطلب التعامل مع السلوك العدواني عند الأطفال صبرًا وحكمة من الأهل. فبدلًا من اللجوء إلى العقاب البدني أو الصراخ الذي يزيد الأمور سوءًا. يجب على الأهل أن يتحلوا بالهدوء ويحاولوا فهم الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك. ومن الضروري التواصل مع الطفل بلغة بسيطة ومناسبة لعمره، وتشجيعه على التعبير عن مشاعره بحرية وأمان”.
وأكد أنه يجب على الأهل تحديد حدود واضحة للسلوك المقبول وغير المقبول داخل المنزل. مع الحرص على شرح الأسباب وراء هذه القواعد بلغة إيجابية. مضيفًا: يمكن تجاهل السلوكيات الطفيفة التي لا تؤذي أحدًا؛ حيث إن هذا قد يقلل من تحفيز الطفل على تكرارها. من ناحية أخرى لا بد من مكافأة السلوك الإيجابي والثناء على الطفل عندما يتصرف بشكل جيد. ويمكن استخدام المكافآت الصغيرة كحافز إضافي.
وأوضح “الناجي” أنه من المهم أيضًا تدريب الطفل على المهارات الاجتماعية الأساسية، مثل: كيفية التعامل مع المشاعر الصعبة وحل المشكلات بطرق سلمية. والأهم من ذلك يجب أن يكون الأهل قدوة حسنة لأطفالهم؛ حيث يقلد الأطفال سلوك الكبار. لذا على الأهل أن يظهروا لأطفالهم كيفية التعبير عن المشاعر بشكل صحي والتعامل مع الغضب بطريقة بناءة.
استشارة متخصص
واستطرد الدكتور أحمد الناجي: إذا استمرت المشكلة ولم يستجب الطفل للتدخلات الأبوية فمن المستحسن استشارة متخصص في الصحة النفسية للأطفال، مثل: طبيب الأطفال أو إخصائي نفسي؛ لتقييم الحالة وتقديم المساعدة اللازمة.
واختتم قائلًا: “العدوانية عند الأطفال هي مشكلة شائعة يمكن التعامل معها بنجاح من خلال الصبر والتوجيه المناسب. وعن طريق فهم أسباب هذا السلوك وتطبيق الاستراتيجيات المناسبة يمكن للآباء مساعدة أطفالهم في تطوير مهارات اجتماعية أفضل والتعبير عن مشاعرهم بطرق صحية”.