حوار| ماذا يعني اضطراب طيف التوحد؟ اختصاصيّة تخاطب توضح أسباب انتشاره

خاص|ما هو اضطراب طيف التوحد؟.. ميرفت محمد أخصائية تخاطب ومقاييس نفسية تشرح
خاص|ما هو اضطراب طيف التوحد؟.. ميرفت محمد أخصائية تخاطب ومقاييس نفسية تشرح

كشفت دراسات علمية حديثة، أن معدلات الإصابة باضطراب طيف التوحد زادت لدى الأطفال في السنوات الأخيرة؛ ما رفع أهمية تسليط الضوء على هذا الاضطراب؛ سواء أعراضه أو طرق التعامل مع المصابين به لمساعدتهم في الاندماج مع مَن حولهم بسهولة.

ميرفت محمد أخصائية تخاطب ومقاييس نفسية في حوار خاص لـ”الجوهرة”

لذا، ولأهمية التعرف على هذا الاضطراب، أجرت “الجوهرة” حوارًا خاصًا مع ميرفت محمد؛ أخصائية التخاطب والمقاييس النفسية، والتي تحدثت عن أهمية دراسة هذا المجال وكيف انعكس على حياتها الشخصية والأسرية؟ إلى جانب شرح ما يتعلق بهذا الاضطراب.. وإلى نَص الحوار:

التوحد

– بم تقدمين نفسك لجمهور القراء؟

اسمي ميرفت محمد؛ أخصائية تخاطب ومقاييس نفسية، أبلغ من العمر 42 عامًا، حاصلة على ليسانس علم نفس جامعة الأزهر، وحاصلة على 3 دبلومات في مجال دراستي بتقدير امتياز من جامعة عين شمس المصرية.

– ما سبب اختيارك مجال التخاطب للدراسة؟

اخترت علم التخاطب والمقاييس النفسية ليكون مجال دراستي؛ لأتمكن من مساعدة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ إذ إنهم في حاجة ماسة لمن يفهمهم ويشعر بهم ويقدم لهم يد العون ويساعدهم على الاندماج في المجتمع.

وبالفعل ومن خلال دراستي، تمكنت من مساعدة كثيرين من هؤلاء الأطفال، وكنت أشعر بسعادة غامرة كلما رأيت أحد هؤلاء الأطفال سعيدًا قادرًا على التعامل مع من حوله بسهولة.

– كيف انعكست دراستك على حياتك الأسرية؟

على الرغم من أن دراستي متخصصة في التعامل مع الأطفال ذوي الهمم؛ إلا أنها ساعدتني في أفهم أكثر لاحتياجات أبنائي، والتعامل معهم بما يناسب سنهم وعقلهم، رغم أنهم أطفال عاديين وليس من ذوي الهمم.

اضطراب طيف التوحد
اضطراب طيف التوحد

– اضطراب طيف التوحد هو أحد أشهر المشكلات التي تواجه الأطفال حاليًا.. فما هذا الاضطراب؟ وما أعراضه؟

اضطراب طيف التوحد “بالإنجليزية: Autism Spectrum Disorder أو ASD” هو اضطراب في النمو العصبي يؤثر على كيفية تفاعل الشخص مع الآخرين والتواصل معهم. ويشمل ذلك:

  • مشكلات في التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي.
  • أنماط سلوكية مقيدة ومتكررة.

ويطلق عليه “طيف”؛ لأنه يؤثر على الأشخاص بدرجات متفاوتة وبطرق مختلفة.

كما تتمثل أهم أعراض اضطراب طيف التوحد في:

  • صعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي؛ مثل صعوبة فهم الإشارات الاجتماعية؛ مثل تعابير الوجه ولغة الجسد.
  • صعوبة تكوين صداقات والحفاظ عليها.
  • تجنب التواصل البصري.
  • تأخر أو غياب تطور اللغة المنطوقة.
  • صعوبة في بدء المحادثات أو فهمها.
  • عدم القدرة على فهم مشاعر الآخرين.
  • أنماط سلوكية مقيدة ومتكررة؛ مثل حركات نمطية متكررة؛ مثل رفرفة اليدين أو التأرجح.
  • الالتزام الشديد بالروتين وصعوبة تقبل التغيير.
  • اهتمامات محددة ومكثفة.
  • حساسية مفرطة أو قليلة للمؤثرات الحسية؛ مثل الضوء أو الصوت أو الملمس.
  • ترتيب الأشياء بطريقة معينة والانزعاج عند تغيير ترتيبها.
  • تكرار الكلمات أو العبارات.
  • اللعب بالألعاب بطريقة نمطية ومتكررة.
ميرفت محمد، أخصائية التخاطب والمقاييس النفسية
ميرفت محمد، أخصائية التخاطب والمقاييس النفسية

 

ومع ذلك، من المهم الانتباه إلى أن أعراض اضطراب طيف التوحد تظهر عادةً في مرحلة الطفولة المبكرة، قبل سن الثالثة.

ويختلف تأثير اضطراب طيف التوحد من شخص لآخر؛ حيث يعاني بعض الأشخاص من إعاقات شديدة بينما يعاني آخرون من تحديات خفيفة.

كما أنه لا يوجد علاج شافٍ لاضطراب طيف التوحد حتى الآن، لكن التدخل المبكر والعلاج السلوكي والوظيفي يمكن أن يساعد الأطفال والبالغين على تطوير مهاراتهم وتحسين نوعية حياتهم.

وهنا يجب الانتباه إلى أن بعض الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد قد يكون لديهم قدرات استثنائية في مجالات معينة؛ مثل الرياضيات أو الموسيقى أو الذاكرة.

– كيف يمكن التعامل مع الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد؟

التعامل مع طفل مصاب باضطراب طيف التوحد يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة هذا الاضطراب وخصائصه، بالإضافة إلى الصبر والمرونة والإبداع.

وهناك بعض النصائح والإرشادات التي يمكن أن تساعد في التعامل مع طفل مصاب باضطراب طيف التوحد، منها:

1. فهم سلوكيات الطفل:

  • فهم دوافع السلوك: حاولي فهم الأسباب الكامنة وراء سلوكيات الطفل؛ فقد تكون ناتجة عن صعوبات في التواصل أو حساسية للمؤثرات الحسية أو الحاجة إلى الروتين.
  • تجنب افتراض النية السيئة: لا تفترضي أن الطفل يتعمد التصرف بطريقة سيئة؛ بل حاولي فهم وجهة نظره.
  • مراقبة المثيرات: انتبهي إلى المثيرات التي قد تسبب سلوكيات معينة للطفل؛ مثل الضوضاء أو الازدحام أو التغييرات المفاجئة في الروتين.
اضطراب طيف التوحد
اضطراب طيف التوحد

2. التواصل الفعال:

  • استخدام لغة بسيطة وواضحة: تحدثي ببطء ووضوح، واستخدمي جملًا قصيرة وسهلة الفهم.
  • استخدام وسائل التواصل البصرية: استخدمي الصور والرسومات والجداول البصرية لدعم التواصل اللفظي.
  • الانتباه إلى لغة الجسد: انتبهي إلى تعابير وجه الطفل ولغة جسده، وحاولي فهم ما يحاول قوله.
  • الصبر والاستماع: كوني صبورة واستمعي جيدًا إلى ما يحاول الطفل قوله، حتى لو كان ذلك صعبًا.

3. إنشاء بيئة داعمة:

  • الالتزام بالروتين: حافظي على روتين يومي ثابت قدر الإمكان، وحاولي تجنب التغييرات المفاجئة.
  • توفير بيئة هادئة ومنظمة: قللي من المثيرات الحسية في البيئة المحيطة بالطفل؛ مثل الضوضاء والأضواء الساطعة.
  • إنشاء منطقة آمنة: خصصي مكانًا هادئًا في المنزل يمكن للطفل اللجوء إليه عندما يشعر بالإرهاق أو الانزعاج.

4. التركيز على الإيجابيات:

  • تعزيز نقاط القوة: ركزي على نقاط قوة الطفل وقدراته، وشجعيه على تنميتها.
  • مكافأة السلوك الجيد: كافئي الطفل على السلوكيات الإيجابية، واستخدمي التعزيز الإيجابي لتشجيعه على تكرارها.
  • تجنب التركيز على السلبيات: لا تركزي على السلوكيات السلبية، وحاولي تجاهلها قدر الإمكان أو التعامل معها بهدوء.

5. الحصول على الدعم:

  • التواصل مع المختصين: استشيري الأطباء والمعالجين والمختصين في مجال اضطراب طيف التوحد للحصول على الدعم والإرشاد.
  • الانضمام إلى مجموعات الدعم: انضمي إلى مجموعات دعم الأهل والأسر التي لديها أطفال مصابون بالتوحد؛ حيث يمكنك الحصول على الدعم وتبادل الخبرات.
  • الاعتناء بنفسك: لا تنسِ الاعتناء بنفسك والحصول على قسط كافٍ من الراحة والدعم، فالتعامل مع طفل مصاب بالتوحد قد يكون مرهقًا.
اضطراب طيف التوحد
اضطراب طيف التوحد

– هل الإفراط في استخدام الهواتف المحمولة يعزز إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد؟

هناك جدل ونقاش مستمر حول العلاقة بين استخدام الهواتف المحمولة واضطراب طيف التوحد، لكن لا يوجد حتى الآن إجماع علمي قاطع يثبت أن استخدام الهواتف المحمولة يسبب بصورة مباشرة التوحد.

ومع ذلك، هناك بعض النقاط المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار؛ منها:

  • إن اضطراب طيف التوحد يعد اضطرابًا نمائيًا عصبيًا؛ ما يعني أنه يرتبط بتطور الدماغ والجهاز العصبي، وتبدأ أعراض التوحد في الظهور خلال مرحلة الطفولة المبكرة، وغالبًا قبل سن الثالثة.
  • قد يؤدي الإفراط في استخدام الهواتف المحمولة إلى تقليل فرص الطفل في التفاعل الاجتماعي المباشر مع الآخرين. وهذا قد يؤثر سلبًا على تطور مهارات التواصل الاجتماعي والتفاعل اللفظي وغير اللفظي، وهي مهارات أساسية للأطفال.
  • من المهم الانتباه إلى “التوحد المكتسب”، وهو مصطلح يشير إلى حالات يظهر فيها الطفل أعراضًا شبيهة بالتوحد نتيجة لعوامل بيئية؛ مثل الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية.

في هذه الحالات، قد لا يكون الطفل مصابًا بالتوحد بالمعنى النمائي العصبي، لكن سلوكياته تشبه سلوكيات أطفال التوحد.

وهناك بعض الدراسات التي تشير إلى وجود صلة بين استخدام الأجهزة الإلكترونية لفترات طويلة، وظهور بعض الأعراض المشابهة للتوحد.

ومع ذلك، لا تزال هذه الدراسات محدودة، وهناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لتحديد طبيعة هذه العلاقة بدقة؛ ولذلك ينصح الخبراء بتقليل وقت استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف المحمولة، وتشجيعهم على التفاعل الاجتماعي المباشر واللعب مع الأطفال الآخرين.

الرابط المختصر :