يحمل على كاهله سجلًا حافلًا بالإنجازات في مجالات متعددة، بدءًا من الموارد البشرية وعلم الاجتماع ووصولًا إلى التدريب والتنمية البشرية، ويتمتع بخبرة واسعة في المجال الأكاديمي والاستشاري، هذا هو البروفيسور ممدوح بن سعد الدوسري، أحد أهم الشخصيات العربية في مجال التنمية البشرية وعلم الاجتماع.
ويشاركنا ممدوح بن سعد الدوسري، في حوار خاص لـ”الجوهرة”، رؤيته حول مستقبل التنمية البشرية في المنطقة، وكيف يمكن الاستفادة من الخبرات المحلية والعالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في هذا الحوار الممتد على ثلاثة أجزاء، نتعرف على رؤيته حول مستقبل المملكة، وكيف يمكننا بناء مجتمعات أكثر استدامة وازدهارًا.
وإلي نص الجزء الأول من الحوار
كيف بدأت رحلتك في علم الاجتماع والتنمية البشرية؟ وما المحطات الأساسية التي أثرت في مسيرتك الأكاديمية والمهنية؟
بدأت رحلتي في علم الاجتماع والتنمية البشرية عندما كنت طالبًا في الصغر؛ حيث اكتشفت شغفي لفهم السلوك الإنساني والعوامل التي تشكله وكان لوالديً -رحمهما الله- دورًا كبيرًا في العمل التطوعي والاجتماعي والإنساني.
ومن خلال دراستي، تعمقت في موضوعات؛ مثل: “تأثير الثقافة والبيئة على الفرد”، وهو ما أثر بشكل كبير في اختيار مساري المهني.
ومن أبرز المحطات في رحلتي كانت الفرصة للعمل مع مؤسسة تعليمية مرموقة؛ حيث قمت بتطوير برامج للتنمية الشخصية والمهنية للشباب. هذه الخبرات عززت إيماني بأهمية التعليم والتوجيه الصحيحين في تمكين الأفراد وتحقيق تغيير إيجابي في المجتمع.
بعد خبرتك الطويلة في هذا المجال.. ما التحديات التي واجهتك خلال مسيرتك الأكاديمية؟ وكيف تغلبت عليها؟
خلال مسيرتي الأكاديمية، واجهت العديد من التحديات. لكن أبرزها كان التوفيق بين البحث الأكاديمي والتطبيقات العملية في ميدان التنمية البشرية.
في بعض الأحيان، كان من الصعب إيجاد البيانات المناسبة لدعم نظريات جديدة أو تطبيق مفاهيم علم الاجتماع بشكل يحقق تأثيرًا ملموسًا وإيجابيًا في المجتمع.
وللتغلب على هذه التحديات، ركزت بشكل كبير على العمل الميداني وبناء شراكات مع مؤسسات ومنظمات محلية لفهم أفضل للمشاكل الاجتماعية واختبار حلول عملية.
كما اعتمدت على شبكتي المهنية لجمع المعلومات والبيانات اللازمة لأبحاثي؛ ما ساعدني على تطوير حلول تنموية فعّالة تستجيب للتحديات الفعلية التي تواجه المجتمعات.
كيف ترى أهمية علم الاجتماع والتنمية البشرية في بناء المجتمعات الحديثة.. خاصة في ظل التغيرات السريعة التي نشهدها اليوم؟
علم الاجتماع والتنمية البشرية لهما أهمية بالغة في بناء المجتمعات الحديثة. وهذا الأمر ينطبق بشكل خاص على المجتمع السعودي في ظل الرؤية الوطنية 2030 التي تستهدف تحولات اجتماعية واقتصادية جذرية.
علم الاجتماع يساعدنا على فهم ديناميكيات هذا التحول، خاصة فيما يتعلق بالتغيرات في نمط الحياة، التوجهات الثقافية، والتحديات الاجتماعية التي ترافق الحداثة والانفتاح.
من جهة أخرى، تقوم التنمية البشرية بتسليح المواطنين بالمهارات والمعارف اللازمة للمساهمة بفعالية في هذه العملية الانتقالية.
نحن نشهد في السعودية تحديات؛ مثل: “التغير في دور المرأة في العمل والمجتمع، التحول نحو اقتصاد أقل اعتمادًا على النفط، وتنامي الوعي بالصحة النفسية والاجتماعية”. وعلم الاجتماع يوفر لنا أدوات لتحليل هذه التحديات وفهم كيفية التأقلم معها. بينما تعمل التنمية البشرية على تطوير البرامج التي تدعم الأفراد والمؤسسات في التكيف مع هذه الديناميكيات الجديدة.
وبفضل هذه المجالات، يمكننا التخطيط لمستقبل يتميز بمجتمع متكامل ومستدام يسهم في تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية 2030، من خلال تمكين الأفراد وتحفيز الابتكار والإبداع في جميع أوجه الحياة.
التنمية البشرية موضوع مهم يتداخل مع جوانب حياتية عدة.. من وجهة نظرك ما العناصر الأساسية لتحقيق تنمية بشرية فعالة ومستدامة؟
تتطلب التنمية البشرية مقاربة شاملة تراعي العديد من الجوانب الأساسية.. من وجهة نظري؛ هناك عدة عناصر يجب الأخذ بها لتحقيق تنمية بشرية مستدامة:
– التعليم والتدريب؛ حيث يوفير تعليم جيد وفرص تدريب مستمرة للأفراد ضروري لتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. التعليم لا ينبغي أن يقتصر على المعرفة الأكاديمية فقط؛ بل يجب أن يشمل مهارات الحياة والتدريب المهني الذي يعزز قابلية التوظيف.
– الصحة؛ ذلك لأن الاستثمار في الصحة العامة من خلال توفير خدمات صحية جيدة وتشجيع نمط حياة صحي يعد ركنًا أساسيًا. صحة الأفراد تؤثر مباشرة على إنتاجيتهم وقدرتهم على المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
– العدالة الاجتماعية؛ يجب ضمان المساواة في الفرص وتوزيع عادل للموارد للجميع، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الخلفية الاقتصادية. فتعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية يساعد في بناء مجتمعات متماسكة ومستقرة.
التكنولوجيا والابتكار؛ في عصرنا هذا، لا يمكن تجاهل دور التكنولوجيا في تعزيز التنمية البشرية. والاستثمار في التقنيات الجديدة ودعم الابتكار يمكن أن يقود إلى حلول مبتكرة لتحديات عديدة؛ مثل: “التعليم، الصحة، والبيئة”.
الاستدامة البيئية؛ فالتنمية البشرية يجب أن تكون مستدامة وتأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. ويتطلب ذلك سياسات وممارسات تضمن التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.
المشاركة المجتمعية؛ تعزيز المشاركة المجتمعية وتمكين الأفراد من الانخراط في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم يساهم في تنمية بشرية أكثر فعالية. فالمشاركة الفعالة تضمن أن يكون للسياسات العامة دعم واسع وتتلاءم مع احتياجات وتطلعات المواطنين.
بتركيزنا على هذه العناصر، يمكننا تحقيق تنمية بشرية ليست فقط فعالة للحاضر. ولكن أيضًا مستدامة للمستقبل. هذه المقاربة تعد جوهرية لبناء مجتمعات حديثة قادرة على التعامل مع التحديات المعقدة في عالمنا المتغير.
كيف يساهم علم الاجتماع في دعم السياسات العامة والتنموية بالمملكة؟
علم الاجتماع يلعب دورًا حاسمًا في تشكيل ودعم السياسات العامة والتنموية بالمملكة العربية السعودية. خاصة في ضوء الأهداف الطموحة المحددة في رؤية 2030. يمكن لهذا العلم أن يقدم فهمًا عميقًا للديناميكيات الاجتماعية، ويساهم في تحليل التحديات التي تواجه المجتمع السعودي واقتراح حلول فعالة.