الولادة في التراث السعودي

كانت قديمًا أيام أول الولادة صعبة، وكثيرًا من النساء يتعبن في الولادة، والبعض يتعسرن، وتقوم المساعدة، بمسود المرأة حتى يحين موعد ولادتها. وأول ما تبدأ عليها علامات الوحم وحينما تشعر المرأة بأنها حملت تعم الفرحة البيت وكانت المرأة قديمًا وهي حامل تعمل في البيت تكنس تخيط، وتجلب الحطب والماء حتى في أشهرها الأخيرة. وذلك بسبب عدم وجود الخدم. وقبل موعد الولادة بشهر أو شهرين، ولأن البعض يلدن في الشهر السابع تقوم الأم بتجهيز ما يلزم لابنتها وكذلك تشاركها أم الزوج بالتجهيز.

الأغراض التي تحتاجها

الملح، المهدات الثياب – ما يسمى بتفصيلة العافية، المتر المقعدة، المشاية، الحسو وهو عبارة عن : الحبة الحمرة «الرشاد» وتنظيفه من الأعواد ونسفه وتخزينه إلى موعد الولادة، بالإضافة إلى البيض والزنجبيل والدهن السعودي والسكر لعمل الحسو؛ لأنه من الوجبات الضرورية للمرأة الوالدة. حديثًا والبعض الآخر يضيف الدقيق بعد تحميره لعمل الجلاب، والبعض يضيفون اللومي الأسود والفلفل الأسود. حيث إن الحسو ينظف المرأة بعد الولادة. ويقوم أهل المنزل بتربية الدجاج وبعض الأغنام. لحين ولادة الحامل ولا يغفلون عن وجبة التمر.

والسمك، ويقدم للمرأة الوالدة 30 وجبة هي: الريوق، ويتكون من العصيدة – الخبيصة -البلاليط – الحليب الطازج – بيض الدجاج بالإضافة إلى الحلبة يوميًا والحسو.. والعجيلي والخنفروش أما بالنسبة للغداء والعشاء، فيتكون من اللحم والدجاج والسمك؛ حيث تحشى الدجاجة بالبصل والبهارات الحارة وقبل أن تأكلها المرأة الوالدة تستنشقها حتى تبخ في جسمها. كذلك يقدم لها المضروبة والمرقوقة والكبسة. أما بالنسبة للماء فهو فنجان قهوة يقدم مع الوجبات حتى الأمهات كانوا يقولون: إن الملح يطلع من أظافرنا من شدة العطش، كتشبيه عن العطش، وذلك حتى لا ينفخ البطن، وكانت تجبر على الأكل إذا لم تأكل، ويقولون لها كلي لأن طالع منك أبو أربع قوائم وحتى تدر الحليب لابنها، أو ابنتها.

قبل الولادة

 

شرب الماء بكثرة يعمل على ترخية الرحم وعندما يحين موعد الولادة تحضر المرأة التي سوف تقوم بتوليد البنت فيوضع لها حديدة أو قطعة خشب تغرس في أرض الدار لكي تطلق عليها، وإذا تعسرت الولادة يأتون بامرأة لها دراية بذلك لتساعدها على الولادة وتمسدها لتسهل عليها الطلق.. وعندما تلد يربط سر المولود بخيط أسود لين ينقطع ويداوي السرة بالكحل والمرة يوميًا حتى يطيب، ويربط في طرفه قطعة معدنية ثم يغسل المولود بماء دافئ، ويلف بالمهاد وتسلمه الداية لوالده؛ حيث يقوم الوالد بالأذان في أذنه اليمنى، ويقيم في أذنه اليسرى، ويطلق عليه الاسم ويكون الاسم الأول والثاني من اختيار الأب.

تقوم الأم على ظهرها أو تترك في مكانها الذي ولدت فيه ويضغط على بطنها حتى تطلع المشيمة ثم تنظف بماء فيه ملح. وتوضع المرأة على إناء دافئ وهو عبارة عن كمادات. وتتلطف بالملح في فترة النفاس يوميًا وهو عبارة عن كورات صغيرة من الملح. لين تنظف ثم تدخل عليها أمها وأهلها وزوجها، ويباركون لها بالمولود وتقدم لها الهدية الصوغة وتجلس المرأة الوالدة في بيتها، وتقوم أمها أو أم الزوج بخدمتها وخدمة طفلها. وكان سرير الطفل يصنع من جريد النخيل أو شاطوحة، وتقوم الأم بتمهيد الطفل وتكحيله ومسوده مدة أربعين يومًا.

تبخير الأم والياهل أي الطفل

وكل يوم وقت المساء يبخرون الياهل بالسويدة والسحمة واللبان لإبعاد الشيطان والحسد. وكذلك الأم يبخرونها يوميًا بالشية والسويدة واللبان. ولا تنزل الأم لوحدها بل معها أحد من عشر أيام وفي حالة المغص يوضع تحت رأس الياهل ملحة فارسية والقرآن.

وكان هناك نسوة يرضعون عيالهم مع عيال أقاربهم وقت الضحى عندما ينقطع الحليب من الأم. ولا يفطم الياهل إلا بعد حولين. أو عندما تحمل الأم بسرعة ومع عيال الجيران. وإذا استردت المرأة صحتها قبل كمال الأربعين. تترك ضناها مع أحد إخوانه وتقوم بالعمل في المنزل والمرأة الوالدة حديثًا لا تدخل على العروس؛ لأن في اعتقادهم أن العروس محروسة.

والمرأة كانت تحمل وتولد وتملأ البيت بالأولاد. فالولد عز وعزوة، لكن البنت هي الذخر وهي راعية أمراض الأم والأب وكاتمة أسرارهما. وقديمًا قالوا: الرجل اللي ما جب بنية ما خلف.

توزيع الخيرات على الأهل والجيران

وعندما يوزع الحسو لا يرجع الماعون خاليًا بل يوضع فيه السكر والبيض من قبل الذين  يشربونه. ويدعون لها بالخير والبلوغ في عيالها. وعندما يأتي أحد لزيارتها يقومون بتقديم الطفل الصغير للناس في عطائه النحيلة وهي عبارة عن نقود أو قطع ذهب.

وفي كل فريج توجد ولادة تولد النساء، وكذلك كانت السرة لما يطيح يدفن في البيت. بالنسبة للبنت أما الولد فيدفن سره في المسجد. لتصبح البنت راعية بيت، ويصبح الولد قلبه متعلق بالمسجد.

الرابط المختصر :