"العنوسة".. كارثة اجتماعية تهدد الوطن العربي

البطالة والإسكان والمهور والظروف الاقتصادية أسباب تعدد الظاهرة

عادل عامر: العنوسة للرجال تدفع الشباب على إدمان المخدرات

إقبال درندري: المبالغة في المهور تسببت في عزوف الشباب عن الزواج

تعد المغالاة في المهور أحد التقاليد والعادات الموروثة من قديم الزمان، ما ساعد على ارتفاع مقلق لمعدلات العنوسة في الوطن العربي، وتراجع الكثير من الشباب عن قرار الزواج بسبب ارتفاع تكلفته، وتفضيل الكثير من الشباب للعزوبية، وعدم رغبتهم في تحمل مسؤولية أمور الزواج.

وساهم ارتفاع نسبة البطالة في الوطن العربي وتراجع معدلات التشغيل؛ بسبب فشل كثير من أنظمة الإصلاح الاقتصادي التي طبقتها الدول العربية في زيادة معدلات العنوسة بين الفتيات وفقًا للعديد من المنظمات الإحصائية، حيث وصلت عدد العوانس في آخر إحصائيات معلنة إلى أكثر من 20 مليون عانس في الوطن العربي، وسجلت فلسطين أقل معدلات للعنوسة فى الوطن العربى بلغ 7%، وجاءت البحرين في المركز الثاني بنسبة 25%، واليمن 30%، والكويت وقطر وليبيا 35%.

وتساوت المغرب مع مصر في معدلات العنوسة بنسبة 40 %، فيما جاءت السعودية والأردن بنسبة 45%، والجزائر 51%، وفى تونس العراق وسوريا 65%، وفي الإمارات 70%، فيما سجلت لبنان أعلى نسب العنوسة فى الوطن العربى حيث وصلت إلى 85%.

وأكد خبراء ونشطاء التقتهم مجلة "الجوهرة" أن عدم المغالاة في المهور من قبل الأسر يعد حل مثالي للمساهمة في القضاء على العنوسة بين الفتيات في الوطن العربي، فضلًا عن ضرورة النظر بشكل مختلف لمشكلة البطالة وإيجاد حلول واقعية لحلها.

وترى الدكتورة إقبال درندري؛ عضوة مجلس الشورى السعودي، أن المهور وتكاليف الزواج تحتاج لتقنين يمنع المبالغة فيها، وخاصة أن هذه المبالغة تسببت في عزوف الشباب عن الزواج، فضلًا عن تعثرهم وعدم تفكيرهم في بدء حياتهم.

وأضافت درندري في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن المهر من المفترض فيه أنه هدية لطلب الود وليس التعاسة، أما حقوق المرأة الأساسية فلا ترتبط بمهر أو نفقة، ويمكن اكتساب بعض الصلاحيات للمنفق سواء رجل أو امرأة.

ودشن مؤخرًا رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، هاشتاج بعنوان #الغاء_المهور_مطلبنا، وذلك نتيجة المبالغة الكبيرة في المهور من قبل أهالي الفتيات السعوديات، حيث يبلغ الحد الأدنى للمهر في بعض المحافظات مثل الأحساء 20 ألف ريال ،فيما يصل في محافظات أخرى إلى 100 ألف ريال.

وفي مصر تعد عادات الزواج المكلفة في بعض الأسر سبب كبير لارتفاع نسبة العنوسة والتي وصلت في آخر إحصائيات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى 472 ألف أنثى بنسبة 3.3% من إجمالى عدد الإناث في الفئة العمرية 35 عامًا فأكثر، وذلك خلال عام 2017، مقابل 687 ألف حالة ذكور بنسبة 4.5% من إجمالى أعداد الذكور فى الفئة العمرية المشار إليها.

وطبقًا للحالة التعليمية، سجلت الإناث الحاصلات على مؤهل جامعى فأكثر ولم يتزوجن من قبل، أعلى نسبة للعنوسة فوق سن 35 عاما، حيث بلغت النسبة بينهن 5.8%، تلاها من تعرف القراءة والكتابة بنسبة 4.1%، ثم الحاصلات على شهادة متوسطة وفوق المتوسط بنسبة 3.2%، وفى المقابل جاءت النسبة الأقل بين الحاصلات على شهادة أقل من المتوسطة بنسبة 2.4%.

ويرى الدكتور عادل عامر؛ عضو المجلس الدولي لحقوق الانسان والتنمية، أن أسباب انتشار العنوسة في مصر متعددة، ويرجع أهمها إلى ارتفاع معدلات البطالة وغلاء المهور والإسكان على وجه الخصوص، وارتفاع أسعار تكاليف الزواج الأخرى الناتجة عن العادات والتقاليد المتبعة، فضلًا عن تباين الكثافة السكانية من حيث الجنس، حيث أن عدد الإناث أكثر من عدد الرجال.

وأضاف عامر أن ازدياد نسبة العنوسة، يُفجر مشكلة داخل الدولة، حيث يؤدي إلى بعض الظواهر غير المقبولة اجتماعيًا ودينيًا، مثل: ظواهر الزواج السري والعرفي بين الشباب في الجامعات، والشذوذ الجنسي بين الفتيات، وأيضًا العنوسة للرجال تعتبر سببًا في الإقبال على إدمان المخدرات.

وأكد أن المجتمع يجب أن يساهم في وضع حل لهذه المشكلة عن طريق تخفيض تكاليف الزواج من مهور وتأثيث السكن، وقبول فكرة تعدد الزوجات اجتماعيًا، ودعم وتشجيع الحكومة للمتزوجين من خفض الضرائب على المرتبات للمتزوجين، ودعم المؤسسات الخيرية عينيًا لغير القادرين على مصروفات الزواج، وزيادة التكافل الاجتماعي بين الأفراد بالمساهمة في تكاليف الزواج.

ومؤخرًا دخلت الأردن ضمن الدول التي تحارب تقاليد الزواج الباهظة، وذلك بعد أن ارتفعت نسبة العنوسة في الدولة لتسجل 42 % ، ما دفع المنظمات النسائية للبحث عن حل لهذه المشكلة التي باتت تؤثر على المجتمع الأردني.

وأطلقت مجموعة من النساء الأردنيات مبادرة تحت اسم "وثيقة الكرك الشعبية"، للحد من الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع الأردني، ووقف كل أشكال التبذير في المناسبات الاجتماعية، وخصوصًا مناسبتي الزواج والوفاة.

وأكدت المبادرة على ضرورة القضاء على كل الأعراف والتقاليد الدخيلة على المجتمع المحلي، والتي من أهمها: ارتفاع تكاليف الأفراح، والتي أصبحت بعيدة كل البعد عما ورد في تعاليم الدين الإسلامي الحنيف واعرافنا المستمدة أصلا من الشريعة الإسلامية.

وفي تصريحات لميسون مبيضين؛ رئيسة تجمع لجان المرأة في الكرك، أكدت أن المرأة الأردنية يقع على عاتقها دور رئيس في تذويب كل المظاهر السلبية "الدخيلة" على المجتمع، الذي بات يُعاني من أعباء مالية أصبحت ترهق كاهله.

وأشارت إلى أنه من الضروري التخلص من هذه المظاهر، وخاصة تلك المتعلقة بالزواج، والتخلي عن تكاليف تُعد غير مبررة في حالات الزواج من عقد قران وإقامة حفلات، الأمر الذي يخفف التكاليف المالية على الشخص المقدم على الزواج، وبالتالي التقليل من نسب الطلاق المرتفعة والناتج معظمها عن إغراق الزوج بالديون؛ والتي تؤدي إلى زيادة المشاكل الأسرية.

كما تدور المبادرة على أن يقوم الأهل بدور كبر في التخفيف من تكاليف الزواج، فلا يبالغون في المهر والحفلات وإقامتها بصالات مكلفة.

وفي اليمن، بدأت الكثير من العائلات في البحث عن مهور أكثر تيسيرًا على الشباب؛ لمحاربة عنوسة الفتيات التي تعدت حاجز المليونين ونصف فتاة في آخر إحصائيات العام الماضي.

وفي ظاهرة جديدة باليمن، طلب أب من شاب ناشط على السوشيال ميديا مليون لايك مهرًا لابنته، وذلك من أجل نشر الوعي لجميع الآباء بضرورة النظر بحكمة لمسائلة المهور والتي باتت قضية تؤرق الجميع.

وبحسب تقرير دولي صدر مطلع العام 2016 فإن اليمن يحتل المرتبة التاسعة عربياً في نسبة عدم زواج الفتيات بواقع 30%.

ونوهت دراسات بحثية، بأن تأخر سن الزواج للشباب، يعود لعدة أسباب، منها اقتصادية، إضافة إلى تمسك الأسرة بعادات وتقاليد وشروط معينة تحول بين زواج الفتيات في سن مبكرة، وقد يكون من الأسباب أيضًا ضعف الثقة بالنفس والقلق والتوتر والاكتئاب وصعوبة الاختيار المناسب بالنسبة للشباب.