يشهد العالم ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التدهور المعرفي المصاحب للتقدم في العمر. ويلاحظ الباحثون وجود رابط مثير للاهتمام بين هذا التدهور وفقدان حاسة الشم. وهو ما يظهر بوضوح لدى مرضى الخرف والزهايمر والباركنسون.
ما تأثير الروائح على تحفيز الذاكرة؟
ووفقًا لـ”dclifemagazine”ربط الباحثون، بناء على ذلك، بين تأثير العطر وتحفيز الذاكرة عند كبار السن، وهو ما يطلق عليه العلاج بالعطور (Aromatherapy).
وأوصى الباحثون باعتماد الإثراء الشمي كأحد الوسائل المبتكرة وقليلة التكلفة لتعزيز الذاكرة وتحسين الأداء المعرفي لدى كبار السن. وقد أظهرت نتائج الدراسات تحسنًا ملحوظًا يصل إلى نسبة عالية (226%) في أداء كبار السن عند تقييمهم باستخدام اختبار راي للتعلم اللفظي السمعي، فيما يعد هذا اختبارا يقيس القدرة على تذكر واستدعاء قائمة من الكلمات. وقد استندت هذه النتائج إلى تجربة عملية تم فيها تعريض مجموعة من كبار السن للروائح العطرية بشكل منتظم لمدة ساعتين ليلًا على مدار ستة أشهر، مما عزز بشكل كبير الربط بين تأثير العطر وتحفيز الذاكرة.

تأثير الروائح على المزاج
ولم يقتصر تأثير الروائح على الذاكرة فحسب، بل امتد ليشمل الحالة المزاجية أيضًا. فقد أثبتت دراسة أجريت عام 2018 على مجموعة من البالغين مدى تأثير الروائح على المزاج، فيما أظهرت المجموعة التي تعرضت للإثراء الشمي بأربعة أنواع من الزيوت العطرية مرتين يوميًا لمدة خمسة أشهر تحسنًا في الذاكرة وانخفاضًا في أعراض الاكتئاب مقارنة بمجموعة أخرى مارست حل ألغاز سودوكو.
ويعود هذا التأثير العميق للروائح على الدماغ إلى طبيعة حاسة الشم الفريدة. فقد أوضح الدكتور مايكل ليون، الأستاذ الفخري لعلم الأحياء العصبية والسلوك في جامعة كاليفورنيا إيرفين، أن حاسة الشم هي الحاسة الوحيدة التي لديها اتصال مباشر بمراكز الذاكرة في الدماغ، بينما يجعل العلاج بالروائح طريقة فعالة لتحفيز هذه المراكز بجهد قليل. وقد أثبت العلماء من خلال الدراسات أن الروائح تحدث تغييرات في بنية الدماغ وتحسن بعض المسارات العصبية الهامة لعمليات التعلم والذاكرة، مثل: تحسن الحزمة السنية في الناحية اليسرى من الدماغ.
الزيوت العطرية التي تظهر العلاقة بين الشم والتذكر
وقد حددت العديد من الدراسات مجموعة من الزيوت العطرية الأساسية التي أظهرت نتائج إيجابية في تعزيز الوظائف المعرفية وتحفيز الذاكرة. كما يعد من أبرزها:
- الورد.
- البرتقال.
- الأوكالبتوس.
- الليمون.
- النعناع.
- إكليل الجبل.
- الخزامى.
العلاج بالعطور: نافذة جديدة لتحفيز الذاكرة وتحسين الإدراك..دراسة تؤكد ذلك
وسائل أخرى لتنشيط الذاكرة وتحسين الوظائف المعرفية للدماغ
إلى جانب العلاج بالعطور، توجد وسائل أخرى يمكن أن تساهم في تنشيط الذاكرة وتحسين الوظائف المعرفية للدماغ،منها:
- حل الألغاز والكلمات المتقاطعة.
- ممارسة الألعاب العقلية مثل السودوكو والشطرنج.
- تعلم مهارة جديدة أو لغة جديدة بهدف خلق روابط عصبية جديدة في الدماغ.
- تناول الأطعمة الغنية بالأوميجا 3 مثل المكسرات، والأسماك الدهنية، وزيت الزيتون.
- الحرص على أكل الاحتياج اليومي من الخضار والفاكهة الملونة، والتي تحتوي على مضادات الأكسدة الواقية للخلايا العصبية من التلف.
- تناول الشيكولاتة الداكنة التي تعزز التركيز وصحة الدماغ بالإضافة إل تعزيز الصحة النفسية.
- ممارسة رياضة المشي السريع أو السباحة لتحسين تدفق الدم في جميع أجزاء الجسم.
- ممارسة التأمل واليوجا لتحسين الانتباه والمزاج.
- الحصول على 7-9 ساعات من النوم الجيد لتعزيز الذاكرة وتحسين أداء وظائف الدماغ.
- القراءة اليومية تساعد على دعم وظائف الإدراك والمعرفة.
ختامًا، يتضح أن حاسة الشم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمراكز المسؤولة عن الذاكرة والوظائف المعرفية في الدماغ، مما يسلط الضوء على أهمية العلاقة بين العطر وتحفيز الذاكرة. ويمكن الاستفادة من هذه العلاقة الإيجابية في دعم الانتباه والتعلم لجميع الفئات العمرية، وخاصة في تعزيز الذاكرة وتحسين الإدراك لدى كبار السن الذين يعانون من تدهور معرفي مثل مرضى الزهايمر والخرف، مما يفتح آمالًا جديدة لتحسين جودة حياتهم.